أَصْلًا وَلَوْ أُخْرِجَ وَاحِدٌ) مَّا (حَلَّ) حِينَئِذٍ (قَتْلُ الْبَاقِينَ) لِجَوَازِ كَوْنِ الْمُخْرَجِ هُوَ ذَاكَ فَتْحٌ
(وَنُهِينَا عَنْ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ تَعْظِيمُهُ وَيَحْرُمُ الِاسْتِخْفَافُ بِهِ كَمُصْحَفٍ وَكُتُبِ فِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَامْرَأَةٍ) وَلَوْ عَجُوزًا لِمُدَاوَاةٍ هُوَ الْأَصَحُّ ذَخِيرَةٌ وَأَرَادَ بِالنَّهْيِ مَا فِي مُسْلِمٍ «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ» (إلَّا فِي جَيْشٍ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ) فَلَا كَرَاهَةَ لَكِنْ إخْرَاجُ الْعَجَائِزِ وَالْإِمَاءِ أَوْلَى (وَإِذَا دَخَلَ مُسْلِمٌ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ جَازَ حَمْلُ الْمُصْحَفِ مَعَهُ إذَا كَانُوا يُوفُونَ بِالْعَهْدِ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ تَعَرُّضِهِمْ هِدَايَةٌ
(وَ) نُهِينَا (عَنْ غَدْرٍ -
ــ
رد المحتار
وَأُورِدَ الْمُضْطَرُّ إلَى أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ، وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ فَلَمْ يَكُنْ فَرْضًا فَهُوَ كَالْمُبَاحِ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ أُخْرِجَ وَاحِدٌ مَّا) أَرَادَ بِالْإِخْرَاجِ مَا يَعُمُّ الْخُرُوجَ وَزَادَ لَفْظَ مَّا لِلتَّعْمِيمِ، فَالْمُرَادُ أَيُّ رَجُلٍ كَانَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بِتَغْلِيبِ الظَّنِّ وَلِذَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أُخْرِجَ وَاحِدٌ مِنْ عَرْضِ النَّاسِ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ كَوْنِ الْمُخْرَجِ هُوَ ذَاكَ) فَصَارَ فِي كَوْنِ الْمُسْلِمِ فِي الْبَاقِي شَكٌّ، بِخِلَافِ الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّ كَوْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِيهِمْ مَعْلُومٌ بِالْفَرْضِ فَوَقَعَ الْفَرْقُ فَتْحٌ.
قُلْت: وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ تَنَجَّسَ بَعْضُ الثَّوْبِ فَغَسَلَ طَرَفًا مِنْهُ وَلَوْ بِلَا تَحَرٍّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ إذَا لَمْ يَبْقَ مُتَيَقِّنَ النَّجَاسَةِ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِمْ الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ فِي الطَّهَارَةِ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ
(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الِاسْتِخْفَافُ بِهِ) زَادَ ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَلْزَمَهُ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عِلَّةُ النَّهْيِ فَإِنَّ إخْرَاجَهُ يُؤَدِّي إلَى وُقُوعِهِ فِي يَدِ الْعَدُوِّ، وَفِي ذَلِكَ تَعْرِيضٌ لِاسْتِخْفَافِهِمْ بِهِ، وَهُوَ حَرَامٌ خِلَافًا لِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ إنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ عِنْدَ قِلَّةِ الْمَصَاحِفِ كَيْ لَا تَنْقَطِعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَلَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ وَامْرَأَةٍ) أَيْ وَعَنْ إخْرَاجِ امْرَأَةٍ، فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي جَيْشٍ) أَقَلُّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَأَقَلُّ السَّرِيَّةِ عِنْدَهُ مِائَةٌ كَمَا رَأَيْته فِي الْخَانِيَّةِ، وَكَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ نَقْلًا عَنْهَا وَعَنْ الْعِنَايَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ السَّرِيَّةِ مِائَتَانِ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَمَا قَالَهُ ابْنُ زِيَادٍ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ السَّرِيَّةِ أَرْبَعُمِائَةٍ، وَأَقَلَّ الْجَيْشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ قَالَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ اهـ وَفِي الْفَتْحِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَسْكَرُ الْعَظِيمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَنْ تُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» . اهـ. قُلْت: وَالتَّقْيِيدُ بِالْقِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُغْلَبُ بِسَبَبٍ آخَرَ كَخِيَانَةِ الْأُمَرَاءِ فِي زَمَانِنَا.
تَتِمَّةٌ فِي الْخَانِيَّةِ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفِرُّوا إذَا كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ أَكْثَرَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُغْلَبُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَفِرَّ وَلَا بَأْسَ لِلْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِلَاحٌ أَنْ يَفِرَّ مِنْ اثْنَيْنِ لَهُمَا سِلَاحٌ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ وَيُكْرَهُ لِلْوَاحِدِ الْقَوِيِّ أَنْ يَفِرَّ مِنْ الْكَافِرَيْنِ وَالْمِائَةُ مِنْ الْمِائَتَيْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَفِرَّ الْوَاحِدُ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالْمِائَةُ مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: ثُمَّ الْأَوْلَى فِي إخْرَاجِ النِّسَاءِ الْعَجَائِزُ لِلطِّبِّ وَالْمُدَاوَاةِ وَالسَّقْيِ دُونَ الشَّوَابِّ وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَى الْمُبَاضَعَةِ فَالْأَوْلَى إخْرَاجُ الْإِمَاءِ دُونَ الْحَرَائِرِ.
مَطْلَبٌ لَفْظُ يَنْبَغِي يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْدُوبِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ وَنُهِينَا عَنْ غَدْرٍ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَغْدِرُوا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ اسْتِعْمَالُ يَنْبَغِي بِمَعْنَى يُنْدَبُ وَلَا يَنْبَغِي بِمَعْنَى يُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَإِنْ كَانَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ اسْتِعْمَالُهُ