وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ يُكْرَهُ شُرْبُهُ وَالْعَجْنُ بِهِ تَنْزِيهًا لِلِاسْتِقْذَارِ، وَعَلَى رِوَايَةِ نَجَاسَتِهِ تَحْرِيمًا (وَ) حُكْمُهُ أَنَّهُ (لَيْسَ بِطَهُورٍ) لِحَدَثٍ بَلْ لِخَبَثٍ عَلَى الرَّاجِحِ الْمُعْتَمَدِ.
فَرْعٌ اُخْتُلِفَ فِي مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ
ــ
رد المحتار
هِيَ الْمَشْهُورَةُ عَنْهُ، وَاخْتَارَهَا الْمُحَقِّقُونَ، قَالُوا عَلَيْهَا الْفَتْوَى، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ. وَاسْتَثْنَى الْجُنُبَ فِي التَّجْنِيسِ إلَّا أَنَّ الْإِطْلَاقَ أَوْلَى وَعَنْهُ التَّخْفِيفُ وَالتَّغْلِيظُ، وَمَشَايِخُ الْعِرَاقِ نَفَوْا الْخِلَافَ وَقَالُوا إنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ الْكُلِّ. وَقَدْ قَالَ الْمُجْتَبَى: صَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الْكُلِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ، فَالِاشْتِغَالُ بِتَوْجِيهِ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ مِمَّا لَا جَدْوَى لَهُ نَهْرٌ، وَقَدْ أَطَالَ فِي الْبَحْرِ فِي تَوْجِيهِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، وَرَجَّحَ الْقَوْلَ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ لِقُوَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ أَيْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ رِوَايَةَ الطَّهَارَةِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى فِي الْكَافِي وَالْمُصَفَّى كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ شُرْبِهِ عَلَى رِوَايَةِ الطَّهَارَةِ، وَمِثْلُ الشُّرْبِ التَّوَضُّؤُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ مَا أَعَدَّ لَهُ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ تَوَضَّأَ فِي إنَاءٍ فِي الْمَسْجِدِ جَازَ عِنْدَهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى) مُتَعَلِّقٌ بِيُكْرَهُ مَحْذُوفًا مَعْطُوفٌ عَلَى يُكْرَهُ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: تَحْرِيمًا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى رِوَايَةِ الطَّهَارَةِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّجَاسَةِ فَحَرَامٌ {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} الأعراف: ١٥٧ وَالنَّجَسُ مِنْهَا. اهـ. وَأَجَابَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ وَأَقَرَّهُ النَّهْرُ بِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْهَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ؛ وَلِذَا عَبَّرُوا بِالْكَرَاهَةِ فِي لَحْمِ الْحِمَارِ وَنَحْوِهِ. فَرْعٌ
الْمَاءُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَإِنْ تَغَيَّرَ وَصْفُهُ لَمْ يَجُزْ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِحَالٍ كَبَلِّ الطِّينِ وَسَقْيِ الدَّوَابِّ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ بِطَهُورٍ) أَيْ لَيْسَ بِمُطَهِّرٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ بَلْ لِخَبَثٍ: أَيْ نَجَاسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إزَالَتُهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمَائِعَاتِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ
فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ
مَطْلَبٌ مَسْأَلَةُ الْبِئْرِ " جحط: (قَوْلُهُ فَرْعٌ إلَخْ) هَذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ وَمَسْأَلَةُ الْبِئْرِ " جحط " فَأَشَارَ بِالْجِيمِ إلَى مَا قَالَ الْإِمَامُ إنَّ الرَّجُلَ وَالْمَاءَ نَجِسَانِ، وَبِالْحَاءِ إلَى مَا قَالَ الثَّانِي إنَّهُمَا بِحَالِهِمَا، وَبِالطَّاءِ إلَى مَا قَالَ الثَّالِثُ مِنْ طَهَارَتِهِمَا، ثُمَّ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي نَجَاسَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَقِيلَ لِلْجَنَابَةِ فَلَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَقِيلَ لِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَيَقْرَأُ إذَا غَسَلَ فَاهُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ. قُلْت: وَمَبْنَى الْأَوَّلِ عَلَى تَنَجُّسِ الْمَاءِ لِسُقُوطِ فَرْضِ الْغُسْلِ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ قَبْلَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْجَنَابَةِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ، وَيَنْبَغِي عَلَى الْأَوَّلِ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ نَجَاسَةَ الْمَاءِ أَيْضًا لَا الْجَنَابَةَ فَقَطْ تَأَمَّلْ، وَمَبْنَى قَوْلِ الثَّانِي عَلَى اشْتِرَاطِ الصَّبِّ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْجَنَابَةِ فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْجَارِي وَمَا فِي حُكْمِهِ، وَمَبْنَى قَوْلِ الثَّالِثِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَلَمْ يَصِرْ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِلضَّرُورَةِ، كَذَا قَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي مُحْدِثٍ) أَيْ حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ جَنَابَةً أَوْ حَيْضًا أَوْ نِفَاسًا بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا، أَمَّا قَبْلَ الِانْقِطَاعِ وَلَيْسَ عَلَى أَعْضَائِهِمَا نَجَاسَةٌ فَهُمَا كَالطَّاهِرِ إذَا انْغَمَسَ لِلتَّبَرُّدِ لِعَدَمِ خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ، فَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ، وَتَمَامُهُ فِي ح (قَوْلُهُ فِي بِئْرٍ) أَيْ دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ " ح " أَيْ وَلَيْسَتْ جَارِيَةً (قَوْلُهُ لِدَلْوٍ) أَيْ لِاسْتِخْرَاجِهِ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلِاغْتِسَالِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا اتِّفَاقًا قَالَ فِي النَّهْرِ: أَيْ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالثَّالِثِ لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الصَّبِّ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي. اهـ. وَذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا.