(اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ بِلَا نَكِيرٍ) ، هَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِكَلِمَةِ عَلَى، وَإِنْ بِكَلِمَةِ إنْ بَطَلَ الْبَيْعُ إلَّا فِي بِعْت إنْ رَضِيَ فُلَانٌ، وَوَقَّتَهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ أَشْبَاهٌ مِنْ الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ، وَبَحْرٌ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى.
(وَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِرِضًا) عَبَّرَ ابْنُ الْكَمَالِ بِإِذْنِ (بَائِعِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً)
ــ
رد المحتار
أَصْلُهُ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ حَيْثُ قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي دِيَارِنَا شِرَاءُ الْقَبْقَابِ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ لَهُ سَيْرًا (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ) أَيْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ لِلشَّرْطِ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ.
وَالْقِيَاسُ فَسَادُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِأَحَدِهِمَا وَصَارَ كَصَبْغِ الثَّوْبِ، مُقْتَضَى الْقِيَاسِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ عُقِدَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنِ الصِّبْغِ مَعَ الْمَنْفَعَةِ وَلَكِنْ جُوِّزَ لِلتَّعَامُلِ وَمِثْلُهُ إجَارَةُ الظِّئْرِ، وَلِلتَّعَامُلِ جَوَّزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَمِنْ أَنْوَاعِهِ شِرَاءُ الصُّوفِ الْمَنْسُوجِ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ الْبَائِعُ قَلَنْسُوَةً، أَوْ قَلَنْسُوَةً بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعُ لَهَا بِطَانَةً مِنْ عِنْدِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ خُفًّا خَلَقًا عَلَى أَنْ يُرَقِّعَهُ الْبَائِعُ وَيُسَلِّمَهُ صَحَّ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: بِخِلَافِ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ اهـ. قَالَ فِي الْمِنَحِ: فَإِنْ قُلْت: «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ قَاضِيًا عَلَى الْحَدِيثِ.
قُلْت: لَيْسَ بِقَاضٍ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَعْلُومٌ بِوُقُوعِ النِّزَاعِ الْمُخْرِجِ لِلْعَقْدِ عَنْ الْمَقْصُودِ بِهِ وَهُوَ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ، وَالْعُرْفُ يَنْفِي النِّزَاعَ فَكَانَ مُوَافِقًا لِمَعْنَى الْحَدِيثِ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَوَانِعِ إلَّا الْقِيَاسُ. وَالْعُرْفُ قَاضٍ عَلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا. قُلْت: وَتَدُلُّ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ، وَكَذَا مَسْأَلَةُ الْقَبْقَابِ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْحَادِثِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ عُرْفٌ فِي شَرْطٍ غَيْرِ الشَّرْطِ فِي النَّعْلِ وَالثَّوْبِ وَالْقَبْقَابِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَانْظُرْ مَا حَرَّرْنَاهُ فِي رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ نَشْرُ الْعَرْفِ فِي بِنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْعُرْفِ الَّتِي شَرَحْت بِهَا قَوْلِي:
وَالْعُرْفُ فِي الشَّرْعِ لَهُ اعْتِبَارُ ... لِذَا عَلَيْهِ الْحُكْمُ قَدْ يُدَارُ
(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ إذَا عَلَّقَهُ بِكَلِمَةِ عَلَى) وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطِ كَذَا بِمَنْزِلَةِ عَلَى نَهْرٌ. قُلْت: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ حَيْثُ قَيَّدَ الشَّرْطَ بِكَوْنِ حَرْفِ الْبَاءِ وَعَلَى دُونَ إنْ اهـ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَقُولَهَا بِالْوَاوِ، حَتَّى لَوْ قَالَ بِعْتُك بِكَذَا وَعَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا يَكُونُ شَرْطًا، وَأَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ إلَخْ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُضِرًّا لَا نَفْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ وَوَقَّتَهُ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ التَّوْقِيتِ ط (قَوْلُهُ كَخِيَارِ الشَّرْطِ) أَيْ كَتَوْقِيتِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهَذَا مِنْهُ، فَإِنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَصِحُّ لِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ (قَوْلُهُ وَبَحْرٌ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى) أَيْ مُتَفَرِّقَةٍ جَمْعُ شَتِيتٍ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، وَكَذَا فِي النَّهْرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَشَمَلَ قَبْضَ وَكِيلِهِ وَالْقَبْضَ الْحُكْمِيَّ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَمْرَ الْبَائِعِ بِالْعِتْقِ قَبْلَهُ صَحِيحٌ لِاسْتِلْزَامِهِ الْقَبْضَ، وَهَلْ التَّخْلِيَةُ قَبْضٌ هُنَا؟ صَحَّحَ فِي الْمُجْتَنَيْ وَالْعِمَادِيَّةِ عَدَمَهُ، وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهَا قَبْضٌ، وَاخْتَارَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَطَحْنُ الْبَائِعِ الْحِنْطَةَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَالْعِتْقِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ عَبَّرَ ابْنُ الْكَمَالِ بِإِذْنِ) أَيْ لِيَعُمَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ إذْ هُوَ فَاسِدٌ وَلَا رِضَا فِيهِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ