بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ نَفَذَ) وَأَثِمَ فَتْحٌ (إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ (الْإِمَامُ فَلَا) يَنْفُذُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَتَأَقَّتُ وَيَتَقَيَّدُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَحَادِثَةٍ وَقَوْلٍ مُعْتَمَدٍ حَتَّى لَا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ بِأَقْوَالٍ ضَعِيفَةٍ وَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُجْتَبَى مِنْ قَبُولِ ذِي الْمُرُوءَةِ الصَّادِقِ فَقَوْلُ الثَّانِي بَحْرٌ وَضَعَّفَهُ الْكَمَالُ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُقْبَلُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.
(وَهِيَ) إنْ (عَلَى حَاضِرٍ يَحْتَاجُ) الشَّاهِدُ (إلَى الْإِشَارَةِ إلَى) ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ أَعْنِي (الْخَصْمَيْنِ وَالْمَشْهُودَ بِهِ لَوْ عَيْنًا) لَا دَيْنًا (وَإِنْ عَلَى غَائِبٍ) كَمَا فِي نَقْلِ الشَّهَادَةِ (أَوْ مَيِّتٍ فَلَا بُدَّ) لِقَبُولِهَا (مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى جَدِّهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَصِنَاعَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ يُعْرَفُ بِهَا) أَيْ بِالصِّنَاعَةِ (لَا مَحَالَةَ) بِأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْمِصْرِ غَيْرُهُ (فَلَوْ قَضَى بِلَا ذِكْرِ الْجَدِّ نَفَذَ) فَالْمُعْتَبَرُ التَّعْرِيفُ لَا تَكْثِيرُ الْحُرُوفِ، حَتَّى لَوْ عُرِفَ بِاسْمِهِ فَقَطْ أَوْ بِلَقَبِهِ وَحْدَهُ كَفَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَمُلْتَقَطٌ.
(وَلَا يَسْأَلُ عَنْ شَاهِدٍ بِلَا طَعْنٍ مِنْ الْخَصْمِ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ، وَعِنْدَهُمَا يَسْأَلُ فِي الْكُلِّ) إنْ جَهِلَ بِحَالِهِمْ بَحْرٌ (سِرًّا وَعَلَنًا بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ اخْتِلَافُ زَمَانٍ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِالسِّرِّ جَازَ مَجْمَعٌ وَبِهِ يُفْتَى سِرَاجِيَّةٌ.
(وَكَفَى فِي التَّزْكِيَةِ) قَوْلُ الْمُزَكِّي (هُوَ عَدْلٌ فِي الْأَصَحِّ) لِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ دُرَرٌ يَعْنِي الْأَصْلَ فِيمَنْ كَانَ فِي دَارُ الْإِسْلَامِ
ــ
رد المحتار
الْقَاضِي يَعْنِي نَفَاذَهُ مِنَحٌ.
(قَوْلُهُ بِشَهَادَةِ فَاسِقٍ نَفَذَ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: وَأَمَّا شَهَادَةُ الْفَاسِقِ، فَإِنْ تَحَرَّى الْقَاضِي الصِّدْقَ فِي شَهَادَتِهِ تُقْبَلُ وَإِلَّا فَلَا اهـ فَتَّالٌ: وَفِي الْفَتَاوَى الْقَاعِدِيَّةِ: هَذَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَهُوَ مِمَّا يُحْفَظُ دُرَرٌ أَوَّلَ كِتَابِ الْقَضَاءِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَهُوَ مِمَّا يُحْفَظُ اعْتِمَادُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ بَحْرٌ) الَّذِي فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ النَّصِّ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} الطلاق: ٢ وَأَجَبْنَا عَنْهُ أَوَّلَ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ إلَخْ) .
فَرْعٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: كَتَبَ شَهَادَتَهُ فَقَرَأَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلَّ مَا سُمِّيَ وَوُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ، أَوْ قَالَ هَذَا الْمُدَّعَى الَّذِي قُرِئَ وَوُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي يُقْبَلُ، لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِطُولِ الشَّهَادَةِ وَلِعَجْزِ الشَّاهِدِ عَنْ الْبَيَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِلَقَبِهِ) وَكَذَا بِصِفَتِهِ، كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ فِيمَنْ يَشْهَدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُتِلَتْ فِي سُوقِ كَذَا يَوْمَ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا قَتَلَهَا فُلَانٌ تُقْبَلُ بِلَا بَيَانِ اسْمِهَا وَأَبِيهَا حَيْثُ كَانَتْ مَعْرُوفَةً لَمْ يُشَارِكْهَا فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا.
(قَوْلُهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) أَيْ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ.
(قَوْلُهُ يَسْأَلُ) أَيْ وُجُوبًا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِلصِّحَّةِ عِنْدَهُمَا كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ: وَمَحَلُّ السُّؤَالِ عَنْ قَوْلِهَا عِنْدَ جَهْلِ الْقَاضِي بِحَالِهِمْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ: الْقَاضِي إذَا عَرَفَ الشُّهُودَ بِجَرْحٍ أَوْ عَدَالَةٍ لَا يَسْأَلُ عَنْهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَعِنْدَهُمَا يَسْأَلُ فِي الْكُلِّ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ طَعَنَ الْخَصْمُ سَأَلَ عَنْهُ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا سَأَلَ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَفِي غَيْرِهَا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ. وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ انْتَهَى، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ سِرًّا وَعَلَنًا لِئَلَّا يُوهِمَ خِلَافَ الْمُرَادِ فَإِنَّهُ سَيَنْقُلُ أَنَّ الْفَتْوَى الِاكْتِفَاءُ بِالسِّرِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْكَمَالِ فِي مَتْنِهِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ مَا فِي الْكَنْزِ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْعَلَانِيَةِ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ، بَلْ فِي الْبَحْرِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ عَلَى الْعَلَانِيَةِ، لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا أَقْبَلُ تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ حَتَّى يُزَكَّى فِي السِّرِّ اهـ فَتَنَبَّهْ.
(قَوْلُهُ الرَّابِعِ) وَالْإِمَامُ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخَيْرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ هُوَ عَدْلٌ) أَيْ وَجَائِزُ الشَّهَادَةِ. قَالَ فِي الْكَافِي: ثُمَّ قِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ جَائِزُ الشَّهَادَةِ، إذْ الْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ قَدْ يُعَدَّلُ. وَالْأَصَحُّ أَنْ يَكْتَفِيَ