ذَكَرْنَاهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ يَعْنِي فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَاضِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ يَأْثَمُ وَيُعَزَّرُ وَيُعْزَلُ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: لِرِيبَةٍ، وَلِرَجَاءِ صُلْحِ أَقَارِبَ وَإِذَا اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعِيَ. لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ قَضَائِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ لَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ أَوْ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ.
فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ، فَلَوْ زَوَّجَ الْيَتِيمَةَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ لَمْ يَجُزْ.
ــ
رد المحتار
سَبْعَةَ عَشَرَ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ هُنَاكَ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: ذَكَرْنَاهَا) مِنْ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ
(قَوْلُهُ: وَيُعْزَلُ) أَيْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِرِيبَةٍ) أَيْ إذَا كَانَ لَهُ رِيبَةٌ فِي الشُّهُودِ وَمِنْهَا ثَلَاثَةٌ شَهِدُوا عِنْدَهُ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقَضَاءِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَذَبْت فِي شَهَادَتِي فَسَمِعَهُ الْقَاضِي بِلَا تَعْيِينِ شَخْصِهِ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا كُلُّنَا عَلَى شَهَادَتِنَا فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ، وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ بِيرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلِرَجَاءِ صُلْحِ أَقَارِبَ) وَكَذَا الْأَجَانِبُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُورِثُ الضَّغِينَةَ فَيُحْتَرَزُ عَنْهُ مَهْمَا أَمْكَنَ ط عَنْ الشَّيْخِ صَالِحٍ وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إذَا طَمَعَ الْقَاضِي فِي إرْضَاءِ الْخَصْمَيْنِ لَا بَأْسَ بِرَدِّهِمْ، وَلَا يُنْفِذُ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمَا لَعَلَّهُمَا يَصْطَلِحَانِ وَلَا يَرُدُّهُمَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا اسْتَمْهَلَ الْمُدَّعِي) أَرَادَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا اسْتَمْهَلَ مِنْ الْقَاضِي حَتَّى يُحْضِرَ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يُمْهِلُهُ، وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتَمْهَلَ مِنْ الْقَاضِي، حَتَّى يَأْتِيَ بِالدَّفْعِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ، وَلَا يَعْجَلُ بِالْحُكْمِ اهـ وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ الدَّفْعِ وَكَانَ صَحِيحًا فَلَوْ فَاسِدًا لَا يُمْهِلُهُ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ بِيرِيٌّ.
قُلْت: وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِي دَفْعٌ يُمْهَلُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي، وَزَادَ الْبِيرِيُّ عَنْ الْخُلَاصَةِ مَسْأَلَةً أُخْرَى يُؤَخَّرُ فِيهَا إذَا لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى فَتْوَى أَهْلِ مِصْرِهِ فَبَعَثَ الْفَتْوَى إلَى مِصْرٍ آخَرَ لَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ.
(قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ قَضَائِهِ) فَلَوْ قَالَ رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي لَمْ يَصِحَّ وَالْقَضَاءُ مَاضٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَشْبَاهٌ قَيَّدَ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْقَضَاءَ وَقَالَ الشُّهُودُ قَضَى فَالْقَوْلُ لَهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْغَرْسِ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْقَضَاءِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ فِي زَمَانِنَا مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِلْمِهِ) كَمَا إذَا اعْتَرَفَ عِنْدَهُ شَخْصٌ لِآخَرَ بِمَبْلَغٍ وَغَابَا عَنْهُ، ثُمَّ تَدَاعَى عِنْدَهُ اثْنَانِ فَحَكَمَ عَلَى أَحَدِهِمَا ظَانًّا أَنَّهُ ذَلِكَ الْمُعْتَرِفُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ غَيْرُهُ لَهُ نَقْضُهُ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي الْعَمَلَ بِعِلْمِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِهِ فِي زَمَانِنَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَقَيَّدَ بِزَمَانِنَا لِفَسَادِ الْقُضَاةِ فِيهِ، وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَضَى بِالْجَوْرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ قَضَى فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ.
مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ
(قَوْلُهُ: فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمٌ إلَخْ) كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ تَفْرِيعًا وَاسْتِثْنَاءً وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الْقَضَاءِ، فِعْلُ الْقَاضِي عَلَى وَجْهَيْنِ