أَوْ بِأَلْفَاظٍ مُصَحَّفَةٍ يَقَعُ قَضَاءً فَقَطْ، بِخِلَافِ الْهَازِلِ وَاللَّاعِبِ فَإِنَّهُ يَقَعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ هَزْلَهُ بِهِ جِدًّا فَتْحٌ
(أَوْ مَرِيضًا أَوْ كَافِرًا) لِوُجُودِ التَّكْلِيفِ. وَأَمَّا طَلَاقُ الْفُضُولِيِّ وَالْإِجَازَةِ قَوْلًا وَفِعْلًا فَكَالنِّكَاحِ بَزَّازِيَّةٌ
(وَ) بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ (لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْمَوْلَى عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِهِ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» إلَّا إذَا قَالَ زَوَّجْتهَا مِنْك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِي أُطَلِّقُهَا كَمَا شِئْت فَقَالَ الْعَبْدُ: قَبِلْت، وَكَذَا إذَا قَالَ الْعَبْدُ: إذَا تَزَوَّجْتهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِك أَبَدًا كَانَ كَذَلِكَ خَانِيَّةٌ -
ــ
رد المحتار
عَلَيْهِ. وَصُورَتُهُ أَنْ يُعَلِّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فَدَخَلَهَا نَاسِيًا التَّعْلِيقَ أَوْ سَاهِيًا.
(قَوْلُهُ أَوْ بِأَلْفَاظٍ مُصَحَّفَةٍ) نَحْوُ طِلَاعٍ وَتَلَاغٍ وَطَلَاكٍ وَتَلَاكٍ كَمَا يَذْكُرُهُ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ يَقَعُ قَضَاءً) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُخْطِئِ وَمَا بَعْدَهُ ح، لَكِنْ فِي وُقُوعِهِ فِي السَّاهِي وَالْغَافِلِ عَلَى مَا صَوَّرْنَاهُ لَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِالْقَضَاءِ، إذْ لَا فَرْقَ فِي مُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْحِنْثِ بَيْنَ التَّعَمُّدِ وَغَيْرِهِ. تَنْبِيهٌ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِي: ظَنَّ أَنَّهُ وَقَّعَ الثَّلَاثُ عَلَى امْرَأَتِهِ بِإِفْتَاءِ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْفَتْوَى وَكُلِّفَ الْحَاكِمُ كِتَابَتَهَا فِي الصَّكِّ فَكُتِبَتْ ثُمَّ اسْتَفْتَى مِمَّنْ هُوَ أَقَلُّ لِلْفَتْوَى فَأَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ وَالتَّطْلِيقَاتُ الثَّلَاثَةُ مَكْتُوبَةٌ فِي الصَّكِّ بِالظَّنِّ فَلَهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهَا دِيَانَةً وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِي الْحُكْمِ اهـ (قَوْلُهُ وَاللَّاعِبُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْهَازِلِ لِلتَّفْسِيرِ ح (قَوْلُهُ جَعَلَ هَزْلَهُ بِهِ جِدًّا) لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالسَّبَبِ قَصْدًا فَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ وَالْيَمِينِ
(قَوْلُهُ أَوْ مَرِيضًا) أَيْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْمَرَضِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ ط (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرًا) أَيْ وَقَدْ تَرَافَعَا إلَيْنَا لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِالْفُرْقَةِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ كَمَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْكَافِرِ ط.
(قَوْلُهُ لِوُجُودِ التَّكْلِيفِ) عِلَّةٌ لَهُمَا، وَهُوَ جَرَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِأَحْكَامِ الْفُرُوعِ اعْتِقَادًا وَأَدَاءً ط (قَوْلُهُ فَكَالنِّكَاحِ) أَيْ فَكَمَا أَنَّ نِكَاحَ الْفُضُولِيِّ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَكَذَا طَلَاقُهُ ح؛ فَلَوْ حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ فَطَلَّقَ فُضُولِيٌّ، إنْ أَجَازَ الْقَوْلَ حَنِثَ، وَبِالْفِعْلِ لَا بَحْرٌ. وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بِأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا بَعْدَمَا طَلَّقَ الْفُضُولِيُّ كَمَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّ بَعْثَ الْمَهْرِ إلَيْهَا لَيْسَ بِإِجَازَةٍ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَأَنَّهُ نَقَلَ عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ فِي الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ قَوْلَيْنِ فِي قَبْضِ الْجُعْلِ هَلْ هُوَ إجَازَةٌ أَمْ لَا فَرَاجِعْهُ. اهـ.
قُلْت: وَقَدْ يُحْمَلُ مَا فِي الْفَوَائِدِ عَلَى بَعْثِ الْمُعَجَّلِ، فَلَا يُنَافِي مَا فِي النَّهْرِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَاجَهْ) رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا ابْنُ لَهِيعَةَ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَمُرَادُهُ تَقْوِيَةُ الْحَدِيثِ لِأَنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ مُتَكَلِّمٌ فِيهِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُحَدِّثُونَ فِي جَرْحِهِ وَتَوْثِيقِهِ (قَوْلُهُ «الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» ) كِنَايَةٌ عَنْ مِلْكِ الْمُتْعَةِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَالَ) أَيْ الْمَوْلَى عِنْدَ تَزْوِيجِ أَمَتِهِ مِنْ عَبْدِهِ وَصَوَّرَهَا بِمَا إذَا بَدَأَ الْمَوْلَى، لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ الْعَبْدُ فَقَالَ: زَوِّجْنِي أَمَتَك هَذِهِ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك تُطَلِّقُهَا كَمَا شِئْت فَزَوَّجَهَا مِنْهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِ الْمَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ الْفَرْقِ. وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَسْأَلَةٍ قَبْلَهَا، وَهِيَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا طَالِقٌ جَازَ النِّكَاحُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إذَا بَدَأَ الزَّوْجُ وَقَالَ: تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنَّك طَالِقٌ، وَإِنْ ابْتَدَأَتْ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ: زَوَّجْت نَفْسِي مِنْك عَلَى أَنِّي طَالِقٌ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا شِئْت فَقَالَ الزَّوْجُ: قَبِلْت جَازَ النِّكَاحُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَكُونُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ كَانَ الطَّلَاقُ وَالتَّفْوِيضُ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ الْمَرْأَةِ يَصِيرُ التَّفْوِيضُ بَعْدَ النِّكَاحِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا قَالَ بَعْدَ كَلَامِ الْمَرْأَةِ قَبِلْت، وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: قَبِلْت عَلَى أَنَّك طَالِقٌ أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِيَدِك فَيَصِيرُ مُفَوَّضًا بَعْدَ النِّكَاحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) هَذِهِ الصُّورَةُ حِيلَةٌ لِصَيْرُورَةِ الْأَمْرِ بِيَدِ الْمَوْلَى بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُولِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ تَمَّ النِّكَاحُ بِقَوْلِ الْمَوْلَى زَوَّجْتُك أَمَتِي