قُلْت: لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْآتِي تَصْحِيحَ خِلَافِهِ فَتَنَبَّهْ.
(وَيُقْطَعُ بِسَاجٍ وَقَنَا وَأَبَنُوسٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَعُودٍ وَمِسْكٍ وَأَدْهَانٍ وَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وَصَنْدَلٍ وَعَنْبَرٍ وَفُصُوصٍ خُضْرٍ) أَيْ زُمُرُّدٍ (وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ وَلَعْلٍ وَفَيْرُوزَجَ وَإِنَاءٍ وَبَابٍ) غَيْرِ مُرَكَّبٍ وَلَوْ مُتَّخَذَيْنِ (مِنْ خَشَبٍ،
ــ
رد المحتار
سِوَى جَلْدٍ وَهِيَ الصَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ نَقْلًا عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ، فَقَدْ رَدَّهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمُوهُ فِي حَدِّ الزِّنَا بِالرَّجْمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا غَابَ الشُّهُودُ أَوْ مَاتُوا سَقَطَ الْحَدُّ فَيَتَّجِهُ اسْتِثْنَاءُ الْجَلْدِ فَإِنَّهُ يُقَامُ حَالَ الْغَيْبَةِ وَالْمَوْتِ، بِخِلَافِ الرَّجْمِ لِاشْتِرَاطِ بُدَاءَةِ الشُّهُودِ بِهِ.
وَعِبَارَةُ كَافِي الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عِبَارَتُهُ فِي السَّرِقَةِ، وَنَصُّهَا: وَإِذَا كَانَ: أَيْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا وَالشَّاهِدَانِ غَائِبَانِ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا حَتَّى يَحْضُرُوا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْطَعُ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ حَدٍّ وَحَقٍّ سِوَى الرَّجْمِ، وَيُمْضِي الْقِصَاصَ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اهـ فَهَذَا تَصْرِيحُ الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ وَالسَّرِقَةِ بِمَا قُلْنَا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ نُسْخَةَ الْكَافِي الَّتِي وَقَعَتْ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ سَقَطَ مِنْهَا قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ فَوَقَعَ الْخَلَلُ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ وَفِي اسْتِثْنَاءِ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَعَ مِنْ الْقَوْلِ الْأَخِيرِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ فَكَانَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا رَجَعَ عَنْهُ الْمُجْتَهِدُ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْسُوخِ، وَلِذَا صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ الْأَخِيرِ، فَجَزَى اللَّهُ تَعَالَى الشُّرُنْبُلَالِيُّ خَيْرًا عَلَى هَذَا التَّنْبِيهِ الْحَسَنِ (قَوْلُهُ تَصْحِيحَ خِلَافِهِ) أَيْ خِلَافِ قَوْلِهِ لَا قَطْعَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا عَلِمْت
(قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِسَاجٍ) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: السَّاجُ خَشَبٌ أَسْوَدُ رَزِينٌ يُجْلَبُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ وَلَا تَكَادُ الْأَرْضُ تُبْلِيهِ وَالْجَمْعُ سِيجَانٌ مِثْلُ نَارٍ وَنِيرَانٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّاجُ يُشْبِهُ الْأَبَنُوسَ، وَهُوَ أَقَلُّ سَوَادًا مِنْهُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَقَنَا) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: هُوَ الرُّمْحُ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الطِّلْبَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ. وَرَأَيْت فِي الْمِصْبَاحِ ضَبَطَهُ بِضَمِّهَا وَقَالَ إنَّهُ خَشَبٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَيُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ، وَاسْمُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ سَأْسَمٌ بِهَمْزَةٍ وِزَانُ جَعْفَرٍ (قَوْلُهُ وَعُودٍ) بِالضَّمِّ الْخَشَبُ جَمْعُهُ عِيدَانٌ وَأَعْوَادٌ وَآلَةٌ مِنْ الْمَعَازِفِ قَامُوسٌ. قُلْت: وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ وَهُوَ الطِّيبُ؛ لِأَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ لَا قَطْعَ بِهَا كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ وَأَدْهَانٍ) جَمْعُ دُهْنٍ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ (قَوْلُهُ وَوَرْسٍ) نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ قِيلَ هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ، وَقِيلَ يُشْبِهُهُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَصَنْدَلٍ) خَشَبٌ مَعْرُوفٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ (قَوْلُهُ وَفُصُوصٍ خُضْرٍ) قَيْدُ الْخُضْرِ اتِّفَاقِيٌّ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَزَبَرْجَدٍ) جَوْهَرٌ مَعْرُوفٌ، وَيُقَالُ هُوَ الزُّمُرُّدُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَلَعْلٍ) بِالتَّخْفِيفِ: مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْحِبْرُ الْأَحْمَرُ غَيْرُ الزُّنْجُفْرِ وَالدُّودَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الزُّمُرُّدِ ط. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: لَعْلَعٍ وَهُوَ شَجَرٌ حِجَازِيٌّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ غَيْرِ مُرَكَّبٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ بَابِ الدَّارِ الْمُرَكَّبِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ إنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْحِرْزِ، وَأَنْ يَكُونَ خَفِيفًا لَا يَثْقُلُ حَمْلُهُ عَلَى الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْغَبُ فِي سَرِقَةِ الثَّقِيلِ مِنْ الْأَبْوَابِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ ثِقَلَهُ لَا يُنَافِي مَالِيَّتَهُ وَلَا يَنْقُصُهَا، وَإِنَّمَا ثَقُلَ فِيهِ رَغْبَةُ الْوَاحِدِ لَا الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي فُرْدَةِ حِمْلٍ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلِذَا أَطْلَقَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي الْقَطْعَ. اهـ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ لَمْ يَقُلْ الثَّقِيلُ مِنْ الْأَبْوَابِ. قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ مَنْشَأُ النَّظَرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَّخَذَيْنِ) أَيْ الْإِنَاءُ وَالْبَابُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ خَشَبٍ غَيْرُ قَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ فَالْتَحَقَ بِالْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ، بِخِلَافِ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحَشِيشِ