(وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ وَلَدًا ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَى) إذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ بِنَحْوِ نِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ وَطْءِ ابْنِهِ أَوْ الْمَوْلَى أُمَّهَا، فَحِينَئِذٍ لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَعْوَةٍ، إلَّا فِي الْمُزَوَّجَةِ فَلَا يَثْبُتُ بَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِدَعْوَتِهِ وَلَوْ لِأَقَلَّ
ــ
رد المحتار
الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ آخَرُ، فَكَانَ الْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءً بِمَا لَا قَائِلَ بِهِ فَلَا يَنْفُذُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ.
قُلْت: لَكِنَّ الْمُقَرَّرَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْحُكْمَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مِنْهُ مَا لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَإِنْ نَفَّذَهُ أَلْفُ قَاضٍ، وَهُوَ مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً مَشْهُورَةً أَوْ إجْمَاعًا، وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْخِلَافُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَيَرْتَفِعُ بِالْحُكْمِ، حَتَّى لَوْ رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ لَا يَرَاهُ أَمْضَاهُ. وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْخِلَافُ بَعْدَ الْحُكْمِ أَيْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ بِهِ، فَهَذَا إنْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرَاهُ أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَ يَرَاهُ أَمْضَاهُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ أَنَّهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ أَنَّهُ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ إجْمَاعًا كَحِلِّ الْمُتْعَةِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى فَسَادِهِ وَكَبَيْعِ أُمِّ وَلَدٍ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ يَنْفُذُ عَلَى الْأَصَحِّ، فَجَعَلَ عَدَمَ النَّفَاذِ مَبْنِيًّا عَلَى مُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ إلَخْ فَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّحْرِيرِ عَزَا قَوْلَهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ إلَى الْجَامِعِ. وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمَسْبُوقَ بِخِلَافٍ مُخْتَلَفٌ فِي كَوْنِهِ إجْمَاعًا فَفِيهِ شُبْهَةٌ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ فَكَذَا فِي مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ ذَلِكَ الْحُكْمُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ، فَكَانَ الْقَضَاءُ بِهِ نَافِذًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ. وَقَالَ شَارِحُهُ: ثُمَّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَضَاءِ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي مُتَعَلِّقِهِ الَّذِي هُوَ جَوَازُ الْبَيْعِ لَا فِي نَفْسِ مُتَعَلِّقِهِ فَقَطْ فَيَتَّجِهُ مَا فِي الْجَامِعِ لِأَنَّ قَضَاءَ الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ أَعْنِي الْأَوَّلَ، فَلِذَا قَالَ فِي الْكَشْفِ وَهَذَا أَوْجَهُ الْأَقَاوِيلِ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ ١
فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ لَهُ فِرَاشًا عَلَيْهَا، فَإِنْ نَفَاهُ ثَبَتَ مِنْ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ حُرًّا لَوْ نَفَاهُ الْبَائِعُ، وَلَوْ بَاعَ مُدَبَّرَتَهُ وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثَبَتَ مِنْهُ وَلَمْ يَعْتِقْ وَرَدَّهُ مَعَ أُمِّهِ إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَغْرُورٍ مُحِيطٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْوَلَدِ الَّذِي ثَبَتَ مِنْهُ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ بِنِكَاحِهِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَحْرُمْ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ بِلَا دَعْوَى (قَوْلُهُ بِنَحْوِ نِكَاحٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ حُرْمَةٍ مُزِيلَةٍ لِلْفِرَاشِ، بِخِلَافِ الْحُرْمَةِ بِالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ، وَأُدْخِلَ بِلَفْظٍ نَحْوِ الِاشْتِرَاكِ فِيهَا فَلَوْ وَلَدَتْ الْمُشْتَرَكَةُ وَلَدًا ثَانِيًا لَمْ يَثْبُتْ بِلَا دَعْوَى كَمَا سَيَذْكُرُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا وَيَأْتِي بَيَانُهُ، أَوْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ بِسَبَبِ إرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ وَطْءِ ابْنِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَالْمُرَادُ أَنْ يَطَأَهَا أَحَدُ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَوْلَى أُمَّهَا) الْمُرَادُ أَنْ يَطَأَ الْمَوْلَى إحْدَى أُصُولِهَا أَوْ فُرُوعِهَا ح (قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ) أَيْ فَحِينَ إذْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ اهـ ح (قَوْلُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ. قَالَ ح: وَالْأَوْلَى لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَعْوَةٍ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا بَعْدَ الْحُرْمَةِ فَكَانَتْ حُرْمَةُ الْوَطْءِ كَالنَّفْيِ دَلَالَةً، فَإِنْ ادَّعَاهُ يَثْبُتُ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تُزِيلُ الْمَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا يَثْبُتُ) لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَهُوَ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِأَقَلَّ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ عَزْوِهِ مَا مَرَّ لِلْبَدَائِعِ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ السِّتَّةِ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ عُرُوضِ الْحُرْمَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ لِلتَّيَقُّنِ بِأَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ قَبْلَ عُرُوضِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بَحْثًا اهـ أَيْ فَقَدْ وَافَقَ بَحْثُهُ مَفْهُومَ الرِّوَايَةِ فَافْهَمْ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا زَوَّجَهَا الْمَوْلَى غَيْرَ عَالِمٍ بِالْحَمْلِ لِمَا فِي التَّوْشِيحِ وَغَيْرِهِ فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ قَبْلَ اعْتِرَافِهِ بِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَيَكُونُ نَفْيًا اهـ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ فِي فَصْلِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْقِنَّةِ كَأُمِّ الْوَلَدِ بِالْأَوْلَى