(وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ) بِيَمِينِهِ إذَا (اخْتَلَفَا فِي التَّغْيِيرِ) هَذَا (لَوْ الْمُدَّةُ قَرِيبَةً) وَإِنْ بَعِيدَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: الشَّهْرُ فَمَا فَوْقَهُ بَعِيدٌ. وَفِي الْفَتْحِ: الشَّهْرُ فِي مِثْلِ الدَّابَّةِ وَالْمَمْلُوكِ قَلِيلٌ
(كَمَا) أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ (لَوْ اخْتَلَفَا فِي) أَصْلِ (الرُّؤْيَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الرُّؤْيَةَ، وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَ الْمَرْدُودِ مَبِيعًا فِي بَيْعٍ بَاتٍّ أَوْ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ فِيهِ خِيَارُ عَيْبٍ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَوَّلِ لَا الْأَخِيرِ.
(اشْتَرَى عِدْلًا) مِنْ مَتَاعٍ وَلَمْ يَرَهُ (وَبَاعَ) أَوْ لَبِسَ نَهْرٌ (مِنْهُ ثَوْبًا)
ــ
رد المحتار
تَفْصِيلٌ لِمَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ الْمَلْفُوفَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْحِ كَمَا ظَهَرَ لَكَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَقَدْ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ تَفْصِيلًا لِقَوْلِهِ: رَأَى ثِيَابًا إلَخْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَذَلِكَ. تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَهُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ حَتَّى فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَالْغُرَرِ. (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَبْقَى الشَّيْءُ فِي دَارِ التَّغَيُّرِ وَهِيَ الدُّنْيَا زَمَانًا طَوِيلًا لَمْ يَطْرُقْهُ التَّغَيُّرُ. قَالَ: مُحَمَّدٌ أَرَأَيْت لَوْ رَأَى جَارِيَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ وَقَالَ: تَغَيَّرَتْ أَنْ لَا يَصْدُقَ؟ بَلْ يَصْدُقُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ. قَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَبِهِ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ فَيَقُولُ: إنْ كَانَ لَا يَتَفَاوَتُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ غَالِبًا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ غَالِبًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. مِثَالُهُ لَوْ رَأَى دَابَّةً أَوْ مَمْلُوكًا فَاشْتَرَاهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَقَالَ: تَغَيَّرَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي مِثْلِهِ قَلِيلٌ فَتْحٌ، وَالْمُرَادُ التَّغَيُّرُ بِنُقْصَانِ بَعْضِ الصِّفَاتِ كَنَقْصِ الْحُسْنِ أَوْ الْقُوَّةِ، لَا بِعُرُوضِ عَيْبٍ؛ لِأَنَّ عُرُوضَهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ، وَبِهِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الرُّؤْيَةِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ رَأَيْتَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي مَا رَأَيْتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ رَأَيْتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ رَضِيت، فَقَالَ: رَضِيت قَبْلَ الرُّؤْيَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الرُّؤْيَةَ) أَيْ وَهِيَ أَمْرٌ عَارِضٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ رَأَى النَّمُوذَجَ وَهَلَكَ ثُمَّ ادَّعَى مُخَالَفَتَهُ لِلْبَاقِي وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعٍ بَاتٍّ) كَذَا فِي النَّهْرِ وَالْفَتْحِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ اللَّازِمَ وَهُوَ مَا لَا خِيَارَ فِيهِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ، وَلِذَا قَالَ: ح: الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّدَّ فِيهِ بِالْإِقَالَةِ. اهـ. فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ مَا الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَمَا الْقَوْلُ فِيهِ لِلْبَائِعِ مِنْ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ، وَبَيَانُهُ مَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْخِيَارِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِفَسْخِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى رِضَا الْآخَرِ بَلْ عَلَى عِلْمِهِ وَإِذَا انْفَسَخَ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَقْبُوضِ وَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ أَوْ أَمِينًا كَالْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ، وَفِي الْعَيْبِ لَا يَنْفَرِدُ لَكِنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَ حَقِّ الْفَسْخِ فِيمَا أَحْضَرَهُ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ. اهـ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَرْدُودِ عِنْدَ الْفَسْخِ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ مَا فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ، فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَقَدَّمْنَا حَاصِلَهُ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: اشْتَرَى عِدْلًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ أَحَدُ فَرْدَتَيْ الْحِمْلِ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَتَاعٍ) هُوَ مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ مِنْ ثِيَابٍ وَنَحْوِهَا، وَهَذَا مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْمِثْلِيَّاتِ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْمِثْلِيِّ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عِنْدَ قَوْلِهِ كُلُّ الْمَبِيعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فِي الْبَابِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَهُ) قَيَّدَ بِهِ لِيُمْكِنَ تَأَتِّي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ ذِكْرُ خِيَارِ الْعَيْبِ وَالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ. فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَبِسَ) أَيْ حَتَّى تَغَيَّرَ كَافِي الْحَاكِمِ. قَالَ: الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ أَوْ هَلَكَ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَمَاتَ أَوْ أَعْتَقَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة. اهـ. وَفِي الْحَاوِي: اشْتَرَى أَرْبَعَةَ بُرُودٍ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ ذَرَعَ الْبَقِيَّةَ فَإِذَا هِيَ خَمْسَةَ عَشْرَ