(بِخِلَافِ الْبُنُوَّةِ وَالْإِرْثِ وَالْوَلَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُمَا سَوِيَّةً وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ نَصِيبًا مِنْ الْآخَرِ) لِعَدَمِ تُجْزِئُ النَّسَبِ فَيَكُونُ سَوِيَّةً لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَيَتْبَعُهُ الْإِرْثُ وَالْوَلَاءُ (وَوَرِثَ الِابْنُ مِنْ كُلٍّ إرْثَ ابْنٍ) كَامِلٍ (وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ) وَاحِدٍ، وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ لَوْ كَثُرُوا وَلَوْ نِسَاءً؛ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ: لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَعْتَقَهَا عَتَقَتْ بِلَا شَيْءٍ.
قُلْت: فَالْعِتْقُ إنَّمَا يَتَجَزَّأُ فِي الْقِنَّةِ لَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ، بَلْ يَعْتِقُ بَعْضُهَا بِعِتْقِ كُلِّهَا اتِّفَاقًا مُجْتَبًى فَلْيُحْفَظْ.
(جَارِيَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْآخَرُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ) مِنْهُمَا (مَعًا
ــ
رد المحتار
وَالْكَسْبُ وَالْخِدْمَةُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبُنُوَّةِ) أَيْ النَّسَبِ (قَوْلُهُ وَالْإِرْثُ) أَيْ إرْثُ الْوَلَدِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ) حَقُّ التَّعْبِيرِ وَالْوِلَايَةُ: أَيْ وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِكُلِّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ كَمَلًا، وَكَذَا فِي الْمَالِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ وَصَايَا الْخَانِيَّةِ: فَإِنْ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ مَالٌ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لَهُ مِنْ أُمِّهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ. اهـ. (قَوْلُهُ سَوِيَّةً) أَيْ لَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ بَلْ يَسْتَوِيَانِ فِي ثُبُوتِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَلًا (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَجَزُّؤِ النَّسَبِ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: النَّسَبُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَجَزَّأُ، لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَجَزِّئَةٌ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْحَضَانَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَأَحْكَامٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ، فَمَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّجْزِئَةِ، وَمَا لَا يَقْبَلُهَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ اهـ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إرْثَ ابْنٍ كَامِلٍ) لِإِقْرَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ عَلَى الْكَمَالِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا فَيَقْتَسِمَانِ نَصِيبَهُ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ نَهْرٌ. وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ كُلُّ الْمِيرَاثِ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا، وَلَا يَكُونُ نِصْفُهُ لِلْبَاقِي وَنِصْفُهُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ كَذَا قَالُوا، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْبَاقِيَّ، فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا حَمَوِيٌّ عَنْ الْيَعْقُوبِيَّةِ. وَأَجَابَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ عَدَمَ تَوْرِيثِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لِلْمَانِعِ وَهُوَ حَجْبُهُمْ بِأُبُوَّةِ الْبَاقِي لِثُبُوتِهَا لَهُ كَمَلًا، وَلَا مَانِعَ لِعِتْقِ الْأُمِّ بِمَوْتِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ جَمَاعَةً وَادَّعَوْهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمْ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَطْ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ. وَعِنْدَ زُفَرَ مِنْ خَمْسَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ نِسَاءً) أَيْ لَوْ تَنَازَعَ فِيهِ امْرَأَتَانِ قَضَى بِهِ أَيْضًا بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا، وَلَوْ مَعَهُمَا رَجُلٌ يَقْضِي بَيْنَهُمْ عِنْدَهُ؛ وَلِلرَّجُلِ فَقَطْ عِنْدَهُمَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ عَتَقَتْ بِلَا شَيْءٍ) أَيْ بِلَا سِعَايَةٍ، وَلَا ضَمَانَ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ تَقَوُّمِهَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) هُوَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَقَالَ إنَّهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُجْتَبَى.
قُلْت: وَاَلَّذِي فِي الْمُجْتَبَى قَالَ أُسْتَاذُنَا: ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ قَوْلَهُ عَتَقَتْ بِالْإِجْمَاعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ كَشَفَ السِّرَّ فِيهِ الْقَاضِي الصَّدْرُ فِي غِنَى الْفُقَهَاءِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ، لَكِنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ فَيَسْرِي إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَ الْعِتْقَ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ بَعْضَ الْقِنِّ نَظَرًا لِلسَّاكِنِ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ بِالضَّمَانِ، أَوْ السِّعَايَةِ قَبْلَ بُطْلَانِ مِلْكِهِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَا الضَّمَانُ وَلَا السِّعَايَةُ عِنْدَهُ، فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِ الْعِتْقِ فِيهِ فَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي تَجْزِئِ إعْتَاقِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُ كَالتَّدْبِيرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَقَوْلُهُ لَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ يُفِيدُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ فِي الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ، وَذَكَرْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ط عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَجْزِئِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ لَا عَلَى تَجَزُّؤِ إعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعَهَا) أَمَّا لَوْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ كَانَ الدَّعْوَى فَهُوَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى