وَفِي الْحَاوِي: تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَطَلَبَتْ تَرْبِيَتَهُ بِنَفَقَةٍ وَالْتَزَمَهُ ابْنُ عَمِّهِ مَجَّانًا وَلَا حَاضِنَةَ لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ.
(وَلَا تُجْبَرُ) مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ (عَلَيْهَا إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ لَهَا) بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلصَّغِيرِ مَالٌ بِهِ يُفْتَى خَانِيَّةٌ وَسَيَجِيءُ فِي النَّفَقَةِ.
وَإِذَا أَسْقَطَتْ الْأُمُّ حَقَّهَا صَارَتْ كَمَيِّتَةٍ، أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ فَتَنْتَقِلُ لِلْجَدَّةِ بَحْرٌ.
(وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الصَّغِيرِ فِيهَا) حَتَّى لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ التَّزَوُّجِ صَحَّ الْخُلْعُ.
ــ
رد المحتار
فِي دَفْعِهِ لِلْأُمِّ مَصْلَحَةً زَائِدَةً وَهِيَ إبْقَاءُ مَالِهِ فَكَانَتْ أَوْلَى، بَلْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى وَهِيَ كَوْنُ الْأُمِّ أَشْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصِيِّ وَهِيَ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.
وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرْ الضَّرَرَ فِي الْمَالِ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ لُزُومِ دَفْعِهِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي لَا حَقَّ لَهَا فِي الْحَضَانَةِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا، حَتَّى لَوْ طَلَبَتْ الْأُمُّ الْمُتَزَوِّجَةُ بِالْأَجْنَبِيِّ تَرْبِيَتَهُ بِنَفَقَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَتَبَرَّعَ الْوَصِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهَا أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَبَرُّعُ الْوَصِيِّ تَأَمَّلْ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ مُتَبَرِّعٍ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ كَالْعَمَّةِ، أَوْ الْخَالَةِ وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ الْأُمِّ وَالْأَجْنَبِيِّ. تَنْبِيهٌ :
وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى سُئِلْتُ عَنْهَا قَدِيمًا، وَهِيَ: صَغِيرٌ مَاتَتْ أُمُّهُ وَتَرَكَتْ لَهُ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ، وَجَدَّةٌ أُمُّ أُمٍّ، وَجَدَّةٌ أُمُّ أَبٍ مُتَزَوِّجَةٌ بِجَدِّهِ أَرَادَتْ أُمُّ أُمِّهِ تَرْبِيَتَهُ بِأَجْرٍ، وَأُمُّ أَبِيهِ تَرْضَى بِذَلِكَ مَجَّانًا. فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ يُدْفَعُ لِلْمُتَبَرِّعَةِ أَخْذًا مِمَّا هُنَا، فَإِنَّهُ إذَا دُفِعَ لِلْأُمِّ السَّاقِطَةِ الْحَضَانَةِ إبْقَاءً لِمَالِهِ مَعَ كَوْنِهَا تُرَبِّيهِ فِي حِجْرِ زَوْجِهَا الْأَجْنَبِيِّ فَبِالْأَوْلَى دَفْعُهُ لِأُمِّ أَبِيهِ الْمُتَبَرِّعَةِ إبْقَاءً لِمَالِهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي حِجْرِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ الشَّفُوقَيْنِ عَلَيْهِ، وَكُنْت جَمَعْت فِيهَا رِسَالَةً سَمَّيْتُهَا الْإِبَانَةَ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَضَانَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَالْتَزَمَهُ ابْنُ عَمِّهِ مَجَّانًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَالْتَزَمَ ابْنُ الْعَمِّ أَنْ يُرَبِّيَهُ مَجَّانًا وَهِيَ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَاضِنَةَ لَهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ حَاضِنَةٌ كَالْعَمَّةِ، أَوْ الْخَالَةِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ أُمِّهِ لِسُقُوطِ حَقِّهَا بِالتَّزَوُّجِ بِأَجْنَبِيٍّ وَمِنْ ابْنِ الْعَمِّ لِتَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَوْلَى وَإِنْ طَلَبَتْ النَّفَقَةَ لِأَنَّهَا الْحَاضِنَةُ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِالْتِزَامُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْتَزَمَهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَهُ حَقُّ حَضَانَةِ الْغُلَامِ حَيْثُ لَا حَاضِنَةَ غَيْرُهُ، وَالْأُمَّ سَاقِطَةُ الْحَضَانَةِ هُنَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَ النَّفَقَةَ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُوَ الْحَاضِنُ حَقِيقَةً، ثُمَّ رَأَيْت السَّائِحَانِيَّ كَتَبَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَضَانَةِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَى الْإِرْضَاعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النَّفَقَةِ، حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى أُمِّهِ إرْضَاعُهُ إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ، وَبِهَذَا تَنْدَفِعُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ إلَخْ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَوْلَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَقَامِ تَعَيُّنِهَا لِلْإِرْضَاعِ، فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا صَوَّبْنَاهُ، وَقَوْلُهُ " وَسَيَجِيءُ فِي النَّفَقَةِ " مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا أَيْضًا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي سَيَجِيءُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: فَتَنْتَقِلُ لِلْجَدَّةِ) أَيْ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ لِمَنْ يَلِي الْأُمَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَالْجَدَّةِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَلِمَنْ يَلِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَاسْتَظْهَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ هَذَا الْإِسْقَاطَ لَا يَدُومُ فَلَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّ حَقَّهَا يَثْبُتُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَسْقُطُ الْكَائِنُ لَا الْمُسْتَقْبَلُ اهـ أَيْ فَهُوَ كَإِسْقَاطِهَا الْقَسْمَ لِضَرَّتِهَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ لِأَنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ السَّاقِطِ، بِخِلَافِ إسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ.
ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: وَعَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ: مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ مِنْهُ وَأَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَهَلْ لَهَا الرُّجُوعُ بِأَخْذِ الْوَلَدِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ لَهَا ذَلِكَ فَإِنَّ أَقْوَى الْحَقَّيْنِ فِي الْحَضَانَةِ لِلصَّغِيرِ، وَلَئِنْ أَسْقَطَتْ الزَّوْجَةُ حَقَّهَا فَلَا تَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ أَبَدًا. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فِي الْحَضَانَةِ، هَلْ هِيَ حَقُّ الْحَاضِنَةِ، أَوْ حَقُّ الْوَلَدِ؟ فَقِيلَ بِالْأَوَّلِ فَلَا تُجْبَرُ إذَا امْتَنَعَتْ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.