وَلَا شَيْءَ لِلْمُدَبَّرِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
كِتَابُ الْأَيْمَانِ
مُنَاسَبَتُهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْهَزْلِ وَالْإِكْرَاهِ، وَقَدَّمَ الْعَتَاقَ لِمُشَارَكَتِهِ لِلطَّلَاقِ فِي الْإِسْقَاطِ وَالسِّرَايَةِ.
(الْيَمِينُ) لُغَةً الْقُوَّةُ. وَشَرْعًا (عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ قَوِيٍّ بِهِ عَزَمَ الْحَالِفُ
ــ
رد المحتار
فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ لَمْ يَصِحَّ تَأَمَّلْ وَقَدْ مَرَّ تَفْسِيرُ الْمِلْحَفَةِ وَالْقَمِيصِ وَالْمِقْنَعَةِ فِي الْمُتْعَةِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُدَبَّرِ) أَيْ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى، ثُمَّ هَلْ الْمُدَبَّرَةُ كَذَلِكَ؟ لَمْ أَرَهُ، وَلْيُنْظَرْ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ إلَّا ثَوْبًا يُوَارِي الْعَبْدَ أَيَّ ثَوْبٍ شَاءَ الْمَوْلَى.
تَتِمَّةٌ نَقَلَ ط فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ قَاضِي خَانَ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ هَلْ يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ؟ قَالَ: إنْ كَانَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. اهـ.
قُلْت: الْمُرَادُ أَنَّهَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى وَلَدِهَا وَلَوْ صَغِيرًا كَمَا قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ فِي بَابِ النَّفَقَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَيْ فَتُنْفِقُ مِنْ مَالِ وَلَدِهَا الَّذِي وَرِثَهُ لَا مِنْ أَصْلِ مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ صَارَ مَالَ الْوَرَثَةِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُمْ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
كِتَابُ الْأَيْمَانِ
(قَوْلُهُ مُنَاسَبَتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: اشْتَرَكَ كُلٌّ مِنْ الْيَمِينِ وَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ فِي أَنَّ الْهَزْلَ وَالْإِكْرَاهَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ قُدِّمَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِبَادَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالطَّلَاقُ رَفْعُهُ بَعْدَ تَحْقِيقِهِ فَإِيلَاؤُهُ إيَّاهُ أَوْجَهُ وَاخْتَصَّ الْعَتَاقُ عَنْ الْيَمِينِ بِزِيَادَةِ مُنَاسَبَتِهِ بِالطَّلَاقِ مِنْ جِهَةِ مُشَارَكَتِهِ إيَّاهُ فِي تَمَامِ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ الْإِسْقَاطُ، وَفِي لَازِمِهِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ السِّرَايَةُ فَقَدَّمَهُ عَلَى الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فِي الْإِسْقَاطِ) فَإِنَّ الطَّلَاقَ إسْقَاطُ قَيْدِ النِّكَاحِ وَالْعَتَاقُ إسْقَاطُ قَيْدِ الرِّقِّ ط (قَوْلُهُ وَالسِّرَايَةُ) فَإِذَا طَلَّقَ نِصْفَهَا سَرَى إلَى الْكُلِّ، وَكَذَا الْعِتْقُ: أَيْ عِنْدَهُمَا، لِقَوْلِهِمَا بِعَدَمِ تَجَزِّيهِ أَمَّا عِنْدَهُ فَهُوَ مُتَجَزٍّ ط (قَوْلُهُ لُغَةً الْقُوَّةُ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْيَمِينُ لُغَةً لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجَارِحَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقَسَمِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ: سُمِّي الْحَلِفُ يَمِينًا لِأَنَّ الْحَالِفَ يَتَقَوَّى بِالْقَسَمِ، أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَمَاسَكُونَ بِأَيْمَانِهِمْ عِنْدَ الْقَسَمِ. يُفِيدُ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ لَفْظَ الْيَمِينِ مَنْقُولٌ. اهـ.
أَقُولُ: هُوَ مَنْقُولٌ مِنْ أَصْلِ اللُّغَةِ إلَى عُرْفِهَا، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الْقُوَّةِ لِظُهُورِ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ ح.
قُلْت: أَوْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، فَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ: إنَّ الْيَمِينَ فِي الْأَصْلِ الْقُوَّةُ؛ وَسُمِّيَتْ إحْدَى الْيَدَيْنِ بِالْيَمِينِ لِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا عَلَى الْأُخْرَى، وَسُمِّيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى يَمِينًا لِإِفَادَتِهِ الْقُوَّةَ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنْ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَعْلِيقَ الْمَكْرُوهِ لِلنَّفْسِ عَلَى أَمْرٍ يُفِيدُ قُوَّةَ الِامْتِنَاعِ عَنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ، وَتَعْلِيقُ الْمَحْبُوبِ لَهَا عَلَى ذَلِكَ يُفِيدُ الْحَمْلَ عَلَيْهِ فَكَانَ يَمِينًا. اهـ. فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ أَصْلَ الْمَادَّةِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِي اللُّغَةِ لَمَعَانٍ أُخَرَ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ فِيهَا كَلَفْظِ الْكَافِرِ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السِّتْرُ. فَيُطْلَقُ عَلَى الْكَافِرِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَكَافِرِ النِّعْمَةِ؛ وَعَلَى اللَّيْلِ. وَعَلَى الْفَلَاحِ. وَهَكَذَا فِي كَثِيرِ مِنْ الْأَلْفَاظِ اللُّغَوِيَّةِ الَّتِي تُطْلَقُ عَلَى أَشْيَاءَ تَرْجِعُ إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ عَامٍّ