تَتَارْخَانِيَّةٌ.
(وَقِيلَ لَا) تَنْعَقِدُ (لِعَدَمِ بَيَانِ الْمَضْمُونِ بِهِ) أَهُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الثَّانِي. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبَ، لَكِنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الطَّالِبُ ضَمِنْت بِالْمَالِ، وَقَالَ الضَّامِنُ إنَّمَا ضَمِنْت بِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ. ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ ضَمِنَ بِالنَّفْسِ أَنْ يُؤَاخَذَ بِإِقْرَارِهِ فَرَاجِعْهُ (كَمَا) لَا تَنْعَقِدُ (فِي) قَوْلِهِ (أَنَا ضَامِنٌ) أَوْ كَفِيلٌ (لِمَعْرِفَتِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ، خِلَافًا لِلثَّانِي بِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُطَالَبَةَ بَلْ الْمَعْرِفَةَ.
وَاخْتُلِفَ فِي أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ وَالْوَجْهُ اللُّزُومُ فَتْحٌ، كَأَنَا ضَامِنٌ لِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ سِرَاجٌ، وَفِي مَعْرِفَةِ فُلَانٍ عَلَيَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ خَانِيَّةٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا نَهْرٌ.
ــ
رد المحتار
بِهِ أَوْ قَالَ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ حَتَّى تُوَافِيَا أَوْ حَتَّى تَلْتَقِيَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ عَلَيَّ، وَقَالَ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ تَلْتَقِيَا فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ وَلَمْ يَذْكُرُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ فِيهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الصَّاحِبِينَ فَقَطْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَلَا لِلتَّمْرِيضِ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْهُ، وَكَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ كَمَا عَلِمْت، وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ نَصٌّ لِلْإِمَامِ فَالْعَمَلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ عَنْ أَصْحَابِهِ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: تَتَارْخَانِيَّةٌ) عِبَارَتُهَا هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا فَهُوَ كَفِيلٌ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اهـ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي مَتْنِهِ، فَإِنَّ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَتْنِهِ لَا تَنْعَقِدُ فِيهَا الْكَفَالَةُ أَصْلًا كَمَا عَلِمْته آنِفًا.
(قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ) قَدْ أَسْمَعْنَاك عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبُ) الضَّمِيرُ فِي أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ آخَرُ بَلْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا تَصِحُّ فِيهَا الْكَفَالَةُ، وَالْأُخْرَى لَا تَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِمَا كَمَا حَرَّرْنَاهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ اسْتَنْبَطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبُ مَعَ أَنَّهُ فِي فَتَاوِيهِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ.
وَوَجْهُ الِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ الطَّالِبَ وَالضَّامِنَ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يُعْلَمْ الْمَضْمُونُ بِهِ هَلْ هُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ، فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا مُسَلَّمٌ إذَا كَانَ الطَّالِبُ يَدَّعِي كَفَالَةَ النَّفْسِ أَيْضًا، أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةَ الْمَالِ فَقَطْ فَلَا إذْ الْإِقْرَارُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِلَا دَعْوَى، أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ زَادَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ: وَبِهِ يُفْتَى.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
مَطْلَبُ لَوْ قَالَ أَنَا أَعْرِفُهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُطَالَبَةَ بَلْ الْمَعْرِفَةَ) فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ عَلَى أَنْ أُوقِفَك عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ أَدُلَّك عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْزِلِهِ فَتْحٌ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا أَعْرِفُهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا كَمَا فِي السِّرَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ اللُّزُومُ) لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مُتَعَدٍّ إلَى اثْنَيْنِ، فَقَدْ الْتَزَمَ أَنْ يَعْرِفَهُ الْغَرِيمُ، بِخِلَافِ مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي إلَّا مَعْرِفَةَ الْكَفِيلِ لِلْمَطْلُوبِ فَتْحٌ، فَصَارَ مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أُعَرِّفَك غَرِيمَك وَتَعْرِيفُهُ بِإِحْضَارِهِ لِلطَّالِبِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْرُوفٌ لَهُ، وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أُعَرِّفَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إحْضَارُهُ لَهُ لَكِنْ مَا يَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ يُفِيدُ لُزُومَ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ صَارَ كَالْتِزَامِهِ الدَّلَالَةَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا نَهْرٌ: أَيْ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هُوَ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَاذْهَبْ إلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ أَوْ السَّفَرُ إلَيْهِ إذَا غَابَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ كَفَالَةِ النَّفْسِ.
تَتِمَّةٌ قَدَّمْنَا أَنَّ أَلْفَاظَ الْكَفَالَةِ كُلُّ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْعُهْدَةِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيَك بِهِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَلْقَاك بِهِ أَوْ دَعْهُ إلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: لَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي