مُطْلَقًا) لِظُلْمِهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ يُتْرَكُ الزَّرْعُ بِأَجْرٍ: أَيْ بِقَضَاءٍ أَوْ بِعَقْدِهِمَا حَتَّى لَا يَجِبَ الْأَجْرُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ فَلْيُحْفَظْ بَحْرٌ
. (وَ) تَصِحُّ (إجَارَةُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَالثَّوْبِ لِلُّبْسِ لَا) تَصِحُّ إجَارَةُ الدَّابَّةِ (لِيَجْنُبَهَا) أَيْ لِيَجْعَلَهَا جَنِيبَةً بَيْنَ يَدَيْهِ (وَلَا يَرْكَبَهَا وَلَا) تَصِحُّ إجَارَتُهَا أَيْضًا (لِ) أَجْلِ أَنْ (يَرْبِطَهَا عَلَى بَابِ دَارِهِ لِيَرَاهَا النَّاسُ) فَيَقُولُوا لَهُ فَرَسٌ (أَوْ) لِأَجْلِ أَنْ (يُزَيِّنَ بَيْتَهُ) أَوْ حَانُوتَهُ (بِالثَّوْبِ) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ هَذِهِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَلَا أَجْرَ؛ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا لِيُصَلِّيَ فِيهِ أَوْ طِيبًا لِيَشُمَّهُ
ــ
رد المحتار
بِالْقَلْعِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرَكْ ط. (قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَجِبَ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْوَقْفِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَمَالِ الْيَتِيمِ، فَإِنَّهَا إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَبَقِيَ الزَّرْعُ بَعْدَهَا حَتَّى أُدْرِكَ يَقْضِي بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِمَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ مُطْلَقًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ) لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ لَهُ الرُّكُوبُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، فَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ يُسَمَّى حَمْلًا، يُقَالُ حَمَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ لَا الْعَكْسُ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ مُخْتَصَرًا.
وَفِيهِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ: اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ حِنْطَةً مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَنْزِلِهِ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَحَمَلَ وَكُلَّمَا رَجَعَ كَانَ يَرْكَبُهَا.
قَالَ الرَّازِيّ: يَضْمَنُ لَوْ عَطِبَتْ.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي الِاسْتِحْسَانِ: لَا، لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ وَالْإِذْنِ دَلَالَةً اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَوْ لِلْحَمْلِ لَهُ الرُّكُوبِ، لَكِنَّ الرَّازِيَّ قَيَّدَهُ بِأَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَالْفَقِيهُ عَمَّمَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالثَّوْبُ لِلُّبْسِ) وَيَكْفِي فِي اسْتِئْجَارِهِ التَّمَكُّنُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُلْبَسْ وَهُوَ كَالسُّكْنَى، وَفِي الدَّابَّةِ لَا يَكْفِي التَّمَكُّنُ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَمْسَكَهَا فِي مَنْزِلِهِ فِي الْمِصْرِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَيَضْمَنُ لَوْ هَلَكَ اهـ بَحْرٌ مُلَخَّصًا وَمَرَّ تَمَامُهُ. (قَوْلُهُ لِيَجْنُبَهَا) يُقَالُ جَنَبَ الدَّابَّةَ جَنَبًا بِالتَّحْرِيكِ: قَادَهَا إلَى جَنْبِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ خَيْلٌ مُجَنَّبَةٌ شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ.
وَالْجَنِيبَةُ: الدَّابَّةُ تُقَادُ، وَكُلُّ طَائِعٍ مُنْقَادٍ جَنِيبٌ. وَالْأَجْنَبُ: الَّذِي لَا يَنْقَادُ صِحَاحٌ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ جَنِيبَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ مَقَادَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَكَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالظَّرْفِ لِلْعَادَةِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الصِّحَاحِ الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرْكَبُهَا) لَمْ يُصَرِّحْ بِمَفْهُومِهِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لَهُمَا يَصِحُّ نَظَرًا لِلرُّكُوبِ وَغَيْرُهُ تَبَعٌ لَهُ وَيُحَرَّرُ ط.
أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ والتتارخانية بَعْدَ سَرْدِ نَظَائِرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ، وَلَا أَجْرَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ قَدْ يَكُونُ يَسْتَأْجِرُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ اهـ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الرُّكُوبَ وَنَحْوَهُ، فَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا لَهُمَا لَزِمَهُ بِالْأَوْلَى، هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى لُزُومِ الْأَجْرِ، وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَرَاجِعَةٌ إلَى بَيَانِ الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ لِيُصَلِّيَ فِيهِ) وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ بَيْتًا مِنْ مُسْلِمٍ لِيُصَلِّيَ فِيهِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْكَافِرِ.
قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ: يَنْبَغِي كَوْنُ مَفْهُومِهِ مَهْجُورًا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ جَهْلُ الْمُدَّةِ، فَلَوْ عُلِمَتْ تَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ جَعَلْتَ كَوْنَ الْمَنْفَعَةِ غَيْرَ مَقْصُودَةٍ فَتَأَمَّلْهُ اهـ مُلَخَّصًا.
أَقُولُ: وَفِي التتارخانية: اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ الذِّمِّيِّ بَيْتًا يُصَلِّي فِيهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْلِمِ بِيعَةً لِيُصَلِّيَ فِيهَا لَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَفِي السَّوَادِ جَازَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ بَيْتًا يَجْعَلُهُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى مَا هُوَ طَاعَةٌ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ الذِّمِّيُّ يَسْتَأْجِرُ رَجُلًا لِيُصَلِّيَ بِهِمْ لَا يَجُوزُ اهـ مُلَخَّصًا،