لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ (وَإِنْ) أَطْلَقَ وَ (كَانَ) فِيهِ مَاءٌ (فَصَبَّ حَنِثَ) لِوُجُوبِ الْبِرِّ فِي الْمُطْلَقَةِ كَمَا فَرَغَ وَقَدْ فَاتَ بِصَبِّهِ، أَمَّا الْمُوَقَّتَةُ فَفِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَهَذَا الْأَصْلُ فُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ. .
مِنْهَا إنْ لَمْ تُصَلِّ الصُّبْحَ غَدًا فَأَنْتِ كَذَا لَا يَحْنَثُ بِحَيْضِهَا بُكْرَةً فِي الْأَصَحِّ.
وَمِنْهَا إنْ لَمْ تَرُدِّي الدِّينَارَ الَّذِي أَخْذَتَيْهِ مِنْ كِيسِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا الدِّينَارُ فِي كِيسِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ.
ــ
رد المحتار
تَنْبِيهٌ
قَالَ ط: هَلْ يَأْثَمُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَاءَ فِيهِ؟ قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ فِي لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ الْإِثْمُ. اهـ.
قُلْت: وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْغَمُوسَ تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَهَذَا مِنْهَا (قَوْلُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْبِرَّ مُتَصَوَّرٌ فِي صُورَةِ الْإِرَاقَةِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ مُمْكِنَةٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبِرَّ إنَّمَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْيَوْمِ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ غَيْرَهُ فَلَا يُمْكِنُ إعَادَةُ الْمَاءِ فِي الْكُوزِ وَشُرْبُهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ. اهـ. ح عَنْ الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ الْبِرِّ فِي الْمُطْلَقَةِ كَمَا فَرَّعَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ وُجُوبُهُ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ بِمَعْنَى تَعَيُّنِهِ حَتَّى يَحْنَثَ فِي ثَانِي الْحَالِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ الْمُوسِعِ إلَى الْمَوْتِ، فَيَحْنَثُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيَاةِ فَالْمُوَقَّتَةُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَذَلِكَ الْجُزْءُ بِمَنْزِلَةِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيَاةِ فَلِأَيِّ مَعْنًى تَبْطُلُ الْيَمِينُ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ فِي الْمُوَقَّتَةِ، وَلَمْ تَبْطُلْ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْحَيَاةِ فِي الْمُطْلَقَةِ. اهـ.
وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْحَالِفَ فِي الْمُوَقَّتَةِ لَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ بِالْفِعْلِ إلَّا فِي آخِرِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ.
قُلْت: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ دَافِعٍ مَعَ اسْتِلْزَامِهِ وُجُوبَ الْبِرِّ فِي الْمُطْلَقَةِ عَلَى فَوْرِ الْحَلِفِ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ فَافْهَمْ، وَيَظْهَرُ لِي الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَةَ لَمَّا كَانَ لَهَا غَايَةٌ مَعْلُومَةٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْفِعْلُ إلَّا فِي آخِرِ وَقْتِهَا فَإِذَا فَاتَ الْمَحَلُّ فَقَدْ فَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ، فَتَبْطُلُ وَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ وَقْتَ تَعَيُّنِهِ أَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَغَايَتُهَا آخِرُ جُزْءٍ مِنْ الْحَيَاةِ وَذَلِكَ الْوَقْتُ لَا يُمْكِنُ الْبِرُّ فِيهِ، وَلَا خَلْفَهُ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ فَفِي تَأْخِيرِ الْوُجُوبِ إلَيْهِ إضْرَارٌ بِالْحَالِفِ لِأَنَّهُ إذَا حَنِثَ فِي آخِرِ الْحَيَاةِ لَا يُمْكِنُهُ التَّكْفِيرُ وَلَا الْوَصِيَّةُ بِالْكَفَّارَةِ، فَيَبْقَى فِي الْإِثْمِ فَتَعَيَّنَ الْوُجُوبُ قَبْلَهُ وَلَا تَرْجِيحَ لِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ، فَلَزِمَ الْوُجُوبُ عَقِبَ الْحَلِفِ مُوَسَّعًا بِشَرْطِ عَدَمِ الْفَوَاتِ، فَإِذَا فَاتَ الْمَحَلُّ ظَهَرَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ مُضَيَّقًا مِنْ أَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ وَنَظِيرُهُ مَا قَرَّرُوهُ فِي الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَجِّ مُوَسَّعًا، فَقَدْ ظَهَرَ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ اُعْتُبِرَ آخِرُ الْوَقْتِ فِي الْمُوَقَّتَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ آخِرُ الْحَيَاةِ فِي الْمُطْلَقَةِ هَذَا مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهْمِي الْقَاصِرُ فَتَدَبَّرْهُ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا الْأَصْلُ) وَهُوَ إمْكَانُ الْبِرِّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
(قَوْلُهُ مِنْهَا إلَخْ) وَمِنْهَا مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ بِقَوْلِهِ: لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ إلَخْ، وَمِنْهَا مَا فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَمَا أَصْبَحَ: إنْ لَمْ أُجَامِعْك هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَأَنْتِ كَذَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَصْبَحَ انْصَرَفَ إلَى اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ، وَإِنْ نَوَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَطَلَتْ يَمِينُهُ، وَكَذَا إنْ تَمَّتْ اللَّيْلَةُ أَوْ إنْ لَمْ أَبِتْ اللَّيْلَةَ هُنَا وَقَدْ انْفَجَرَ الصُّبْحُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ النَّوْمَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ لَا يُتَصَوَّرُ كَقَوْلِهِ: إنْ صُمْت أَمْسِ، وَمِنْهَا: إنْ لَمْ آتِ بِامْرَأَتِي إلَى دَارِي اللَّيْلَةَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَتْ كُنْت فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ قَالَتْ كُنْت غَائِبَةً حَنِثَ إنْ صَدَّقَهَا وَمِنْهَا لَا يُعْطِيهِ أَوْ لَا يَضْرِبُهُ حَتَّى يَأْذَنَ فُلَانٌ فَمَاتَ فُلَانٌ ثُمَّ أَعْطَاهُ لَمْ يَحْنَثْ اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَلَمْ يُقَيِّدْ هَذِهِ بِالْوَقْتِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إذَا أُطْلِقَ وَكَانَ فِيهِ مَاءٌ فَصُبَّ (قَوْلُهُ فَحَاضَتْ بُكْرَةً) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ الطُّلُوعِ أَوْ بُعَيْدَهُ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ فِيهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ الْحِنْثِ عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْمُبْتَغَى، لَكِنْ ذَكَرَ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ تَصْحِيحَ الْحِنْثِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ) أَيْ فَلَمْ تَنْعَقِدْ الْيَمِينُ فَلَا يَتَرَتَّبُ الْحِنْثُ ط وَانْظُرْ مَا نَذْكُرُهُ