أَيْ: بِرُطُوبَةِ الْفَرْجِ، فَيَكُونُ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِهِمَا بِنَجَاسَتِهَا، أَمَّا عِنْدَهُ فَهِيَ طَاهِرَةٌ كَسَائِرِ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ جَوْهَرَةٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ يَابِسًا أَوْ لَا رَأْسُهَا طَاهِرًا (فَيُغْسَلْ) كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَلَوْ دَمًا عَبِيطًا عَلَى الْمَشْهُورِ (بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مَنِيِّهِ) وَلَوْ رَقِيقًا لِمَرَضٍ بِهِ (وَمَنِيِّهَا) وَلَا بَيْنَ مَنِيِّ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْبَاقَانِيُّ (وَلَا بَيْنَ ثَوْبٍ) وَلَوْ جَدِيدًا أَوْ مُبَطَّنًا
ــ
رد المحتار
إذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ وَلَمْ يَنْتَشِرْ عَلَى رَأْسِ الذَّكَرِ لَا تَلَوُّثَ فِيهِ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: بِرُطُوبَةِ الْفَرْجِ) أَيْ: الدَّاخِلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْلَجَ. وَأَمَّا رُطُوبَةُ الْفَرْجِ الْخَارِجِ فَطَاهِرَةٌ اتِّفَاقًا اهـ ح. وَفِي مِنْهَاجِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ يَخْرُجُ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ، بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا، وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ قَطْعًا كَكُلِّ خَارِجٍ مِنْ الْبَاطِنِ كَالْمَاءِ الْخَارِجِ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ قُبَيْلَهُ. اهـ. وَسَنَذْكُرُ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ أَنَّ رُطُوبَةَ الْوَلَدِ طَاهِرَةٌ وَكَذَا السَّخْلَةُ وَالْبَيْضَةُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا رَأْسُهَا طَاهِرًا) أَوْ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ مُجَوِّزَةٌ الْجَمْعَ، فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ يَابِسًا وَرَأْسُهَا غَيْرُ طَاهِرٍ، أَوْ رَطْبًا وَرَأْسُهَا طَاهِرٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ يَابِسًا وَلَا رَأْسُهَا طَاهِرًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ بَدَلَ أَوْ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ. اهـ. ح.
أَقُولُ: لَا سَهْوَ بَلْ غَايَةُ مَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِبَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ صُورَةُ الْجَمْعِ دُونَ صُورَتَيْ الِانْفِرَادِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَمًا عَبِيطًا) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ: طَرِيًّا مُغْرِبٌ وَقَامُوسٌ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ دَمًا عَبِيطًا فَإِنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ طَهَارَةَ الثَّوْبِ بِالْفَرْكِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَنِيِّ لَا فِي غَيْرِهِ بَحْرٌ، فَمَا فِي الْمُجْتَبَى لَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ دَمٌ عَبِيطٌ فَيَبِسَ فَحَتَّهُ طَهُرَ كَالْمَنِيِّ فَشَاذٌّ نَهْرٌ، وَكَذَا مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النَّوَازِلِ أَنَّ الثَّوْبَ يَطْهُرُ عَنْ الْعَذِرَةِ الْغَلِيظَةِ بِالْفَرْكِ قِيَاسًا عَلَى الْمَنِيِّ. اهـ. نَعَمْ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ دَمًا عَبِيطًا فَالظَّاهِرُ طَهَارَتُهُ بِالْفَرْكِ. (قَوْلُهُ: بِلَا فَرْقٍ) أَيْ: فِي فَرْكِهِ يَابِسًا وَغَسْلِهِ طَرِيًّا (قَوْلُهُ: وَمَنِيِّهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عِنْدَنَا كَمَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَجَزَمَ فِي السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِمَا حَاصِلُهُ: إنَّ كَلَامَهُمْ مُتَظَافِرٌ عَلَى أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْفَرْكِ فِي الْمَنِيِّ اسْتِحْسَانٌ بِالْأَثَرِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يَلْحَقُ بِهِ إلَّا مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ لَيْسَ مِثْلَهُ لِرِقَّتِهِ وَغِلَظِ مَنِيِّ الرَّجُلِ، وَالْفَرْكُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ زَوَالَ الْمَفْرُوكِ أَوْ تَقْلِيلَهُ وَذَلِكَ فِيمَا لَهُ جِرْمٌ، وَالرَّقِيقُ الْمَائِعُ لَا يَحْصُلُ مِنْ فَرْكِهِ هَذَا الْغَرَضُ فَيَدْخُلُ مَنِيُّ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ غَلِيظًا وَيَخْرُجُ مَنِيُّ الرَّجُلِ إذَا كَانَ رَقِيقًا لِعَارِضٍ اهـ
أَقُولُ: وَقَدْ يُؤَيِّدُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِمَا صَحَّ «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كُنْت أَحُكُّ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي» وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ؛ لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَحْتَلِمُ، فَيَلْزَمُ اخْتِلَاطُ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ بِهِ، فَيَدُلُّ عَلَى طَهَارَةِ مَنِيِّهَا بِالْفَرْكِ بِالْأَثَرِ لَا بِالْإِلْحَاقِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْبَاقَانِيُّ) لَعَلَّهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى النُّقَايَةِ. وَأَمَّا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى فَلَمْ أَجِدْهُ فِيهِ، وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْقُهُسْتَانِيُّ فَقَالَ: وَالْمَنِيُّ شَامِلٌ لِكُلِّ حَيَوَانٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَطْهُرَ بِهِ اهـ أَيْ: بِالْفَرْكِ.
وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْفَيْضِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ أَيْضًا، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ السَّمَرْقَنْدِيِّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَنِيِّ الْآدَمِيِّ. اهـ.
أَقُولُ: الْمَنْقُولُ فِي الْبَحْرِ والتتارخانية أَنَّ مَنِيَّ كُلِّ حَيَوَانٍ نَجِسٌ، وَأَمَّا عَدَمُ الْفَرْقِ فِي التَّطْهِيرِ فَمُحْتَاجٌ إلَى نَقْلٍ، وَمَا مَرَّ عَنْ السَّمَرْقَنْدِيِّ مُتَّجَهٌ وَلِذَا قَالَ: ح إنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي مَنِيِّ الْآدَمِيِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ الْحَقَّ دَلَالَةً يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ أَنَّ مَنِيَّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ خُصُوصًا مَنِيَّ الْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَالْفِيلِ الدَّاخِلَ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ فِي مَعْنَى مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَدُونَهُ خَرْطُ الْقَتَادِ. اهـ.