وَلَوْ قَطَعَ قَدَمَهُ، إنْ بَقِيَ مِنْ ظَهْرِهِ قَدْرُ الْفَرْضِ مَسَحَ وَإِلَّا غَسَلَ كَمَنْ كَعَبَهُ، وَلَوْ لَهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ مَسَحَهَا. وَجَازَ مَسْحُ خُفٍّ مَغْصُوبٍ خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ، كَمَا جَازَ غَسْلُ رِجْلٍ مَغْصُوبَةٍ إجْمَاعًا.
(وَالْخَرْقُ الْكَبِيرُ) بِمُوَحَّدَةٍ أَوْ مُثَلَّثَةٍ (وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ الْأَصَاغِرِ) بِكَمَالِهَا وَمَقْطُوعُهَا يُعْتَبَرُ بِأَصَابِعَ مُمَاثِلَةٍ (يَمْنَعُهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ خُفٌّ آخَرُ أَوْ جُرْمُوقٌ فَيَمْسَحُ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَوْ الْخَرْقُ عَلَى غَيْرِ أَصَابِعِهِ وَعَقِبِهِ وَيُرَى مَا تَحْتَهُ، فَلَوْ عَلَيْهَا اُعْتُبِرَ الثَّلَاثُ وَلَوْ كِبَارًا،
ــ
رد المحتار
الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ أَوْلَى كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ مِنْ ظَهْرِهِ) أَيْ الْقَدَمِ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمَسْحِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَبْقَى مِنْ الْعَقِبِ ط (قَوْلُهُ وَإِلَّا غَسَلَ) أَيْ غَسَلَ الْمَقْطُوعَةَ وَالصَّحِيحَةَ أَيْضًا لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ مِنْ كَعْبِهِ) أَيْ مِنْ الْمَفْصِلِ لِوُجُوبِ غَسْلِهِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، فَيَغْسِلُ الرِّجْلَ الْأُخْرَى وَلَا يَمْسَحُ (قَوْلُهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ) بِأَنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مَقْطُوعَةً مِنْ فَوْقِ الْكَعْبِ (قَوْلُهُ مَسَحَهَا) لِعَدَمِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ خُفٍّ مَغْصُوبٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ غَصْبًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ اخْتِلَاسًا ط (قَوْلُهُ رِجْلٍ مَغْصُوبَةٍ) إطْلَاقُ الْغَصْبِ عَلَى ذَلِكَ مُسَاهَلَةٌ. وَصُورَتُهُ اسْتَحَقَّ قَطْعَ رِجْلِهِ لِسَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ فَهَرَبَ وَصَارَ يَتَوَضَّأُ عَلَيْهَا ط
(قَوْلُهُ وَالْخُرْقُ) بِضَمِّ الْخَاءِ: الْمَوْضِعُ، وَلَا يَصِحُّ هُنَا الْفَتْحُ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَلَا يُلَائِمُهُ الْوَصْفُ بِالْكَبِيرِ. ثُمَّ رَأَيْت ط نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَافْهَمْ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ تَحْتَ الْكَعْبِ، فَالْخُرْقُ فَوْقَهُ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْكَعْبِ لَا عِبْرَةَ بِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ بِمُوَحَّدَةٍ أَوْ مُثَلَّثَةٍ) أَيْ يَجُوزُ قِرَاءَةُ الْكَبِيرِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ الَّتِي لَهَا نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ الْكَثِيرُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الَّتِي لَهَا ثَلَاثُ نُقَطٍ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَالسَّمَاعِ، وَإِلَّا فَالْمَرْسُومُ فِي الْمَتْنِ الْأَوَّلُ.
وَفِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْكَمَّ الْمُنْفَصِلَ تُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ، وَفِي الْمُتَّصِلِ الْكِبَرُ وَالصِّغَرُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُفَّ كَمٌّ مُتَّصِلٌ.
وَفِي الْمُغْرِبِ: الْكَثْرَةُ خِلَافُ الْقِلَّةِ، وَتُجْعَلُ عِبَارَةً عَنْ السَّعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْخُرْقُ الْكَثِيرُ، وَمُفَادُهُ اسْتِعْمَالُ الْكَثْرَةِ فِي الْمُتَّصِلِ، وَكَأَنَّ الْكَثِيرَ الشَّائِعَ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ) يَعْنِي طُولًا وَعَرْضًا، بِأَنْ سَقَطَتْ جِلْدَةٌ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَعَرْضُهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ يَعْقُوبَ بَاشَا عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَلْيُحْفَظْ.
(قَوْلُهُ أَصَابِعِ الْقَدَمِ الْأَصَاغِرِ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَاعْتَبَرَ الْأَصَاغِرَ لِلِاحْتِيَاطِ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ اعْتِبَارُ أَصَابِعِ الْيَدِ بَحْرٌ، وَأَطْلَقَ الْأَصَابِعَ؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهَا مَضْمُومَةً أَوْ مُفَرَّجَةً اخْتِلَافًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِكَمَالِهَا) هُوَ الصَّحِيحُ، خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ الْمَنْعِ بِظُهُورِ الْأَنَامِلِ وَحْدَهَا شَرْحُ الْمُنْيَةِ. وَالْأَنَامِلُ: رُءُوسُ الْأَصَابِعِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأَصَابِعُ تَخْرُجُ مِنْهُ بِتَمَامِهَا، لَكِنْ لَا يَبْلُغُ هُوَ قَدْرَهَا طُولًا وَعَرْضًا (قَوْلُهُ بِأَصَابِعَ مُمَاثِلَةٍ) أَيْ بِأَصَابِعِ شَخْصٍ غَيْرِهِ مُمَاثِلٍ لَهُ فِي الْقَدَمِ صِغَرًا وَكِبَرًا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُمَاثَلَةِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ.
وَرَدَّ عَلَى الْبَحْرِ اخْتِيَارَهُ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ أَصَابِعِ نَفْسِهِ لَوْ قَائِمَةً عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ أَصَابِعِ غَيْرِهِ لِتَفَاوُتِهَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، بِأَنَّ تَقْدِيمَ الزَّيْلَعِيِّ الْأَوَّلَ يُفِيدُ أَنَّ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلَ وَبِأَنَّهُ بَعْدَ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لَا تَفَاوُتَ، وَبِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَوْجُودِ أَوْلَى. وَأَفَادَ ح أَنَّ مَا فِي النَّهْرِ يَرْجِعُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَيَمْسَحُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْخُفِّ الْآخَرِ أَوْ الْجُرْمُوقِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَعْلَى حَيْثُ لَمْ تَتَقَرَّرْ الْوَظِيفَةُ عَلَى الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثِ الْأَصَاغِرِ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ عَلَيْهَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ عَلَى سَبِيلِ النَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الثَّلَاثُ) أَيْ الَّتِي وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْخُرْقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ أَصْلٌ فِي مَوْضِعِهَا فَلَا تُعْتَبَرُ بِغَيْرِهَا، حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ الْإِبْهَامُ مَعَ جَارَتِهَا وَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصْغَرِهَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ جَارَتَيْهَا لَا يَجُوزُ. اهـ زَيْلَعِيٌّ وَدُرَرٌ وَغَيْرُهُمَا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّتِمَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.