وَتَرْضَى بِهِ، فَلَوْ سَكَتَتْ فَقَوْلَانِ (تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا) بِالْكَسْرِ وَتُضَمُّ.
(وَصَحَّ التَّعْرِيضُ) كَأُرِيدُ التَّزَوُّجَ (لَوْ مُعْتَدَّةَ الْوَفَاةِ) لَا الْمُطَلَّقَةَ إجْمَاعًا لِإِفْضَائِهِ إلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ، وَمُفَادُهُ جَوَازُهُ لِمُعْتَدَّةِ عِتْقٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطْءِ شُبْهَةٍ نَهْرٌ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ بِنَاءَ التَّعْرِيضِ عَلَى الْخُرُوجِ.
ــ
رد المحتار
عَلَى سَوْمِ الْغَيْرِ»
نَهَى عَنْ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ وَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْكَنَ قَلْبُ الْمَرْأَةِ إلَى خَاطِبِهَا الْأَوَّلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي بَابِ الْكَرَاهِيَةِ فَافْهَمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَكَتَتْ فَقَوْلَانِ) أَيْ لِلشَّافِعِيَّةِ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَقَوْلُهُمْ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْجَوَازِ. اهـ.
قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُعْلَمْ رُكُونُ قَلْبِهَا إلَى الْأَوَّلِ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَإِلَّا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِالرِّضَا. (قَوْلُهُ: بِالْكَسْرِ وَتُضَمُّ) لَكِنَّ الضَّمَّ مُخْتَصٌّ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْكَسْرَ بِطَلَبِ الْمَرْأَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، نَعَمْ الضَّمُّ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي غَرِيبٌ كَمَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ التَّعْرِيضُ) خِلَافُ التَّصْرِيحِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ التَّعْرِيضَ هُوَ أَنْ يُقْصَدَ مِنْ اللَّفْظِ مَعْنَاهُ حَقِيقَةً، أَوْ مَجَازًا، أَوْ كِنَايَةً، وَمِنْ السِّيَاقِ مَعْنَاهُ مُعَرَّضًا بِهِ، فَالْمَوْضُوعُ لَهُ وَالْمُعَرَّضُ بِهِ كِلَاهُمَا مَقْصُودَانِ لَكِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ اللَّفْظُ فِي الْمُعَرَّضِ بِهِ، كَقَوْلِ السَّائِلِ جِئْتُك لِأُسَلِّمَ عَلَيْك، فَيَقْصِدُ مِنْ اللَّفْظِ السَّلَامَ وَمِنْ السِّيَاقِ طَلَبَ شَيْءٍ. (قَوْلُهُ: كَأُرِيدُ التَّزَوُّجَ) وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - إلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا - قَالَ: يَقُولُ: إنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نَجْتَمِعَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالتَّزْوِيجِ وَالنِّكَاحِ، وَنَحْوُهُ: إنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، أَوْ صَالِحَةٌ فَتْحٌ.
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقُولُ: أَرْجُو أَنْ نَجْتَمِعَ وَإِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ إذْ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُشَافِهَ أَجْنَبِيَّةً بِهِ اهـ وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ مَأْثُورٌ وَأَقَرَّهُ مَشَايِخُ الْمَذْهَبِ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مِنْ التَّعْرِيضِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لِإِرَادَةِ التَّزَوُّجِ، وَمَنْعُهُ هُوَ الْمَمْنُوعُ، فَإِنَّهُ لَوْ خَاطَبَ أَجْنَبِيَّةً بِصَرِيحِ التَّزَوُّجِ وَالنِّكَاحِ عَلَى وَجْهِ الْخِطْبَةِ يَجُوزُ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْهُ فَالتَّعْرِيضُ أَوْلَى نَعَمْ يُمْنَعُ خِطَابُهَا بِمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْرِضِ الْخِطْبَةِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: لَا الْمُطَلَّقَةَ إجْمَاعًا إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ، وَشَمِلَ الْمُطَلَّقَةَ الْبَائِنَ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ التَّعْرِيضَ لَا يَجُوزُ فِي الْمُطَلَّقَةِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِهَا أَصْلًا، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّعْرِيضِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ وَلِإِفْضَائِهِ إلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ. اهـ.
وَيُنَافِي نَقْلُ الْإِجْمَاعِ مَا فِي الِاخْتِيَارِ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ التَّصْرِيحُ وَلَا التَّلْوِيحُ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَوَّلِ قَائِمٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ التَّعْلِيلِ حَيْثُ قُيِّدَ بِعَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ، وَالضَّمِيرُ فِي جَوَازِهِ لِلتَّعْرِيضِ، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْخِطْبَةِ وَالتَّعْرِيضِ ط أَيْ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خِطْبَةُ مُعْتَدَّةِ عِتْقٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هَكَذَا: وَلَمْ يُوجَدْ نَصٌّ فِي مُعْتَدَّةِ عِتْقٍ وَمُعْتَدَّةِ وَطْءٍ بِالشُّبْهَةِ وَفُرْقَةٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّضَ لِلْأُولَيَيْنِ بِخِلَافِ الْأُخْرَيَيْنِ. فَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُمَا مِنْ الْبَيْتِ، بِخِلَافِ الْأُولَيَيْنِ. وَفِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ بِنَاءَ التَّعْرِيضِ عَلَى الْخُرُوجِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأُولَيَيْنِ - أَيْ مُعْتَدَّةَ الْعِتْقِ وَمُعْتَدَّةَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ - يَجُوزُ أَنْ يُعَرِّضَ لَهُمَا لِجَوَازِ خُرُوجِهِمَا مِنْ بَيْتِ الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ مُعْتَدَّةِ الْفُرْقَةِ أَيْ الْفَسْخِ وَمُعْتَدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، فَلَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ لَهُمَا لِعَدَمِ جَوَازِ خُرُوجِهِمَا، فَإِنَّ جَوَازَ التَّعْرِيضِ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْخُرُوجِ إذْ لَا يُتَمَكَّنُ مِنْ التَّعْرِيضِ لِمَنْ لَا تَخْرُجُ، لَكِنْ نَصَّ فِي كَافِي الْحَاكِمِ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ مُعْتَدَّةِ الْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ، نَعَمْ يُشْكِلُ ذَلِكَ فِي مُعْتَدَّةِ الْعِتْقِ فَإِنَّك عَلِمْت مِمَّا مَرَّ تَعْلِيلَ حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ بِإِفْضَائِهِ إلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ، وَمُعْتَدَّةُ الْعِتْقِ فِيهَا ذَلِكَ، فَإِنَّ سَيِّدَهَا الَّذِي أَعْتَقَهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ إذَا كَانَ مُرَادُهُ.