فَطَاهِرٌ، وَكَذَا بَوْلُ الْفَأْرَةِ لِتَعَذُّرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّ خُرْأَهَا لَا يُفْسِدُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ بَوْلُ السِّنَّوْرِ فِي غَيْرِ أَوَانِي الْمَاءِ عَفْوٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى
(وَدَمٍ) مَسْفُوحٍ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا دَمَ شَهِيدٍ مَا دَامَ عَلَيْهِ وَمَا بَقِيَ فِي لَحْمِ مَهْزُولٍ وَعُرُوقٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَمَا لَمْ يَسِلْ، وَدَمِ سَمَكٍ
ــ
رد المحتار
الْخَفَافِيشِ وَخُرْؤُهَا لَيْسَ بِنَجَسٍ لِتَعَذُّرِ صِيَانَةِ الثَّوْبِ وَالْأَوَانِي عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا تَبُولُ مِنْ الْهَوَاءِ وَهِيَ فَأْرَةٌ طَيَّارَةٌ فَلِهَذَا تَبُولُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ سُقُوطَ النَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، كَمَا عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ لَهُ نَابًا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ، لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذَا النَّابِ إنَّمَا يُنْهَى عَنْهُ إذَا كَانَ يَصْطَادُ بِنَابِهِ أَيْ: وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَفِي الْمُبْتَغَى: قِيلَ: يُؤْكَلُ. وَقِيلَ: لَا. وَنَقَلَ الْعَبَّادِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ حَلَالٌ، وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ فِي طَهَارَةِ بَوْلِهِ وَخُرْئِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ. أَقُولُ: وَعَلَيْهِ يَتَمَشَّى قَوْلُ الشَّارِحِ فَطَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ فَافْهَمْ. مَبْحَثٌ فِي بَوْلِ الْفَأْرَةِ وَبَعْرِهَا وَبَوْلِ الْهِرَّةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَوْلُ الْفَأْرَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ بَوْلَ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَخُرْأَهَا نَجِسٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَاتِ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَالثَّوْبَ. وَلَوْ طُحِنَ بَعْرُ الْفَأْرَةِ مَعَ الْحِنْطَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ يُعْفَى عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا بَالَتْ الْهِرَّةُ فِي الْإِنَاءِ أَوْ عَلَى الثَّوْبِ تَنَجَّسَ، وَكَذَا بَوْلُ الْفَأْرَةِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَنْجُسُ الْإِنَاءُ دُونَ الثَّوْبِ. اهـ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ حَسَنٌ لِعَادَةِ تَخْمِيرِ الْأَوَانِي، وَبَوْلُ الْفَأْرَةِ فِي رِوَايَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ، وَالْمَشَايِخُ عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ لِخِفَّةِ الضَّرُورَةِ بِخِلَافِ خُرْئِهَا، فَإِنَّ فِيهِ ضَرُورَةً فِي الْحِنْطَةِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ نَجَاسَةُ الْكُلِّ. لَكِنَّ الضَّرُورَةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي بَوْلِ الْهِرَّةِ فِي غَيْرِ الْمَائِعَاتِ كَالثِّيَابِ، وَكَذَا فِي خُرْءِ الْفَأْرَةِ فِي نَحْوِ الْحِنْطَةِ دُونَ الثِّيَابِ وَالْمَائِعَاتِ. وَأَمَّا بَوْلُ الْفَأْرَةِ فَالضَّرُورَةُ فِيهِ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ إلَّا عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ الْمَارَّةِ الَّتِي ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ عَلَيْهَا الْفَتْوَى، لَكِنَّ عِبَارَةَ التَّتَارْخَانِيَّة: بَوْلُ الْفَأْرَةِ وَخُرْؤُهَا نَجِسٌ، وَقِيلَ بَوْلُهَا مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي الْحُجَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ نَجِسٌ. اهـ. وَلَفْظُ الْفَتْوَى وَإِنْ كَانَ آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ هُنَا تَأَيَّدَ بِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ فَافْهَمْ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْبِئْرِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الضَّرُورَةَ فِي الْبِئْرِ مُتَحَقِّقَةٌ، بِخِلَافِ الْأَوَانِي؛ لِأَنَّهَا تُخَمَّرُ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: إلَّا دَمَ شَهِيدٍ) أَيْ: وَلَوْ مَسْفُوحًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَكَلَامُ الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: مَا دَامَ عَلَيْهِ) فَلَوْ حَمَلَهُ الْمُصَلِّي جَازَتْ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا أَصَابَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ الْمَكَانِ الَّذِي حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ حَمَوِيٌّ، وَنَحْوُهُ فِي الْحِلْيَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ فِي لَحْمٍ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّ هَذِهِ الدِّمَاءَ طَاهِرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ مَسْفُوحَةً وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. فَهِيَ خَارِجَةٌ بِقَيْدِ الْمَسْفُوحِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَحْرِ. وَأَفَادَهُ ح. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَكَذَا الدَّمُ الْبَاقِي فِي عُرُوقِ الْمُذَكَّاةِ بَعْدَ الذَّبْحِ.
وَعَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي أَنَّهُ يُفْسِدُ الثَّوْبَ إذَا فَحَشَ وَلَا يُفْسِدُ الْقِدْرَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْأَثَرِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرَى فِي بُرْمَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - صُفْرَةَ دَمِ الْعُنُقِ وَالدَّمَ الْخَارِجَ مِنْ الْكَبِدِ، لَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَنَجِسٌ، وَإِنْ مِنْهُ فَطَاهِرٌ، وَكَذَا الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ اللَّحْمِ الْمَهْزُولِ عِنْدَ الْقَطْعِ. إنْ مِنْهُ فَطَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا دَمُ مُطْلَقِ اللَّحْمِ وَدَمُ الْقَلْبِ. قَالَ الْقَاضِي: الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ طَاهِرَانِ قَبْلَ الْغَسْلِ، حَتَّى لَوْ طُلِيَ بِهِ وَجْهُ الْخُفِّ وَصُلِّيَ بِهِ جَازَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَسِلْ) أَيْ: مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ بَحْرٌ، لَكِنْ فِي حَوَاشِي الْحَمَوِيِّ: إنَّ التَّقْيِيدَ بِالْإِنْسَانِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَدَمَ سَمَكٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَمٍ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا يَبِسَ يَبْيَضُّ وَالدَّمُ يَسْوَدُّ، وَشَمِلَ