بِوَزْنٍ أَوْ إشَارَةٍ (مَعَ قَبْضَةِ فُلُوسٍ أُشِيرَ إلَيْهَا وَجَهِلَ قَدْرَهَا وَضَيَّعَ الْفُلُوسَ بَعْدَ الْقَبْضِ) فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ تَمْنَعُ الشُّفْعَةَ دُرَرٌ.
قُلْت: وَنَحْوُهُ فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ قِيمَةَ الْفُلُوسِ وَهِيَ كَذَا أَنْ يَأْخُذَ بِالدَّرَاهِمِ وَقِيمَتِهَا، كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَرَضِ أَوْ عَقَارٍ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا بِقِيمَتِهِ كَمَا مَرَّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ مُقَطَّعَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُوَافِقُهُ. قُلْت: وَوَافَقَهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ، وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا، لَكِنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُهُ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ، وَمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى كَمَا مَرَّ مِرَارًا اهـ.
ــ
رد المحتار
الْقَبْضِ فَيَجِبُ رَدُّ الدَّنَانِيرِ لَا غَيْرُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ مَعَ قَبْضَةِ فُلُوسٍ إلَخْ) الْقَبْضَةُ بِالْفَتْحِ وَضَمُّهُ أَكْثَرُ: مَا قَبَضْت عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ قَامُوسٌ، وَمِثْلُهَا الْخَاتَمُ الْمَعْلُومُ الْعَيْنِ الْمَجْهُولُ الْمِقْدَارِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ أُشِيرَ إلَيْهَا) قَيَّدَ بِهِ لِيَصِحَّ إلْحَاقُهَا بِالثَّمَنِ، وَبِقَوْلِهِ وَجَهِلَ قَدْرَهَا لِتَسْقُطَ الشُّفْعَةُ، وَبِقَوْلِهِ وَضَيَّعَ إلَخْ لِئَلَّا يُمْكِنَ لِلشَّفِيعِ مَعْرِفَتُهَا، وَلِذَا زَادَ فِي الْمَجْلِسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمِنَحِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ ثُمَّ يَسْتَهْلِكُهُ مِنْ سَاعَتِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَنْ مُقَطَّعَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ) أَيْ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَعَادَتُهُ التَّعْبِيرُ عَنْ الْمُتَفَرِّقَاتِ بِالْمُقَطَّعَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمِنَحِ لَفْظَ مُقَطَّعَاتٍ بَلْ ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ، وَنَصُّ مَا فِيهَا: اشْتَرَى عَقَارًا بِدَرَاهِمَ جُزَافًا وَاتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ وَقَدْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالشَّفِيعُ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ عُمَرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّمَنَ عَلَى زَعْمِهِ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي زِيَادَةً عَلَيْهِ اهـ.
أَقُولُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ، إذْ كَيْفَ يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ زَعْمِهِ مَعَ أَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِمَا قَامَ عَلَى الْمُشْرِي مِنْ الثَّمَنِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِقَدْرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي زِيَادَةً عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ عُلِمَ قَبْلَ هَلَاكِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا) أَيْ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ وَفِي فَتَاوَاهُ الْخَيْرِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُهُ) ابْنُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ.
أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِإِطْلَاقِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ بَاطِلَةٌ بَلْ إنَّ صِحَّتَهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا إذَا وَافَقَهُمَا الشَّفِيعُ عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَةِ الْفُلُوسِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُهَا وَادَّعَى ذَلِكَ فَقَدْ بَطَلَتْ الْحِيلَةُ لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّخْصِيصِ نَفْسُ كَلَامِ الْمُضْمَرَاتِ حَيْثُ عَلَّلَ السُّقُوطَ بِهَا بِأَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ، وَهُنَا يَعْجِزُ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ بِهِمَا جَمِيعًا بِسَبَبِ الْجَهَالَةِ.
وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: ظَاهِرُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَحْلِفُ عَلَى مَا زَعَمَ، لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَمْ يَدَّعِيَا قَدْرًا مُعَيَّنًا أَنْكَرَهُ الشَّفِيعُ بَلْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ قَدْرَ الثَّمَنِ، فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُنْكِرٌ فَلَا يَحْلِفُ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا تَتِمُّ لَوْ وَافَقَهُمَا الشَّفِيعُ عَلَى عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُمْ لِتَعَذُّرِ الْحُكْمِ فَتَأَمَّلْ اهـ وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمُتُونِ) كَالْغُرَرِ وَالشُّرُوحِ كَالْمُضْمَرَاتِ فَإِنَّهُ شَرْحٌ عَلَى الْقُدُورِيِّ، وَقَوْلُهُ مُقَدَّمٌ خَبَرُ مَا وَذَلِكَ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْمُتُونِ هِيَ الْمَنْقُولَةُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْضِهِمْ وَكَذَلِكَ الشُّرُوحُ، بِخِلَافِ مَا فِي الْفَتَاوَى فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وَقَائِعَ تَحْدُثُ لَهُمْ وَيُسْأَلُونَ عَنْهَا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّخْرِيجِ فَيُجِيبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ تَخْرِيجًا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ إنْ لَمْ يَجِدْ نَصًّا وَلِذَا تَرَى فِي كَثِيرٍ مِنْهَا اخْتِلَافًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ كَالْمَنْقُولِ عَمَّنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْمَشَايِخِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي الْمُتُونِ الَّتِي شَأْنُهَا كَذَلِكَ كَمُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى وَالْمَوَاهِبِ وَالْإِصْلَاحِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْحِيلَةِ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ يَعْنِي الدُّرَرَ وَالْغُرَرَ ثُمَّ رَأَيْتهَا فِي الْمُضْمَرَاتِ اهـ: وَذِكْرُهَا فِي الْمُضْمَرَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا