أُجْرَةُ السِّجْنِ وَالسَّجَّانِ فِي زَمَانِنَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ خِزَانَةُ الْفَتَاوَى.
انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَرَبُّ الدَّارِ غَائِبٌ فَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْمُسْتَأْجِرُ غَائِبٌ وَالدَّارُ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ؛؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَسْكُنْهَا بِأُجْرَةٍ.
آجَرَ دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ عِنْد تَمَامِ الشَّهْرِ، فَلَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَمَتَاعَهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآجِرِ الْفَسْخُ مَعَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصْمٍ، وَالْحِيلَةُ إجَارَتُهَا لِآخَرَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ، فَإِذَا تَمَّ تَنْفَسِخُ الْأُولَى فَتَنْفُذُ الثَّانِيَةُ فَتَخْرُجُ مِنْهَا الْمَرْأَةُ وَتُسَلَّمُ لِلثَّانِي خَانِيَّةٌ اهـ.
بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (الْفَاسِدُ) مِنْ الْعُقُودِ (مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ، وَالْبَاطِلُ مَا لَيْسَ مَشْرُوعًا أَصْلًا) لَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ (وَحُكْمُ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْفَاسِدُ (وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ
ــ
رد المحتار
فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَكِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ مُقَابِلِهِ، وَوَجْهُ الْفَسَادِ أَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ لَا تَلْزَمَ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ الْعُطْلَةِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، فَتَقْيِيدُ حَطِّ الشَّهْرَيْنِ مِمَّا لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ حَطِّ قَدْرِهَا؛ وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ شَرَى زَيْتًا فِي زِقٍّ وَاشْتَرَطَ حَطَّ أَرْطَالٍ لِأَجْلِ الزِّقِّ فَسَدَ، بِخِلَافِ حَطِّ مِقْدَارِ الزِّقِّ
١ -
(قَوْلُهُ أُجْرَةُ السِّجْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ؛ فَلَوْ مَبْنِيًّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُسَبَّلًا فَلَا أَجْرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فِي زَمَانِنَا) لَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ مُنْتَظِمًا فَالسِّجْنُ وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ مِنْهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ لِأَجْلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمَدِينِ مُمَاطِلًا أَوْ لَا ط.
قُلْتُ: وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ أُجْرَةً لِلْمُحْضِرِ لِلْخُصُومِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ: وَفِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ: هُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنْ فِي قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ: وَقِيلَ عَلَى الْمُدَّعِي وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ
(قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِهَذِهِ السَّنَةِ إلَخْ) سَيَأْتِي أَوَاخِرَ بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا شَهْرًا فَسَكَنَ شَهْرَيْنِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الشَّهْرِ الثَّانِي إنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَإِلَّا لَا بِهِ يُفْتَى وَيَأْتِي تَمَامُهُ. (قَوْلُهُ آجَرَ دَارِهِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَتْنًا فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ الْفَسْخُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ وَمَا بَعْدَهُ فَاسِدٌ، أَوْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُنَجَّزٌ وَمَا بَعْدَهُ مُضَافٌ وَفِي لُزُومِهِ خِلَافٌ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي، ثُمَّ إنَّ الْفَسْخَ إنَّمَا يَكُونُ بِمَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِلَّا لَا يَصِحُّ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصْمٍ) وَلِاشْتِرَاطِ حُضُورِهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ فَتَنْفُذُ الثَّانِيَةُ) أَيْ يَظْهَرُ أَثَرُ عَقْدِهَا وَإِلَّا فَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ ط، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
ِ تَأْخِيرُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَنْ صَحِيحِهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْذِرَةٍ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا مِنَحٌ. (قَوْلُهُ مِنْ الْعُقُودِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْعِبَادَاتِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَاسِدِهَا وَبَاطِلِهَا (قَوْلُهُ دُونَ وَصْفِهِ) وَهُوَ مَا عَرَضَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَهَالَةِ أَوْ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ حَتَّى لَوْ خَلَا عَنْهُ كَانَ صَحِيحًا ط.
(قَوْلُهُ وَالْبَاطِلُ) كَأَنْ اسْتَأْجَرَ بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ طِيبًا لِيَشُمَّهُ أَوْ شَاةً لِتَتْبَعَهَا غَنَمُهُ أَوْ فَحْلًا لِيَنْزُوَ أَوْ رَجُلًا لِيَنْحِتَ لَهُ صَنَمًا ط. (قَوْلُهُ وَلَا بِوَصْفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ بَطَلَ الْأَصْلُ تَبِعَهُ الْوَصْفُ (قَوْلُهُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ) أَيْ أَجْرِ شَخْصٍ مُمَاثِلٍ لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَالِاعْتِبَارُ فِيهِ لِزَمَانِ الِاسْتِئْجَارِ وَمَكَانِهِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ غَيْرَهُمَا، وَلَوْ اخْتَلَفَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَيْنَ النَّاسِ فَالْوَسَطُ وَالْأَجْرُ يَطِيبُ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ حَرَامًا كَمَا فِي الْمُنْيَةِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَنُقِلَ فِي الْمِنَحِ أَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيَّ قَالَ تَطِيبُ الْأُجْرَةُ فِي الْأُجْرَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا أَصَحُّ فَرَاجِعْ نُسْخَةً صَحِيحَةً.