غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَجَازَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (فِي الثَّلَاثَةِ) فَيُقْلَبُ صَحِيحًا عَلَى الظَّاهِرِ.
(وَصَحَّ) شَرْطُهُ أَيْضًا (فِي) لَازِمٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمُزَارَعَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَ (إجَارَةٍ وَقِسْمَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ مَالٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ (وَكِتَابَةٍ وَخُلْعٍ) وَرَهْنٍ (وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ)
ــ
رد المحتار
قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَجَازَ فِي الثَّلَاثَةِ) وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَحْدَثَ بِهِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْبَيْعِ يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ) وَلَوْ فِي لَيْلَةِ الرَّابِعِ قُهُسْتَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا إلَخْ) لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ الْمُفْسِدُ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفْسِدَ لَيْسَ هُوَ شَرْطَ الْخِيَارِ بَلْ وَصْلُهُ بِالرَّابِعِ، فَإِذَا أَسْقَطَهُ تَحَقَّقَ زَوَالُ الْمَعْنَى الْمُفْسِدِ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ فِي الِابْتِدَاءِ، فَعِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ حُكْمُهُ الْفَسَادُ ظَاهِرًا، إذْ الظَّاهِرُ دَوَامُهُمَا عَلَى الشَّرْطِ فَإِذَا أَسْقَطَهُ تَبَيَّنَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا. وَقَالَ: مَشَايِخُ خُرَاسَانَ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ: هُوَ مَوْقُوفٌ، وَبِالْإِسْقَاطِ قَبْلَ الرَّابِعِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا، وَإِذَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الرَّابِعِ فَسَدَ الْعَقْدُ الْآنَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ بَحْرٌ وَمِنَحٌ. وَفِي الْحَدَّادِيِّ: فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَنَّ الْفَاسِدَ يُمْلَكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ وَالْمَوْقُوفَ لَا يُمْلَكُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَالِكُ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْفَاسِدَ أَيْضًا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تَظْهَرُ فِي حُرْمَةِ الْمُبَاشَرَةِ وَعَدَمِهَا فَتَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي نَهْرٌ.
قُلْتُ: وَفِي التَّنْظِيرِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِي الْفَاسِدِ يَحْصُلُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، فَالْمُتَوَقِّفُ فِيهِ عَلَى إذْنِ الْبَائِعِ هُوَ الْقَبْضُ لَا نَفْسُ الْمِلْكِ. وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّ الْمِلْكَ يَتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ فَتَبْقَى ثَمَرَةُ الْخِلَافِ ظَاهِرَةً، لَكِنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ يَنْقَلِبُ جَائِزًا إنَّمَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَاسِدٌ لَا مَوْقُوفٌ، فَيُفِيدُ حُصُولَ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ عِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ الْفَسَادُ ظَاهِرًا، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَسَادَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِذَا قَالَ: فِي الْفَتْحِ: إنَّ حَقِيقَةَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا فَسَادَ قَبْلَ الرَّابِعِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْفَسَادِ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَفِعُ شَرْعًا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّابِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي لَازِمٍ) أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّةَ فَلَا مَحَلَّ لِلْخِيَارِ فِيهَا؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعَ فِيهَا - مَا دَامَ حَيًّا - وَلِلْمُوصَى لَهُ الْقَبُولَ وَعَدَمَهُ. أَفَادَهُ ط، وَمِثْلُهَا الْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةُ. (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ) أَخْرَجَ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ. وَاسْتَشْكَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ النِّكَاحَ بِفَسْخِهِ بِالرِّدَّةِ وَمِلْكِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ فَإِنَّهُ فَسْخٌ بَعْدَ التَّمَامِ، أَمَّا فَسْخُهُ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَالْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ فَهُوَ قَبْلَ التَّمَامِ. قُلْتُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مَا يَحْتَمِلُهُ بِتَرَاضِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَصْدًا، وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ وَالْمِلْكِ ثَبَتَ تَبَعًا. (قَوْلُهُ: كَمُزَارَعَةٍ وَمُعَامَلَةٍ) أَيْ مُسَاقَاةٍ وَهَذَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَقَالَ: وَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ مَعَ أَنَّهُ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ. قَالَ: الْحَمَوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ظَفِرَ بِالْمَنْقُولِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ تَصْنِيفَ الْبَحْرِ سَابِقٌ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةٍ) فَلَوْ فَسَخَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ يَوْمَيْنِ أَفْتَى صط أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَفَعَ يَبْطُلُ خِيَارُهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقِسْمَةٍ) لِأَنَّهَا بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ. (قَوْلُهُ: وَصُلْحٍ عَنْ مَالٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ صُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَرَهْنٍ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الْخُلْعِ أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ عَلَى مَالٍ رَاجِعٌ لِلْخُلْعِ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلرَّهْنِ كَمَا لَا يَخْفَى