شَيْئًا فَهُوَ إيدَاعٌ (وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُودَعِ صَرِيحًا) كَقَبِلْتُ (أَوْ دَلَالَةً) كَمَا لَوْ سَكَتَ عِنْدَ وَضْعِهِ فَإِنَّهُ قَبُولٌ دَلَالَةً كَوَضْعِ ثِيَابِهِ فِي حَمَّامٍ بِمَرْأًى مِنْ الثِّيَابِيِّ، وَكَقَوْلِهِ لِرَبِّ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا فَقَالَ: هُنَاكَ كَانَ إيدَاعًا خَانِيَّةٌ هَذَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْحِفْظِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَمَانَةِ فَتَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلْغَاصِبِ أَوْدَعْتُك الْمَغْصُوبَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ اخْتِيَارٌ.
(وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمَالِ قَابِلًا لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ) فَلَوْ أَوْدَعَ الْآبِقَ أَوْ الطَّيْرَ فِي الْهَوَاءِ لَمْ يَضْمَنْ
(وَكَوْنُ الْمُودَعِ مُكَلَّفًا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَيْهِ) فَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا فَاسْتَهْلَكَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ
(وَهِيَ
ــ
رد المحتار
قَوْلُهُ: يَنْبَغِي لَا يَنْبَغِي إذْ الرَّسُولُ لَمَّا أَتَى بِهَا إلَيْهِ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الرِّسَالَةِ، وَصَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَمَّا قَالَ الْبَقَّارُ رُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا صَارَ كَأَنَّهُ رَدَّهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَلِذَا يَضْمَنُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ نُورُ الْعَيْنِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ لَمْ أَقْبَلْ حَتَّى لَمْ يَصِرْ مُودَعًا وَتَرَكَ الثَّوْبَ رَبُّهُ، وَذَهَبَ فَرَفَعَهُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ وَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيدَاعُ صَارَ غَاصِبًا بِرَفْعِهِ، يَقُولُ الْحَقِيرُ: فِيهِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْغَصْبَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ، وَلَمْ تُوجَدْ، وَرَفْعُهُ الثَّوْبَ لِقَصْدِ النَّفْعِ لَا الضَّرَرِ بَلْ تَرْكُ الْمَالِكِ ثَوْبَهُ إيدَاعٌ ثَانٍ، وَرَفْعُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ قَبُولٌ ضِمْنًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ شَيْئًا) فَلَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُ لَا يَكُونُ مُودَعًا لِأَنَّ الدَّلَالَةَ لَمْ تُوجَدْ بَحْرٌ وَفِيهِ عَنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ وَضَعَ كِتَابَهُ عِنْدَ قَوْمٍ، فَذَهَبُوا وَتَرَكُوهُ ضَمِنُوا إذَا ضَاعَ، وَإِنْ قَامُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ضَمِنَ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ فَتَعَيَّنَ لِلضَّمَانِ اهـ فَكُلٌّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيهِ غَيْرُ صَرِيحٍ كَمَسْأَلَةِ الْخَانِيِّ الْآتِيَةِ قَرِيبًا.
فَرْعٌ .
فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ دَارَ غَيْرِهِ، وَأَخْرَجَهَا رَبُّ الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّهَا تَضُرُّ بِالدَّارِ، وَلَوْ وَجَدَ دَابَّةً فِي مَرْبِطِهِ فَأَخْرَجَهَا ضَمِنَ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَكَتَ) أَيْ فَإِنَّهُ قَبُولٌ، وَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْهِنْدِيَّةِ قَالَ وَضَعَ شَيْئًا فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى ضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ. وَضَعَ عِنْدَ آخَرَ شَيْئًا، وَقَالَ: احْفَظْ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ اهـ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا وَعَدَمِهِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ الثِّيَابِيِّ) وَلَا يَكُونُ الْحَمَّامِيُّ مُودَعًا مَادَامَ الثِّيَابِيُّ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْحَمَّامِيُّ مُودَعٌ بَحْرٌ. وَفِيهِ عَنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ: لَبِسَ ثَوْبًا فَظَنَّ الثِّيَابِيُّ أَنَّهُ ثَوْبُهُ، فَإِذَا هُوَ ثَوْبُ الْغَيْرِ ضَمِنَ هُوَ الْأَصَحُّ أَيْ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ السُّؤَالِ وَالتَّفَحُّصِ يَكُونُ مُفَرِّطًا، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْقَبُولَ صَرِيحٌ، وَدَلَالَةٌ فَلَعَلَّهُ هُنَا بِمَعْنَى الرَّدِّ أَمَّا لَوْ سَكَتَ فَهُوَ قَبُولٌ دَلَالَةً تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لِإِثْبَاتِ الْيَدِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ تَسَامُحٌ؛ إذْ الْمُرَادُ إثْبَاتُ الْيَدِ بِالْفِعْلِ، وَلَا يَكْفِي قَبُولُ الْإِثْبَاتِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ وَحِفْظُ شَيْءٍ بِدُونِ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ مُحَالٌ تَأَمَّلْ فَتَّالٌ وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِ الصَّبِيِّ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ: وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ وَالْآخِذِ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ مَدَنِيٌّ وَانْظُرْ حَاشِيَةَ الْفَتَّالِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ) أَيْ لَوْ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.
فَرْعٌ .
قَالَ فِي الْهَامِشِ: لَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْلِ الْعِيَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ فَسَافَرَ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا لَوْ عَيَّنَ الْمَكَانَ فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ: احْفَظْ هَذَا، وَلَمْ يَقُلْ فِي مَكَانِ كَذَا، فَسَافَرَ بِهِ فَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا لَا عِنْدَنَا كَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لَوْ سَافَرَ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، فَلَوْ كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَقَدْ أُمِرَ بِالْحِفْظِ مُطْلَقًا، فَلَوْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ السَّفَرِ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أَوْدَعَهُ فِيهِ لَمْ