وَالْمِيمُ مِنْ الْمَأْذُونِ، لَوْ أَبْرَأهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَبَقِيَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ يَلِي عَدَمَ التَّمَلُّكِ، كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
قُلْتُ: وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْهَا: التَّاءُ لِلتَّعْلِيقِ كَإِنْ مَلَكْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَشَرَاهُ بِخِيَارٍ لَمْ يَعْتِقْ
وَالتَّاءُ وَاسْتِدَامَةُ السُّكْنَى بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ.
وَالصَّادُ، وَصَيْدٌ شَرَاهُ بِخِيَارٍ فَأَحْرَمَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالدَّالُ وَالزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ فِي الْمُدَّةِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِلْبَائِعِ.
ــ
رد المحتار
وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا كَمَا فِي الْإِرْثِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ هُوَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ؛ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بَاتٌّ، فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ صَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ حُكْمًا، وَإِنْ فَسَخَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا لَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا لِأَنَّ لِلْقَبْضِ شَبَهًا بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَأْذُونِ إلَخْ) أَيْ إذَا اشْتَرَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ شَيْئًا بِالْخِيَارِ وَأَبْرَأَهُ بَائِعُهُ عَنْ ثَمَنِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَقِيَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ كَانَ رَدُّهُ فِي الْمُدَّةِ امْتِنَاعًا عَنْ التَّمَلُّكِ وَلِلْمَأْذُونِ وِلَايَةُ ذَلِكَ، فَإِذَا وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ فَلَهُ وِلَايَةُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ دُرَرٌ. وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ تَمْلِيكًا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قِيَاسًا وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ. وَعِنْدَهُمَا وُجِدَ فَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ مَلَكْت فَإِنَّهُ يَعْتِقُ اتِّفَاقًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الشِّرَاءُ فَيَكُونُ كَالْمُنْشِئِ لِلْعِتْقِ بَعْدَهُ فَيَسْقُطُ الْخِيَارُ فَتْحٌ وَبَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَةُ السُّكْنَى إلَخْ) صُورَتُهَا: اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَهُوَ سَاكِنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَاسْتَدَامَ سُكْنَاهَا، قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: اسْتِدَامَتُهَا اخْتِيَارٌ عِنْدَهُمَا لِمِلْكِ الْعَيْنِ وَعِنْدَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ فَتْحٌ وَمِثْلُهُ خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْقِسْمَةِ وَلَوْ ابْتَدَأَ السُّكْنَى بَطَلَ خِيَارُهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ) أَيْ وَهُوَ فِي يَدِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَهُ وَيَرُدُّهُ إلَى الْبَائِعِ، وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ يَنْتَقِضُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَأَحْرَمَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَحْرٌ وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي: فَأَحْرَمَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ وَهِيَ الصَّوَابُ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْفَسْخِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ لِلْبَائِعِ أَيْ تَثْبُتُ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْدُثْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّوَائِدَ تَعُمُّ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ مُتَوَلَّدَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ هُنَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ حُدُوثَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ الْفَسْخَ بِالْخِيَارِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ كَالْكَسْبِ فَهَذِهِ يَتَأَتَّى فِيهَا إجْرَاءُ الْخِلَافِ لِإِمْكَانِ الْفَسْخِ فِيهَا أَمَّا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَلَا بَلْ هِيَ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ بِهَا الْفَسْخُ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذِكْرَ مَسَائِلِ الزِّيَادَةِ كَمَا قَدَّمْنَا مِنْ امْتِنَاعِ الْفَسْخِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي صُورَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلَّدَةِ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا فَقَطْ فَإِطْلَاقُ الزَّوَائِدِ هُنَا لَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي بَلْ الْمُرَادُ بِهَا الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَسْبِ الَّتِي رَمَزَ لَهَا بِالْكَافِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ إسْقَاطُ هَذِهِ لِتَكْرَارِهَا مَعَ إيهَامِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ