بَدَلَ الْهِبَةِ الْعَقْدُ وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُعَوَّضَ عَمَّا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ) وَلَوْ وُهِبَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ ثُمَّ عُوِّضَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ بَحْرٌ
(وَلَا يَصِحُّ تَعْوِيضُ مُسْلِمٍ مِنْ نَصْرَانِيٍّ عَنْ هِبَتِهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا) إذْ لَا يَصِحُّ تَمْلِيكًا مِنْ الْمُسْلِمِ بَحْرٌ
(وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعِوَضُ بَعْضَ الْمَوْهُوبِ، فَلَوْ عَوَّضَهُ الْبَعْضَ عَنْ الْبَاقِي) لَا يَصِحُّ (فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْبَاقِي) وَلَوْ الْمَوْهُوبُ شَيْئَيْنِ فَعَوَّضَهُ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ إنْ كَانَا فِي عَقْدَيْنِ صَحَّ، وَإِلَّا لَا لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ وَالدَّرَاهِمُ تَتَعَيَّنُ فِي هِبَةٍ وَرُجُوعٍ مُجْتَبَى (وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ يَصْلُحُ عِوَضُهَا عَنْهَا) لِحُدُوثِهِ بِالطَّحْنِ وَكَذَا لَوْ صَبَغَ بَعْضَ الثِّيَابِ أَوْ لَتَّ بَعْضَ السَّوِيقِ ثُمَّ عَوَّضَهُ صَحَّ خَانِيَّةٌ.
(وَلَوْ عَوَّضَهُ وَلَدَ إحْدَى جَارِيَتَيْنِ مَوْهُوبَتَيْنِ وَجَدَ) ذَلِكَ الْوَلَدَ (بَعْدَ الْهِبَةِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ)
(وَصَحَّ) الْعِوَضُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ إذَا قَبَضَهُ) كَبَدَلِ الْخُلْعِ (وَلَوْ) التَّعْوِيضُ بِغَيْرِ إذْنِ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) وَلَا رُجُوعَ وَلَوْ بِأَمْرِهِ إلَّا إذَا قَالَ: عَوِّضْ عَنِّي عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّعْوِيضِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ (وَ) الْأَصْلُ أَنَّ (كُلَّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ مُثْبِتًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَمَا لَا فَلَا) إلَّا إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ ظَهِيرِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ (فَلَوْ أَمَرَ الْمَدْيُونُ رَجُلًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى بِنَاءِ دَارِي أَوْ قَالَ الْأَسِيرُ اشْتَرِنِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِمَا بِلَا شَرْطِ رُجُوعِ كَفَالَةٍ خَانِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِمَا لَا بِحَبْسٍ وَلَا بِمُلَازَمَةٍ فَتَأَمَّلْ
(وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْهِبَةِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعِوَضِ وَعَكْسُهُ لَا، مَا لَمْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ) لِأَنَّهُ
ــ
رد المحتار
أَيْ أَقَلَّ مِنْ الْمَوْهُوبِ، لِأَنَّ الْعِوَضَ لَيْسَ بِبَدَلٍ حَقِيقَةً وَإِلَّا لَمَا جَازَ بِالْأَقَلِّ لِلرِّبَا
(قَوْلُهُ أَنْ يُعَوَّضَ) وَإِنْ عُوِّضَ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ لِبُطْلَانِ التَّعْوِيضِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَلَوْ مِنْ مَالِ الْأَبِ صَحَّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ التَّعْوِيضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وُهِبَ الْعَبْدُ) فَوُهِبَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَهَبَ لَهُ شَخْصٌ شَيْئًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُوِّضَ) أَيْ عَوَّضَ الْعَبْدَ عَنْ هِبَتِهِ (قَوْلُهُ الرُّجُوعُ) لِعَدَمِ مِلْكِ التَّاجِرِ الْمَأْذُونِ الْهِبَةَ فَلَمْ يَصِحَّ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ بَحْرٌ) لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَهَبَ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا فِي التَّعْوِيضِ سَائِحَانِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَهَبَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَعُوِّضَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ.
(قَوْلُهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ) مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ خَمْرًا) مَفْعُولُ تَعْوِيضٌ.
(قَوْلُهُ فِي هِبَةٍ) يَعْنِي إذَا وَهَبَهُ دَرَاهِمَ تَعَيَّنَتْ فَلَوْ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا كَانَ إعْرَاضًا مِنْهُ عَنْهَا فَلَوْ أَتَى بِغَيْرِهَا وَدَفَعَهُ لَهُ فَهُوَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَإِذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَبْدَلَهَا بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الدَّرَاهِمِ الدَّنَانِيرُ ط (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الْهِبَةِ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَلَوْ أَنْفَقَهَا كَانَ إهْلَاكًا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ ط (قَوْلُهُ بِالطَّحْنِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ عَيْنُ الْمَوْهُوبِ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَوَّضَهُ) أَيْ الْبَعْضَ أَيْ جَعَلَهُ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ لِحُصُولِ الزِّيَادَةِ فَكَأَنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْوَلَدِ فَصَحَّ الْعِوَضُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ) أَيْ لِلْمُعَوَّضِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ شَرِيكَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا، لِأَنَّ التَّعْوِيضَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِإِنْسَانٍ إلَّا إذَا قَالَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ إذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا رُجُوعَ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ إلَخْ) تَقَدَّمَ قَبْلَ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ أَصْلَانِ آخَرَانِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَا لَا فَلَا. .
(قَوْلُهُ: رَجَعَ بِنِصْفِ الْعِوَضِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَهَذَا أَيْ الرُّجُوعُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْهِبَةِ بَطَلَ فِي الْبَاقِي وَيَرْجِعُ بِالْعِوَضِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ الْبَعْضَ الْمُسْتَحَقَّ، فَبَطَلَ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ لَا) أَيْ إنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعِوَضِ لَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْهِبَةِ، لِأَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مُقَابِلٌ لِكُلِّ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ يَصْلُحُ لِلْعِوَضِ ابْتِدَاءً، فَكَانَ إبْقَاءً إلَّا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ إلَّا لِيَسْلَمَ لَهُ كُلُّ