مِنْ الْكَرْمِ) أَوْ الْفَوَاكِهِ (بِنَفْسِهِ) فَإِنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ وَاعْتَمَدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فَقَالَ: وَالِاعْتِصَارُ يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ كَمَاءِ الْكَرْمِ وَكَذَا مَاءُ الدَّابُوغَةِ وَالْبِطِّيخِ بِلَا اسْتِخْرَاجٍ وَكَذَا نَبِيذُ التَّمْرِ
(وَ) لَا بِمَاءٍ (مَغْلُوبٍ بِ) شَيْءٍ (طَاهِرٍ) الْغَلَبَةُ إمَّا بِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ بِتَشَرُّبِ نَبَاتٍ أَوْ بِطِّيخٍ بِمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ، وَإِمَّا بِغَلَبَةِ الْمُخَالَطِ، فَلَوْ جَامِدًا فَبِثَخَانَةٍ مَا لَمْ يَزُلْ الِاسْمُ كَنَبِيذِ تَمْرٍ
ــ
رد المحتار
مَطْلَبٌ فِي حَدِيثِ «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ» .
(قَوْلُهُ: مِنْ الْكَرْمِ) أَخْرَجَ السُّيُوطِيّ «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ» زَادَ فِي رِوَايَةٍ «الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ الْخَيْرِ وَالْمَنَافِعِ فِي الْمُسَمَّى بِهَا وَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ، وَهَلْ الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ تَخْصِيصِ شَجَرِ الْعِنَبِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ بِالْكَرْمِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ بِهَا مَعَ اتِّخَاذِ الْخَمْرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهُ وَصْفٌ بِالْكَرْمِ وَالْخَيْرِ لِأَصْلِ هَذَا الشَّرَابِ الْخَبِيثِ الْمُحَرَّمِ وَذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى مَدْحِ الْمُحَرَّمِ، وَتَهْيِيجُ النُّفُوسِ إلَيْهِ مُحْتَمَلٌ. اهـ. مُنَاوِيٌّ وَجَزَمَ فِي الْقَامُوسِ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ بِالثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ) وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ، وَصَدَرَ بِهِ فِي الْكَافِي وَذَكَرَ الْجَوَازَ بِقِيلَ. وَفِي الْحِلْيَةِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ لِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ. وَقَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ: وَمَنْ رَاجَعَ كُتُبَ الْمَذْهَبِ وَجَدَ أَكْثَرَهَا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فَيَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَمَا فِي هَذَا الْمَتْنِ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالِاعْتِصَارُ إلَخْ) فَالْمُرَادُ بِهِ الْخُرُوجُ ط.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا مَاءُ الدَّابُوغَةِ إلَخْ) أَيْ كَمَاءِ الْكَرْمِ فِي الْخِلَافِ وَفِي أَنَّ الْأَظْهَرَ عَدَمُ جَوَازِ رَفْعِ الْحَدَثِ بِهَا وَلَمْ أَجِدْ فِيمَا عِنْدِي مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ لَفْظَ الدَّابُوغَةِ فَلْيُرَاجَعْ ح. وَنَقَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّ الْبِطِّيخَ الْأَخْضَرَ يُقَالُ لَهُ الْحَبْحَبُ وَالدَّابُوغَةُ وَالدَّابُوقَةُ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الْبِطِّيخِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْأَصْفَرِ الْمُسَمَّى بِالْخِرْبِزِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا نَبِيذُ التَّمْرِ) أَيْ فِي أَنَّ الْأَظْهَرَ فِيهِ عَدَمُ الْجَوَازِ أَيْضًا، وَفَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ بَلْ مِنْ قِسْمِ الْمَغْلُوبِ الَّذِي زَالَ اسْمُهُ كَمَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا
(قَوْلُهُ: وَلَا بِمَاءٍ مَغْلُوبٍ) التَّقْيِيدُ بِالْمَغْلُوبِ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ يُمْنَعُ التَّسَاوِي فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: الْغَلَبَةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الْحَدَثِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَعَلَى عَدَمِهِ بِالْمَاءِ الْمُقَيَّدِ، ثُمَّ الْمَاءُ إذَا اخْتَلَطَ بِهِ طَاهِرٌ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ صِفَةِ الْإِطْلَاقِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ وَبَيَانُ الْغَلَبَةِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ عِبَارَاتُ فُقَهَائِنَا. وَقَدْ اقْتَحَمَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الزَّيْلَعِيُّ التَّوْفِيقَ بَيْنَهَا بِضَابِطٍ مُفِيدٍ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ كَابْنِ الْهُمَامِ وَابْنِ أَمِيرٍ الْحَاجِّ وَصَاحِبِ الدُّرَرِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَأَلْطَفِ إشَارَةٍ.
(قَوْلُهُ: بِتَشَرُّبِ نَبَاتٍ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالًا مِنْهُ وَهَذَا يَشْمَلُ مَا خَرَجَ بِعِلَاجٍ أَوْ لَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: بِمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ) كَالْمَرَقِ وَمَاءِ الْبَاقِلَّا أَيْ الْفُولِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقَيَّدًا سَوَاءٌ تَغَيَّرَ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ بَقِيَتْ فِيهِ رِقَّةُ الْمَاءِ أَوْ لَا فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا طَبَخَ فِيهِ مَا يَقْصِدُ بِهِ الْمُبَالَغَةَ فِي النَّظَافَةِ كَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ كَالسَّوِيقِ الْمَخْلُوطِ لِزَوَالِ اسْمِ الْمَاءِ عَنْهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِمَّا بِغَلَبَةِ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ إمَّا بِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ.
(قَوْلُهُ: فَبِثَخَانَةِ) أَيْ فَالْغَلَبَةُ بِثَخَانَةِ الْمَاءِ: أَيْ بِانْتِفَاءِ رِقَّتِهِ وَجَرَيَانِهِ عَلَى الْأَعْضَاءِ زَيْلَعِيٌّ وَأَفَادَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ لَا يَذْكُرَ هَذَا الْقِسْمَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَاءِ وَهَذَا قَدْ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ كَلَامُ الْهِدَايَةِ السَّابِقُ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزُلْ الِاسْمُ) أَيْ فَإِذَا زَالَ الِاسْمُ لَا يُعْتَبَرُ فِي مَنْعِ التَّطَهُّرِ بِهِ الثَّخَانَةُ بَلْ يَضُرُّ وَإِنْ بَقِيَ عَلَى رِقَّتِهِ وَسَيَلَانِهِ وَهَذَا زَادَهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. أَقُولُ: لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَنَبِيذِ تَمْرٍ) وَمِثْلُهُ الزَّعْفَرَانُ إذَا خَالَطَ الْمَاءَ وَصَارَ بِحَيْثُ يُصْبَغُ بِهِ فَلَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الثَّخَانَةِ، وَكَذَا إذَا