(لَا مُكَاتَبًا) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ، وَهُوَ يُخَالِفُ الْمُكَاتَبَ فِي عِشْرِينَ مَسْأَلَةٍ ذَكَرَ مِنْهَا تِسْعَةً فَقَالَ (فَلَا يَتَوَقَّفُ) عِتْقُهُ (عَلَى قَبُولِهِ وَلَا يَبْطُلُ بِرَدِّهِ، وَلِلْمَوْلَى بَيْعُهُ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْأَدَاءُ) وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ هَلْ يَجِبُ قَبُولُ مَا يَأْتِي بِهِ؟ خِلَافٌ (وَعَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ) بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ لِلْمَالِ أَخَذَهُ.
(وَلَوْ أَدَّى عَنْهُ غَيْرُهُ تَبَرُّعًا) أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْأَدَاءِ فَأَدَّى (لَا) يَعْتِقُ
ــ
رد المحتار
فَيَمْلِكُ حَجْرَهُ بِالْأَوْلَى. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ السَّائِحَانِيُّ الْأَوَّلَ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ لَهُ أَيْضًا أَخْذُ مَا ظَفِرَ بِهِ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالْأَدَاءِ) أَمَّا الْكِتَابَةُ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، نَعَمْ هُوَ تَعْلِيقٌ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ وَمُعَاوَضَةٌ نَظَرًا إلَى الْمَقْصُودِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ لَازِمًا عَلَى الْعَبْدِ تَأَخَّرَ اعْتِبَارُ الْمُعَاوَضَةِ إلَى وَقْتِ أَدَائِهِ إيَّاهُ، وَلَمَّا تَأَخَّرَ إلَى ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ أَحْكَامِ الْمُعَاوَضَةِ إلَّا مَا هُوَ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَهُوَ مَا إذَا وَجَدَ السَّيِّدُ بَعْضَ الْمُؤَدَّى زُيُوفًا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْجِيَادِ وَتَقْدِيمُ مِلْكِ الْعَبْدِ لِمَا أَدَّاهُ وَإِنْزَالِهِ قَابِضًا إذَا أَتَاهُ بِهِ. وَأَمَّا فِيمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ فَالْمُعْتَبَرُ جِهَةُ التَّعْلِيقِ فَكَثُرَتْ آثَارُهُ، فَلِذَا خَالَفَ الْمُعَاوَضَةَ الَّتِي هِيَ الْكِتَابَةُ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ. اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى قَبُولِهِ) فَإِذَا أَدَّى بَعْدَ قَوْلِ الْمَوْلَى إنْ أَدَّيْت إلَخْ عَتَقَ، وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي الْكِتَابَةِ كَمَا فِي الْوِقَايَةِ ط (قَوْلُهُ وَلَا يَبْطُلُ بِرَدِّهِ) أَيْ وَلَوْ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ لَا أَرْضَى (قَوْلُهُ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ) أَيْ شَرْطِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا، وَلَكِنْ لَوْ قَبَضَهُ عَتَقَ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَيُعَدُّ قَابِضًا بَحْرٌ. وَاخْتَارَ فِي الْفَتْحِ الْأَوَّلَ وَبَيَّنَ وَجْهَهُ، ثُمَّ إنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ رَابِعَةٌ. قَالَ ط: وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَإِنْ عَدَّهَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُبَاعُ (قَوْلُهُ وَعَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ) التَّخْلِيَةُ: رَفْعُ الْمَوَانِعِ، بِأَنْ يَضَعَ الْمَالَ بَيْنَ يَدَيْ الْمَوْلَى بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ، فَحِينَئِذٍ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ قَبَضَهُ، وَكَذَا فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبْضِهِ: أَيْ حَكَمَ بِهِ لَا أَنَّهُ يَجْبُرُهُ عَلَيْهِ بِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ.
وَإِنَّمَا ذَكَرَ التَّخْلِيَةَ لِيُفِيدَ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِحَقِيقَةِ الْقَبْضِ بِالْأَوْلَى بَحْرٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ صَحِيحًا، أَمَّا لَوْ كَانَ خَمْرًا أَوْ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً كَمَا لَوْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ خَمْرًا أَوْ ثَوْبًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّى ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِمَا: أَيْ لَا يُنْزَلُ قَابِضًا إلَّا إنْ أَخَذَهُ مُخْتَارًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّخْلِيَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَوْ الْعِوَضُ صَحِيحًا مَعْلُومًا وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحَقِيقَةِ الْقَبْضِ وَهَذَا مَعْنَى مَا نَقَلَهُ ح عَنْ النَّهْرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَمَحَلُّ ذِكْرِهِ هُنَا كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ
الْعِتْقُ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يَخُصُّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ كَذَلِكَ، فَلَا وَجْهَ لِعَدِّ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُخَالَفَةِ كَمَا أَفَادَهُ ح وَلِذَا لَمْ يَعُدُّهَا مِنْهَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ عِنْدَ زُفَرَ لَا يَعْتِقُ بِالتَّخْلِيَةِ، وَعَلَيْهِ تَظْهَرُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْأَدَاءِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا إذَا أَدَّى مَدْيُونُ الْعَبْدِ عَنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَوْ أَسْقَطَ التَّبَرُّعَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ ح.
قُلْت: وَفِيهِ أَنَّ أَدَاءَ الْمَدْيُونِ دَيْنًا عَلَى دَائِنِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ بَرِئَ الْمَدْيُونُ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ، فَمَسْأَلَةُ مَدْيُونِ الْعَبْدِ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ أَحَدِهِمَا، نَعَمْ لَوْ أَسْقَطَ مُتَبَرِّعًا اسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ أَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ هَذَا. وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ عَنْ الْمُحِيطِ، ثُمَّ نَقَلَهُ بَعْدَ وَرَقَةٍ عَنْ الْبَدَائِعِ: لَوْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ لَهُ إنْ أَدَّيْتُمَا إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِأَدَاءِ الْأَلْفِ وَلَمْ يُوجَدْ وَكَذَا لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا الْأَلْفَ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِهِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا الْأَلْفَ وَقَالَ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ عِنْدِي وَخَمْسُمِائَةٍ بَعَثَ بِهَا صَاحِبِي لِيُؤَدِّيَهَا إلَيْك عَتَقَا لِوُجُودِ الشَّرْطِ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَحِصَّةُ الْآخَرِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا بَابٌ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ فَقَامَ أَدَاؤُهُ مَقَامَ أَدَاءِ صَاحِبِهِ. اهـ.
قَالَ وَبَيْنَ النَّقْلَيْنِ تَنَافٍ، إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ بِأَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ إعْطَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ. وَمَا فِي الْبَدَائِعِ