الْأَبُ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ طِفْلَهُ إذَا تَغَيَّبَ وَفِيهَا الْقَاضِي يَأْخُذُ كَفِيلًا بِإِحْضَارِ الْمُدَّعِي، وَكَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: مُكَاتَبُهُ، وَمَأْذُونُهُ، وَوَصِيٌّ، وَوَكِيلٌ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَوْ كَانَ غَرِيبًا لَا يُجْبَرُ اتِّفَاقًا بَلْ حَقُّهُ فِي الْيَمِينِ فَقَطْ اهـ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ وَلَا لِمُوَكِّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَشْبَاهٌ
(وَ) أَمَّا (كَفَالَةُ الْمَالِ)
ــ
رد المحتار
قُلْت: وَالْمَقْصُودُ مِنْ طَلَبِ إحْضَارِهَا أَنْ يَسْأَلَهَا الْقَاضِي عَنْ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا، فَإِنْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ أَجْبَرَهَا الْقَاضِي عَلَى الْمَصِيرِ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَهَكَذَا فَهِمْته قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ فَافْهَمْ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا بِرِضَاهَا لَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ.
(قَوْلُهُ: الْأَبُ يُطَالِبُ بِإِحْضَارِ طِفْلِهِ إذَا تَغَيَّبَ) أَيْ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ وَطَلَبَ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَافْهَمْ، وَهَذِهِ غَيْرُ الْأُولَى مِنْ الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي، وَكَذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ: لَوْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلُ أَبَا الْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتِ أَمَرْتنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤَاخَذُ بِهِ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ إذْ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَكَذَا قَالُوا إنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَوْ أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالِبُ بِإِحْضَارِهِ بِخِلَافِ أَجْنَبِيٍّ قَالَ أَكْفُلُ بِنَفْسِ زَيْدٍ وَكَفَلَ فَغَابَ زَيْدٌ، فَالْآمِرُ بِالْكَفَالَةِ لَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْبَاهِ.
(قَوْلُهُ: بِإِحْضَارِ الْمُدَّعَى) بِالْفَتْحِ: أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ يَأْخُذُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي وَلَمْ تُزَكَّ شُهُودُهُ، أَوْ أَقَامَ وَاحِدًا أَوْ ادَّعَى وَقَالَ شُهُودِي حُضُورٌ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ أَشْبَاهٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَلَبِ كَفِيلٍ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ وَهُمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ، وَمَا إذَا ادَّعَى بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَوْ دَيْنًا غَيْرَهَا، وَمَا إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ الْغَيْرُ الْمَدْيُونِ عَلَى مَوْلَاهُ دَيْنًا، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ الْمَأْذُونُ الْمَدْيُونُ فَإِنَّهُ يَكْفُلُ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوِصَايَةَ وَالْوَكَالَةَ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ كَوْنَهُ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا لَمْ يَكُنْ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ بَلْ هُوَ أَجْنَبِيٌّ، فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي عِنْدِي بَيِّنَةٌ عَلَى كَوْنِهِ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ كَفِيلٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ أَوْ الْوَكَالَةَ لَيْسَتْ حَقًّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ أَثْبَتَ ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ الْمُوَكِّلِ فَقَدْ صَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا، فَإِذَا قَالَ لِلْقَاضِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ فَخُذْ لِي كَفِيلًا بِنَفْسِهِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَفِيلِ) وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُجْبَرُ، كَمَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ حَقِيرًا ط عَنْ حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ) فَإِنَّ الطَّالِبَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ الْمَكْفُولِ بِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلُ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَكُونُ وَصِيًّا يَثْبُتُ عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلًا فِي خُصُومَةٍ كَافِي.
مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ
ِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَفَالَةُ الْمَالِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَفَالَةُ النَّفْسِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْكَفَالَةَ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ.
وَيُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي الْمَالِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهِ قِسْمًا ثَالِثًا فَتَأَمَّلْ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة لَهُ مَالٌ عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ ضَمِنْت لَكَ مَا عَلَى فُلَانٍ أَنْ أَقْبِضَهُ وَأَدْفَعَهُ إلَيْكَ، قَالَ لَيْسَ هَذَا عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَتَقَاضَاهُ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا مَعَانِي كَلَامِ النَّاسِ، وَلَوْ غَصَبَ مِنْ مَالِ رَجُلٍ