وَأَرَادَ بِالرِّضَا الْقَبُولَ، فَإِنَّ قَبُولَهَا فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ شَرْطُ الِانْعِقَادِ بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ.
لَكِنْ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا: الشَّرْطُ قَبُولُ الْمُحْتَالِ أَوْ نَائِبِهِ وَرِضَا الْبَاقِينَ لَا حُضُورُهُمَا، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.
(وَتَصِحُّ فِي الدَّيْنِ) الْمَعْلُومِ (لَا فِي الْعَيْنِ
ــ
رد المحتار
لَا يَسْقُطُ إلَّا بِرِضَا الْمُحِيلِ فَرَجَعَ إلَى التَّوْفِيقِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ بِالرِّضَا الْقَبُولَ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ رُكْنَيْ الْعَقْدِ فَيُشْتَرَطُ لَهُ الْمَجْلِسُ شَطْرَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ غَائِبٍ بَلْ يَلْغُو، بِخِلَافِ الرِّضَا الَّذِي لَيْسَ رُكْنَ عَقْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ قَبُولَهَا إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلًا أَنَّ مِنْ الشُّرُوطِ مَجْلِسُ الْحَوَالَةِ وَقَالَ: وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي قَوْلِهِمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ شَرْطُ النَّفَاذِ عِنْدَهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُحْتَالُ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَمْ يَنْعَقِدْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا اهـ.
ثُمَّ قَالَ هُنَا: وَأَرَادَ مِنْ الرِّضَا الْقَبُولَ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ قَبُولَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ اهـ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ أَوَّلًا هُوَ عِبَارَةُ الْبَدَائِعِ فَقَوْلُهُ: " لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ قَبُولَهُمَا " الظَّاهِرُ أَنَّ الْمِيمَ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ مُفْرَدٌ عَائِدٌ لِلْحَوَالَةِ الْمُتَبَادِرَ مِنْ كَلَامِ الْبَدَائِعِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمَجْلِسِ عِنْدَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمُحْتَالِ فَقَطْ بِقَرِينَةِ التَّفْرِيعِ وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ اهـ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَالْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ الْحَوَالَةُ تَعْتَمِدُ قَبُولَ الْمُحْتَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَا تَصِحُّ فِي غَيْبَةِ الْمُحْتَالِ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، كَمَا قُلْنَا فِي الْكَفَالَةِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ رَجُلٌ الْحَوَالَةَ لِلْغَائِبِ، وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ حَتَّى لَوْ أَحَالَهُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ فَقَبِلَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ اهـ.
وَمُرَادُهُ بِالْقَبُولِ فِي قَوْلِهِ تَعْتَمِدُ قَبُولَ. . . إلَخْ الرِّضَا الْأَعَمَّ مِنْ الْقَبُولِ الْمَشْرُوطِ لَهُ الْمَجْلِسُ بِقَرِينَةِ آخِرِ الْعِبَارَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ رِضَا الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ.
فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ: أَنَّ الشَّرْطَ قَبُولُ الْمُحْتَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَرِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ غَائِبًا، وَهُوَ مَا لَخَصَّهُ فِي النَّهْرِ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُحْتَالِ فَقَطْ فَعِنْدَهُ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ بَلْ يَكْفِي رِضَاهُ كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَنَّ حَضْرَتَهُ غَيْرُ شَرْطٍ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُصَحَّحِ فَافْهَمْ.
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ الرِّضَا الْأَعَمِّ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي قَبُولِ الْمُحْتَالِ فِي الْمَجْلِسِ لَا فِي رِضَاهُ، فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَرْطُ رِضَا الْكُلِّ بِلَا خِلَافٍ إلَخْ خِلَافًا لِمَا ظَنَّهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ وَلَوْ فُضُولِيًّا، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الدُّرَرِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَيَتَوَقَّفُ أَيْ قَبُولُ الْفُضُولِيِّ عَلَى إجَازَةِ الْمُحْتَالِ إذَا بَلَغَهُ (قَوْلُهُ وَرِضَا الْبَاقِينَ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِيَاءَيْنِ ثَانِيَتُهُمَا يَاءُ التَّثْنِيَةِ وَفِي عَامَّةِ النُّسَخِ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ أُرِيدَ بِهِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اشْتِرَاطَ رِضَا الْمُحِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ: وَهِيَ خِلَافُ الْمُخْتَارِ كَمَا قَدَّمَهُ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ الْغُرَرِ مَتْنِ الدُّرَرِ وَهِيَ: وَشُرِطَ حُضُورُ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقْبَلَ فُضُولِيٌّ لَهُ لَا حُضُورُ الْبَاقِينَ اهـ.
فَلَمْ يَذْكُرْ اشْتِرَاطَ رِضَاهُمَا فَيُصَدَّقُ بِكُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَقَالَ فِي الدُّرَرِ: أَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُحِيلُ فَبِأَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِلدَّائِنِ لَك عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاحْتَلْ بِهَا عَلَيَّ فَرَضِيَ الدَّائِنُ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَبِأَنْ يُحِيلَ الدَّائِنُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ فَقَبِلَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ.
قُلْت: فَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا التَّصْوِيرِ رِضَا الْمُحِيلِ الْغَائِبِ، وَذَكَرَ فِي الثَّانِي رِضَا الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ الْغَائِبِ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ الْمُخْتَارَةِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ فِي الدَّيْنِ) الشَّرْطُ كَوْنُ الدَّيْنِ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِلَّا فَهِيَ وَكَالَةٌ لَا حَوَالَةٌ، وَأَمَّا الدَّيْنُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
وَفِيهِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ أَحَالَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحْتَالَ عَلَى آخَرَ جَازَ وَبَرِئَ الْأَوَّلُ وَالْمَالُ عَلَى الْآخَرِ كَالْكَفَالَةِ مِنْ الْكَفِيلِ اهـ.
فَدَخَلَ فِي الدَّيْنِ دَيْنُ الْحَوَالَةِ كَمَا دَخَلَ دَيْنُ الْكَفَالَةِ، فَإِنَّ الْكَفِيلَ لَوْ أَحَالَ الطَّالِبَ جَازَ كَمَا يَأْتِي وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ كُلُّ دَيْنٍ جَازَتْ بِهِ الْكَفَالَةُ جَازَتْ بِهِ الْحَوَالَةُ وَفِي