أَيْ (إظْهَارِ الْعَزْمِ) مِنْ الزَّوْجِ (عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا) بِأَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ: تَرَكْتُكِ بِلَا وَطْءٍ وَنَحْوَهُ، وَمِنْهُ الطَّلَاقُ وَإِنْكَارُ النِّكَاحِ لَوْ بِحَضْرَتِهَا وَإِلَّا لَا، لَا مُجَرَّدُ الْعَزْمِ لَوْ مَدْخُولَةً وَإِلَّا فَيَكْفِي تَفَرُّقُ الْأَبَدَانِ. وَالْخَلْوَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ، وَالطَّلَاقُ فِيهِ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ جَوْهَرَةٌ. وَلَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ بَزَّازِيَّةٌ.
(قَالَتْ: مَضَتْ عِدَّتِي وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُهُ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ حَلِفِهَا وَإِلَّا) تَحْتَمِلْهُ الْمُدَّةُ (لَا) لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا لَا يُخَالِفُهُ الظَّاهِرُ، ثُمَّ لَوْ بِالشُّهُورِ فَالْمُقَدَّرُ الْمَذْكُورُ، وَلَوْ بِالْحَيْضِ فَأَقَلُّهَا لِحُرَّةٍ سِتُّونَ يَوْمًا.
ــ
رد المحتار
قُلْت: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ فَاسِدًا أُخْتَ امْرَأَتِهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ أَثَرِ هَذَا النِّكَاحِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِهِ بِالْعِدَّةِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَ وَطْئِهِ فِيهَا زِنًا بِهِ، كَمَا لَوْ وَطِئَ مُعْتَدَّتَهُ مِنْ الثَّلَاثِ عَالِمًا بِحُرْمَتِهَا فَإِنَّهُ زِنًا يُحَدُّ بِهِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ النِّكَاحِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّوْجِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَرَجَّحْنَا فِي بَابِ الْمَهْرِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَيْضًا، وَلِذَا ذَكَرَ مِسْكِينٌ مِنْ صُوَرِهَا أَنْ تَقُولَ: فَارَقْتُكَ. اهـ. وَرَجَّحَهُ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخَ هَذَا النِّكَاحِ، وَالْفَسْخُ مُتَارَكَةٌ اهـ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَدَّمْنَا مَا يَدْفَعُهُ اهـ أَيْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ الْمُتَارَكَةَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ فَيَخْتَصُّ بِهَا الزَّوْجُ. اهـ. وَرَدَّهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَا طَلَاقَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَتَقَدَّمَ تَمَامُهُ هُنَاكَ وَأَنَّ الْمَقْدِسِيَّ تَابَعَ الْبَحْرَ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " تَرَكْتُكِ " أَيْ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَكِ، أَوْ فَارَقْتُكِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّحْوِ، أَوْ مِنْ الْإِظْهَارِ (قَوْلُهُ: لَا مُجَرَّدُ الْعَزْمِ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الطَّلَاقِ، أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى إظْهَارِ الْعَزْمِ قَصَدَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى مَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ قَوْلِهِ " أَوْ الْعَزْمُ " عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا وَأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ إظْهَارُ الْعَزْمِ كَمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ كَمَالٍ، لِمَا فِي الْعِنَايَةِ أَنَّ الْعَزْمَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَلَهُ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَكْفِي تَفَرُّقُ الْأَبْدَانِ) أَيْ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى تَرْكِهَا.
قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْمَهْرِ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَتَتَحَقَّقُ الْمُتَارَكَةُ بِالْقَوْلِ، وَبِالتَّرْكِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ تَرْكُهَا عَلَى قَصْدِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا، وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا تَكُونُ الْمُتَارَكَةُ إلَّا بِالْقَوْلِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَالْخَلْوَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ صَحِيحَةً، أَوْ فَاسِدَةً ح. وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَاسِدَةً لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ شَرْعًا عَنْ وَطْئِهَا كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ فَسَادُهَا بِغَيْرِ فَسَادِ النِّكَاحِ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ) أَيْ وَلَا الْمَهْرَ وَإِنَّمَا يَجِبَانِ بِحَقِيقَةِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ) لِأَنَّهَا فِي حَالِ قِيَامِ الْعَقْدِ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهَا فِي احْتِبَاسِهَا فِي بَيْتِهِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي خِلَافُهُ، فَمَا هُنَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ. تَتِمَّةٌ :
ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْعِدَّةِ عِدَّةُ الْمُتَارَكَةِ، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِمَوْتِهِ إلَّا الْحَيْضَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَا حِدَادَ وَلَا نَفَقَةَ فِيهَا، وَأَنَّهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَاسِدًا إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَأَنَّ وُجُوبَهَا فِي الْقَضَاءِ. أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ لَوْ عَلِمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ آخِرِ وَطْءٍ ثَلَاثًا حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِلَا تَفْرِيقٍ وَنَحْوِهِ، وَأَنَّ الْأَرْجَحَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ عِلْمِهَا بِالْمُتَارَكَةِ.
(قَوْلُهُ: قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا يَنْحَصِرُ فِي إخْبَارِهَا بَلْ يَكُونُ بِهِ وَبِالْفِعْلِ، بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ بَعْدَ مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِي مِثْلِهَا الْعِدَّةُ، فَلَوْ قَالَتْ بَعْدَهُ لَمْ تَنْقَضِ لَمْ تُصَدَّقْ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْإِقْرَارِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ) وَأَمَّا إذَا ادَّعَى هُوَ مُضِيَّ عِدَّتِهَا وَكَذَّبَتْهُ فَسَيَأْتِي آخِرَ الْفُرُوعِ (قَوْلُهُ: قُبِلَ قَوْلُهَا مَعَ حَلِفِهَا) أَيْ لَوْ كَانَتْ مُرْضِعًا لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ مِنْ بَعْضِهِنَّ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَوْ بِالشُّهُورِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ أَدْنَى مَا تَحْتَمِلُهُ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ: فَالْمُقَدَّرُ الْمَذْكُورُ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا الْمَذْكُورِ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرَّةِ وَنِصْفُهَا لِلْأَمَةِ (قَوْلُهُ: سِتُّونَ يَوْمًا)