مِنْ الْحُجْرَةِ أَوْ قِيَامِهِ لِلصُّعُودِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجْرَةٌ (لِخُطْبَةٍ) مَا وَسَيَجِيءُ أَنَّهَا عَشْرٌ (إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ) بِخِلَافِ فَائِتَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُكْرَهُ، وَقَيَّدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْجُمُعَةِ بِوَاجِبَةِ التَّرْتِيبِ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامَيْ النِّهَايَةِ وَالصَّدْرِ
(وَكَذَا يُكْرَهُ تَطَوُّعٌ عِنْدَ إقَامَةِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ) أَيْ إقَامَةِ إمَامِ مَذْهَبِهِ
ــ
رد المحتار
يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ كَانَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ فَلَا يُعَارِضُ أَدِلَّةَ الْمَنْعِ، وَتَمَامُ الْأَدِلَّةِ فِي شَرْحَيْ الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَيُكْرَهُ فِيهِ مَا يُكْرَهُ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّا.
(قَوْلُهُ: لِخُطْبَةٍ مَا) أَتَى بِمَا لِتَعْمِيمِ الْخُطْبَةِ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، سَوَاءٌ أَمْسَكَ الْخَطِيبُ عَنْهَا أَمْ لَا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ أَنَّهَا عَشْرٌ) أَيْ فِي بَابِ الْعِيدَيْنِ، وَهِيَ: خُطْبَةُ جُمُعَةٍ وَفِطْرٍ وَأَضْحَى، وَثَلَاثُ خُطَبِ الْحَجِّ، وَخَتْمٌ وَنِكَاحٌ، وَاسْتِسْقَاءٌ وَكُسُوفٌ، وَالْمُرَادُ تَعْدَادُ الْخُطَبِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِلَّا فَخُطْبَةُ الْكُسُوفِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ فِيهَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا عِنْدَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْحِلْيَةِ، وَكَذَا خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ مَذْهَبُ الصَّاحِبَيْنِ، فَيُقَالُ فِيهَا كَذَلِكَ. وَقَدْ يُجَابُ بِمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ حَيْثُ نَقَلَ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ بِمَشْرُوعِيَّةِ خُطْبَةِ الْكُسُوفِ، وَلَعَلَّ مَنْ ذَكَرَهَا كَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا جَنَحَ إلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَصَحَّ كَوْنُهَا عَشْرًا عِنْدَنَا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: خُرُوجِ إمَامٍ مِنْ الْحُجْرَةِ وَقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ قَيْدٌ فِيمَا يُنَاسِبُهُ مِنْهَا وَهُوَ مَا عَدَا خُطْبَةَ النِّكَاحِ وَخُطْبَةَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فَافْهَمْ. وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَمِيعِ تَفْوِيتُ الِاسْتِمَاعِ الْوَاجِبِ فِيهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُجْتَبَى.
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهَا) أَيْ قَيَّدَ الْفَائِتَةَ الَّتِي لَا تُكْرَهُ حَالَ الْخُطْبَةِ ط.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ كَلَامَيْ النِّهَايَةِ وَالصَّدْرِ) فَإِنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ يَقُولُ تُكْرَهُ الْفَائِتَةُ، وَصَاحِبَ النِّهَايَةِ يَقُولُ لَا تُكْرَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ ح
(قَوْلُهُ: عِنْدَ إقَامَةِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ) أَطْلَقَهَا مَعَ أَنَّهُ قَيَّدَهَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَتَبِعَهُمْ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَقَالَ: وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَلَا يُكْرَهُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بِالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَشْرَعْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَيَعْلَمْ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَكَانَ غَيْرَ مُخَالِطٍ لِلصَّفِّ بِلَا حَائِلٍ: وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْجُمُعَةِ لِكَثْرَةِ الِاجْتِمَاعِ لَا يُمْكِنُ غَالِبًا بِلَا مُخَالَطَةٍ لِلصَّفِّ اهـ مُلَخَّصًا وَسَيَأْتِي فِي بَابِ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ. مَطْلَبٌ فِي تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ إقَامَةِ إمَامِ مَذْهَبِهِ) قَالَ الشَّارِحُ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ: نَصَّ عَلَى هَذَا مَوْلَانَا مُنْلَا عَلِيٌّ شَيْخُ الْقُرَّاءِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي شَرْحِهِ عَلَى لُبَابِ الْمَنَاسِكِ اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ، وَسَيُذْكَرُ فِي الْأَذَانِ، وَكَذَا فِي بَابِ الْإِمَامَةِ مَا يُخَالِفُهُ. وَقَدْ أَلَّفَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ رَسَائِلَ فِي كَرَاهَةِ مَا يُفْعَلُ فِي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ تَعْدَادِ الْأَئِمَّةِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ أَوَّلِ إمَامٍ أَفْضَلُ، وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْمَنْسَكِ الْمَشْهُورِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - السِّنْدِيُّ تِلْمِيذُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ. فَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ أَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ الشَّرِيفُ الْغَزْنَوِيُّ، وَأَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ فِي سَنَةِ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ أَفْتَى بِمَنْعِ ذَلِكَ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَنُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذَاهِبِ إنْكَارُ ذَلِكَ أَيْضًا اهـ لَكِنْ أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْبِيرِيُّ شَارِحُ الْأَشْبَاهِ رِسَالَةً سَمَّاهَا الْأَقْوَالُ الْمَرْضِيَّةُ أَثْبَتَ فِيهَا الْجَوَازَ وَكَرَاهَةَ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ رَاعَى مَوَاضِعَ الْخِلَافِ لَا يَتْرُكُ مَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ مَكْرُوهَ مَذْهَبِهِ: كَالْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَالتَّأْمِينِ، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى، وَرُؤْيَتِهِ السَّلَامَ الثَّانِيَ سُنَّةً، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَنَا أَوْ تُسْتَحَبُّ، وَكَذَا أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيُّ الْقَارِي رِسَالَةً سَمَّاهَا الِاهْتِدَاءُ فِي الِاقْتِدَاءِ أَثْبَتَ فِيهَا الْجَوَازَ، لَكِنْ