هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اغْتَسَلَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يُعْتَبَرُ إجْمَاعًا؛ وَيَكْفِي غُسْلٌ وَاحِدٌ لِعِيدٍ وَجُمُعَةٍ اجْتَمَعَا مَعَ جَنَابَةٍ كَمَا لِفَرْضَيْ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ (وَ) لِأَجْلِ (إحْرَامٍ وَ) فِي جَبَلِ (عَرَفَةَ) بَعْدَ الزَّوَالِ.
(وَنُدِبَ لِمَجْنُونٍ أَفَاقَ) وَكَذَا الْمُغْمَى عَلَيْهِ، كَذَا فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ، وَهَلْ السَّكْرَانُ كَذَلِكَ؟ لَمْ أَرَهُ (وَعِنْدَ حِجَامَةٍ وَفِي لَيْلَةِ بَرَاءَةٍ) وَعَرَفَةَ (وَقَدَرَ) إذَا رَآهَا (وَعِنْدَ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةُ غَدَاةَ يَوْمِ النَّحْرِ) لِلْوُقُوفِ (وَعِنْدَ دُخُولِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ) لِرَمْيِ الْجَمْرَةِ (وَ) كَذَا لِبَقِيَّةِ الرَّمْيِ، وَ (عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلِصَلَاةِ كُسُوفٍ) وَخُسُوفٍ (وَاسْتِسْقَاءٍ وَفَزَعٍ وَظُلْمَةٍ وَرِيحٍ شَدِيدٍ) وَكَذَا لِدُخُولِ الْمَدِينَةِ، وَلِحُضُورِ مَجْمَعِ النَّاسِ، وَلِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا أَوْ غَسَّلَ مَيِّتًا أَوْ يُرَادُ قَتْلُهُ وَلِتَائِبٍ مِنْ ذَنْبٍ، وَلِقَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ، وَلِمُسْتَحَاضَةٍ انْقَطَعَ دَمُهَا
ــ
رد المحتار
مَعَ بَيَانِ دَلَائِلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ. وَالْجَوَابُ عَمَّا يُخَالِفُهَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) أَيْ كَوْنُهُ لِلصَّلَاةِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. ابْنُ كَمَالٍ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إنَّهُ لِلْيَوْمِ، وَنُسِبَ إلَى مُحَمَّدٍ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي غُسْلِ الْعِيدِ أَيْضًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ التُّحْفَةِ، وَأَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ لَوْ اغْتَسَلَ وَفِيمَنْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْغُسْلِ وَصَلَّى بِالْوُضُوءِ نَالَ الْفَضْلَ عِنْدَ الْحَسَنِ لَا عِنْدَ الثَّانِي. قَالَ فِي الْكَافِي: وَكَذَا فِيمَنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَصَلَّى بِهِ يَنَالُ عِنْدَ الثَّانِي لَا عِنْدَ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطُ إيقَاعِهِ فِيهِ إظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَمَزِيدِ اخْتِصَاصِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ، قِيلَ وَفِيمَنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ مَشْرُوعِيَّتِهِ دَفْعُ حُصُولِ الْأَذَى مِنْ الرَّائِحَةِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَالْحَسَنُ وَإِنْ قَالَ هُوَ لِلْيَوْمِ، لَكِنْ بِشَرْطِ تَقَدُّمِهِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الْحَدَثِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغُسْلِ عِنْدَهُ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضُرُّ. اهـ. وَلِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ هُنَا بَحْثٌ نَفِيسٌ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ هِدَايَةِ ابْنِ الْعِمَادِ. حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ هَذِهِ الِاغْتِسَالَاتِ الْأَرْبَعَةَ لِلنَّظَافَةِ لَا لِلطَّهَارَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّلَ الْحَدَثُ تَزْدَادُ النَّظَافَةُ بِالْوُضُوءِ ثَانِيًا، وَلَئِنْ كَانَتْ لِلطَّهَارَةِ أَيْضًا فَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوُضُوءِ ثَانِيًا مَعَ بَقَاءِ النَّظَافَةِ فَالْأَوْلَى عِنْدِي الْإِجْزَاءُ وَإِنْ تَخَلَّلَ الْحَدَثُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ طَلَبُ حُصُولِ النَّظَافَةِ فَقَطْ. اهـ. أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُهُ طَلَبُ التَّبْكِيرِ لِلصَّلَاةِ، وَهُوَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى أَفْضَلُ وَهِيَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَرُبَّمَا يَعْسُرُ مَعَ ذَلِكَ بَقَاءُ الْوُضُوءِ إلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَا سِيَّمَا فِي أَطْوَلِ الْأَيَّامِ، وَإِعَادَةُ الْغُسْلِ أَعْسَرُ - {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الحج: ٧٨- وَرُبَّمَا أَدَّاهُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ حَاقِنًا وَهُوَ حَرَامٌ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي الْمِعْرَاجِ: لَوْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ اسْتَنَّ بِالسُّنَّةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ قَطْعُ الرَّائِحَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ) هُوَ شَرْحُ دُرَرِ الْبِحَارِ الْمُؤَلَّفُ فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْكِبَارِ وَمَذَاهِبِ الصَّاحِبَيْنِ عَلَى طَرِيقَةِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ مَعَ غَايَةِ الْإِيجَازِ وَالِاخْتِصَارِ لِلْعَلَّامَةِ الْقُونَوِيِّ الْحَنَفِيِّ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ، أَنَّهُ أَلَّفَهُ فِي نَحْوِ شَهْرٍ وَنِصْفٍ سَنَةَ (٧٤٦) وَعِنْدِي شَرْحٌ عَلَيْهِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ الشَّهِيرِ بِالشَّيْخِ الْبُخَارِيِّ سَمَّاهُ غُرَرَ الْأَفْكَارِ، وَعَلَيْهِ شَرْحٌ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٌ قُطْلُوبُغَا تِلْمِيذِ ابْنِ الْهُمَامِ وَلَعَلَّهُ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) كَالْهِدَايَةِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالدُّرَرِ وَشُرُوحِ الْمَجْمَعِ وَالزَّيْلَعِيِّ.
(قَوْلُهُ: اجْتَمَعَا مَعَ جَنَابَةٍ) أَقُولُ: وَكَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُمَا كُسُوفٌ وَاسْتِسْقَاءٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا نَوَى ذَلِكَ لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْكُلِّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَجْلِ إحْرَامٍ) أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا إمْدَادٌ، وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا قَالَ إنَّهُ لِلْيَوْمِ فَقَطْ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَفِي جَبَلِ عَرَفَةَ إلَخْ) أَرَادَ بِالْجَبَلِ مَا يَشْمَلُ السَّهْلَ مِنْ كُلِّ مَا يَصِحُّ الْوُقُوفُ فِيهِ، وَإِنَّمَا أَقْحَمَ لَفْظَ جَبَلٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْوُقُوفِ نَفْسِهِ لَا لِدُخُولِ عَرَفَاتٍ وَلَا لِلْيَوْمِ. مَطْلَبٌ يَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ
وَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ أَيْضًا: أَيْ أَنْ يَكُونَ لِلْوُقُوفِ أَوْ لِلْيَوْمِ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ، رَدَّهُ فِي الْحِلْيَةِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِلْوُقُوفِ. قَالَ: وَمَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا ذَهَبَ إلَى اسْتِنَانِهِ لِيَوْمِ عَرَفَةَ بِلَا حُضُورِ عَرَفَاتٍ اهـ