فَرْعٌ لَوْ اخْتَارَ الْمَطْلُوبُ الْحَبْسَ وَالطَّالِبُ الْمُلَازَمَةَ فَفِي حَجْرِ الْهِدَايَةِ يُخَيَّرُ الطَّالِبُ إلَّا لِضَرَرٍ، وَكَلَّفَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ وَلِلطَّالِبِ مُلَازَمَتُهُ بِلَا أَمْرِ قَاضٍ لَوْ مُقِرًّا بِحَقِّهِ.
(وَلَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَى إفْلَاسِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ) لِقِيَامِهَا عَلَى النَّفْيِ وَصَحَّحَهُ عَزْمِي زَادَهْ وَصَحَّحَ غَيْرُهُ قَبُولَهَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ عُلِمَ إعْسَارُهُ قَبْلَهَا وَإِلَّا لَا نَهْرٌ فَلْيُحْفَظْ
ــ
رد المحتار
امْرَأَةً قِيلَ يَسْتَأْجِرُ امْرَأَةً تَلَازُمُهَا وَقِيلَ لَهُ أَنْ يُلَازِمَهَا وَيَجْلِسَ مَعَهَا وَيَقْبِضَ عَلَى ثِيَابِهَا بِالنَّهَارِ، أَمَّا بِاللَّيْلِ فَتُلَازِمُهَا النِّسَاءُ فَإِنْ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً لَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ بَعِيدًا مِنْهَا وَيَحْفَظُهَا بِعَيْنِهِ اهـ، وَنَقَلَ الثَّانِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ لَهُ ضَرُورَةً فِي هَذِهِ الْخَلْوَةِ،
أَيْ الْخَلْوَةِ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرَرٍ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ بِالْمُلَازَمَةِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، بِأَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْبِسُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي عُسْرَتُهُ بَعْدَ حَبْسِهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُحْبَسُ ثَانِيًا بِلَا ظُهُورِ غِنَاهُ أَوْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا قَبْلَ الْحَبْسِ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ: وَكَلَّفَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ) الْأَوْلَى بِكَفِيلٍ بِالْبَاءِ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ فِي مُلَازَمَتِهِ ذَهَابَ قُوَّتِهِ وَعِيَالِهِ أَكْلَفَهُ أَنْ يُقِيمَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُخَلِّي سَبِيلَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَى إفْلَاسِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ حَبْسِهِ سَأَلَ عَنْهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْفَضْلِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْقَبُولُ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُهُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ لَيِّنٌ يُقْبَلُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَقِحٌ لَا قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَيِّنٌ أَنْ يَعْتَذِرَ إلَيْهِ وَيَتَلَطَّفَ مَعَهُ وَبِقَوْلِهِ وَقِحٌ أَنْ يَقُولَ لَوْ قَعَدْت فِي الْحَبْسِ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحْصُلُ لَك مِنِّي شَيْءٌ وَآخِرَتِي أَخْرُجُ عَلَى رَغْمِك وَنَحْوَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ وَالِدِي يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا عَلِمَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ عُدُولٌ مُمَهَّدُونَ فِي الْعَدَالَةِ يَقْبَلُ، قَالَ وَهَذَا حَسَنٌ أَيْضًا وَعَمَلِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ الْمُتَحَرِّيَ لَا يَشْهَدُ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِفَقْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى تَرِكَتِهِ وَلَا يَعْرِفُ الْقَاضِي تَحَرِّيَهُ وَلَا دِيَانَتَهُ اهـ مُلَخَّصًا وَبَقِيَ مَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إفْلَاسِهِ بَعْدَ حَبْسِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يَقْبَلُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ اهـ، وَمَشَى الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَلَى قَبُولِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ عَزْمِي زَادَهْ) لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّصْحِيحِ، وَلَكِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ، قُلْت: وَعَلَيْهِ الْكَنْزُ وَغَيْرُهُ وَعَلِمْت التَّصْرِيحَ بِتَصْحِيحِهِ وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهَا بَيِّنَتُهُ عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُقْبَلُ مَا لَمْ تَتَأَيَّدْ بِمُؤَيِّدٍ وَهُوَ الْحَبْسُ وَبَعْدَهُ تُقْبَلُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا بَيَّنَّا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ) أَيْ رَأْيُ الْقَاضِي، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ النَّهْرِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيلِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ الْفَضْلِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَوَّضًا إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، إنْ عَلِمَ يَسَارَهُ لَا يَقْبَلُهَا وَإِنْ عَلِمَ إعْسَارَهُ قَبِلَهَا اهـ، وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا اهـ مَا فِي النَّهْرِ وَفِيهِ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ فِي سُؤَالٍ عَنْ حَالَةِ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَنَّهُ يَجِبُ بَلْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يَرَاهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَنَا هُنَا فِيمَا قَبْلَ الْحَبْسِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ قَاضِي خَانْ غَيْرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ إعْسَارَهُ وَكَانَ ظَاهِرًا يَسْأَلُ عَنْهُ عَاجِلًا وَيَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ أَمْرُهُ مُشْكِلًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ مُشْكِلًا هَلْ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْحَبْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ.