أَيْ التَّأْخِيرُ لَا الْفِعْلُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ (تَحْرِيمًا) إلَّا بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ، وَكَوْنِهِ عَلَى أَكْلٍ.
(وَ) تَأْخِيرُ (الْوِتْرِ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ لِوَاثِقٍ بِالِانْتِبَاهِ) وَإِلَّا فَقَبْلَ النَّوْمِ، فَإِنْ فَاقَ وَصَلَّى نَوَافِلَ وَالْحَالُ أَنَّهُ صَلَّى الْوِتْرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ الْأَفْضَلُ.
(وَالْمُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُ ظُهْرِ شِتَاءٍ) يَلْحَقُ بِهِ الرَّبِيعُ، وَبِالصَّيْفِ الْخَرِيفُ (وَ) تَعْجِيلُ (عَصْرِ وَعِشَاءِ يَوْمِ غَيْمٍ، وَ) تَعْجِيلُ (مَغْرِبٍ مُطْلَقًا) وَتَأْخِيرُهُ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا
ــ
رد المحتار
قَوْلُهُ: أَيْ التَّأْخِيرُ لَا الْفِعْلُ) فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: تَحْرِيمًا) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ، لَكِنْ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ كَلَامَ الطَّحَاوِيِّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ تَنْزِيهِيًّا وَهُوَ الْأَظْهَرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِعُذْرٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ إلَى الثَّلَاثَةِ أَيْضًا لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْإِمْدَادِ فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إلَى الِاصْفِرَارِ عَنْ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ التَّأْخِيرُ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْحِلْيَةِ وَاقْتَصَرَ فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ عَلَى ذِكْرِهِ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمَغْرِبِ، وَعِبَارَتُهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَحُضُورِ مَائِدَةٍ أَوْ غَيْمٍ. اهـ.
قُلْت وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ لِمَنْ هُوَ فِي رَكْبِ الْحُجَّاجِ، ثُمَّ إنَّ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ تَأْخِيرَ الْمَغْرِبِ لِلْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ فِعْلًا كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرِهَا: أَيْ بِأَنْ تُصَلَّى فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَالْعِشَاءُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا رُوِيَ مِنْ جَمْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا سَفَرًا كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنِهِ عَلَى أَكْلٍ) أَيْ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ حُضُورِ طَعَامٍ تَمِيلُ إلَيْهِ نَفْسُهُ وَلِحَدِيثِ «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَحَضَرَ الْعِشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعِشَاءِ» ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الْوِتْرِ إلَخْ) أَيْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يُوتِرَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ» ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَتَمَامُهُ فِي الْحِلْيَةِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا» وَالْأَمْرُ لِلنَّدْبِ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاقَ إلَخْ) أَيْ إذَا أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، وَلَا يُعِيدُ الْوِتْرَ، لَكِنْ فَاتَهُ الْأَفْضَلُ الْمُفَادُ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ إمْدَادٌ.
وَلَا يُقَالُ: إنَّ مَنْ لَا يَثِقُ بِالِانْتِبَاهِ فَالتَّعْجِيلُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، فَإِذَا انْتَبَهَ بَعْدَمَا عَجَّلَ يَتَنَفَّلُ وَلَا تَفُوتُهُ الْأَفْضَلِيَّةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ هِيَ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى خَتْمِ الصَّلَاةِ بِالْوِتْرِ وَقَدْ فَاتَتْ، وَاَلَّتِي حَصَّلَهَا هِيَ أَفْضَلِيَّةُ التَّعْجِيلِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ عَلَى التَّأْخِيرِ فَافْهَمْ وَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يَلْحَقُ بِهِ الرَّبِيعُ إلَخْ) قَالَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا، وَقَالَ لَمْ أَرَهُ. وَتَعَقَّبَهُ فِي الْإِمْدَادِ بِمَا فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ مِنْ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ، يُعَجِّلُ بِهَا إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، فَبَحْثُ الْبَحْرِ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ.
(قَوْلُهُ: يَوْمِ غَيْمٍ) أَيْ لِئَلَّا يَقَعَ الْعَصْرُ فِي التَّغَيُّرِ وَتَقِلَّ الْجَمَاعَةُ فِي الْعِشَاءِ عَلَى احْتِمَالِ الْمَطَرِ وَالطِّينِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَاخْتَارَهُ الْأَتْقَانِيُّ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ وَالضِّيَاءِ أَنَّهُ الْأَحْوَطُ لِجَوَازِ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ: أَيْ وَفِي تَعْجِيلِهِ احْتِمَالُ وُقُوعِهِ قَبْلَهُ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْجِيلِ تَأْخِيرُهُمَا قَلِيلًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: الْمُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُمَا يَوْمَ غَيْمٍ عَلَى وَقْتِهِمَا الْمُسْتَحَبِّ يَوْمَ غَيْرِهِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ شِتَاءً وَصَيْفًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْإِطْلَاقِ يَوْمَ غَيْمٍ أَمْ لَا وَإِنْ أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ ط.
(قَوْلُهُ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْجِيلِ أَنْ لَا يُفْصَلَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِ جَلْسَةٍ أَوْ سَكْتَةٍ عَلَى الْخِلَافِ. وَأَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ التَّأْخِيرِ الْقَلِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا دُونَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْقَلِيلِ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَمَا بَعْدَهُ تَحْرِيمًا إلَّا بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَاَلَّذِي اقْتَضَتْهُ الْأَخْبَارُ كَرَاهَةُ التَّأْخِيرِ إلَى ظُهُورِ النَّجْمِ وَمَا قَبْلَهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ،