عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ تَعْوِيلَ الْأَئِمَّةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ فَلْيُحْفَظْ (دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) لِلْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّ يَدَ هَؤُلَاءِ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ عُرِفَ ذُو الْيَدِ بِالْحِيَلِ لَا تَنْدَفِعُ وَبِهِ يُؤْخَذُ مُلْتَقَى وَاخْتَارَهُ فِي الْمُخْتَارِ وَهَذِهِ مُخَمَّسَةُ كِتَابِ الدَّعْوَى، لِأَنَّ فِيهَا أَقْوَالَ خَمْسَةِ عُلَمَاءَ كَمَا بُسِطَ فِي الدُّرَرِ أَوْ لِأَنَّ صُوَرَهَا خَمْسٌ عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَكَّلَنِي صَاحِبُهُ بِحِفْظِهِ، أَوْ أَسْكَنَنِي فِيهَا زَيْدٌ الْغَائِبُ أَوْ سَرَقْته مِنْهُ أَوْ انْتَزَعْته مِنْهُ أَوْ ضَلَّ مِنْهُ فَوَجَدْته بَحْرٌ أَوْ هِيَ فِي يَدِي مُزَارَعَةً بَزَّازِيَّةٌ فَالصُّوَرُ إحْدَى عَشْرَةَ.
قُلْت: لَكِنْ أَلْحَقَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُزَارَعَةَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ قَالَ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْخَمْسِ
ــ
رد المحتار
ظَاهِرٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يَكْتَفِ مُحَمَّدٌ بِمَعْرِفَةِ الْوَجْهِ فَقَطْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَالْمَعْرِفَةُ بِوَجْهِهِ فَقَطْ لَا تَكُونُ مَعْرِفَةً، أَلَا تَرَى إلَى «قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِرَجُلٍ أَتَعْرِفُ فُلَانًا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ هَلْ تَعْرِفُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ؟ فَقَالَ لَا: فَقَالَ إذَنْ لَا تَعْرِفُهُ» وَكَذَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ) وَنُقِلَ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ دُفِعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي) أَيْ حَكَمَ الْقَاضِي بِدَفْعِهَا وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ لَا يَحْتَاجُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى إعَادَةِ الدَّفْعِ بَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ دُفِعَتْ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ وَلَمْ أَرَهُ الْآنَ بَحْرٌ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْبُرْهَانِ كَيْفَ يَحْلِفُ؛ أَمَّا قَبْلَهُ نُقِلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ لَقَدْ أَوْدَعَهَا إلَيْهِ لَا عَلَى الْعِلْمِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ الْإِيدَاعَ وَلَوْ حَلَفَ لَا تَنْدَفِعُ بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ.
(قَوْلُهُ لِلْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) وَمِنْهُ دَعْوَى الْوَقْفِ دَعْوَى غَلَّتِهِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ الْفَصْلِ الْآتِي قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صُورَةَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَأَرَادَ بِهَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فِي الْعَيْنِ وَلَمْ يَدَّعِ عَلَى ذِي الْيَدِ فِعْلًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُقَابِلَةِ لِهَذِهِ.
وَحَاصِلُ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ أَوْ مَضْمُونٍ وَالْمِلْكُ لِلْغَيْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بُرْهَانَ الْمُدَّعِي وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْخَارِجَ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْبُرْهَانِ وَلَا يَحْتَاجُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الدَّفْعِ قَبْلَهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمَّا ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فِيمَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَهُ فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعِي الْبُرْهَانَ فَأَقَامَهُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ حَتَّى دَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ وَبَرْهَنَ عَلَى الدَّفْعِ اهـ (قَوْلُهُ بِالْحِيَلِ) بِأَنْ يَأْخُذَ مَالَ إنْسَانٍ غَصْبًا ثُمَّ يَدْفَعَهُ سِرًّا إلَى مُرِيدِ سَفَرٍ وَيُودِعُهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ، حَتَّى إذَا جَاءَ الْمَالِكُ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكَهُ فِيهِ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ فَيُبْطِلُ حَقَّهُ كَذَا فِي الدُّرَرِ ح (قَوْلُهُ فِي الْمُخْتَارِ) وَفِي الْمِعْرَاجِ رَجَعَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ حِينَ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ، وَعَرَفَ أَحْوَالَ النَّاسِ فَقَالَ الْمُحْتَالُ مِنْ النَّاسِ يَأْخُذُ مِنْ إنْسَانٍ غَصْبًا ثُمَّ يَدْفَعُهُ سِرًّا إلَى مَنْ يُرِيدُ السَّفَرَ حَتَّى يُودِعَهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ حَتَّى إذَا جَاءَ الْمَالِكُ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكَهُ يُقِيمُ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَهُ فَيُبْطِلُ حَقَّهُ وَتَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
(قَوْلُهُ كَمَا بُسِطَ فِي الدُّرَرِ) ذَكَرَ هُنَا أَقْوَالَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ الرَّابِعَةُ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ: أَنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَالْخَامِسُ: قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى تَنْدَفِعُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ لِإِقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ س.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ وَكَّلَنِي يَرْجِعُ إلَى أَوْدَعَنِيهِ وَأَسْكَنَنِي إلَى أَعَارَنِيهِ وَسَرَقْته مِنْهُ إلَى غَصَبْته مِنْهُ وَضَلَّ مِنْهُ فَوَجَدْته إلَى أَوْدَعَنِيهِ وَهِيَ فِي يَدِي مُزَارَعَةً إلَى الْإِجَارَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْخَمْسِ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ بَحْرٌ) ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ، وَالْأَوَّلَانِ رَاجِعَانِ إلَى الْأَمَانَةِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ إلَى الضَّمَانِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ فِي الْأَخِيرَةِ وَإِلَّا فَإِلَى الْأَمَانَةِ فَالصُّوَرُ عَشْرٌ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الصُّوَرَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْخَمْسِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعْدَ رُجُوعِ مَا زَادَهُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا مَحَلَّ لِلِاعْتِرَاضِ بِعَدَمِ الِانْحِصَارِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَوْ هِيَ فِي يَدِي) مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَيْسَتْ فِي الْبَحْرِ مَعَ أَنَّهَا وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فِيهِ ح.
(قَوْلُهُ أَلْحَقَ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُزَادُ) أَيْ لَا تُزَادُ مَسْأَلَةُ الْمُزَارَعَةِ الَّتِي زَادَهَا