عَلَيْهِمَا كَمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلْيُحْفَظْ.
دَفَعَ كَرْمَةً مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى النِّصْفِ، إنْ زَادَ رَبُّ الْكَرْمِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ يُقْسَمُ، وَإِنْ زَادَ الْعَامِلُ جَازَ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ.
دَفَعَ الشَّجَرَ لِشَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ فَلَا أَجْرَ لَهُ
ــ
رد المحتار
وَذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ أَنَّ اشْتِرَاطَ مَا لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُسَاقِي كَالتَّلْقِيحِ وَالتَّأْبِيرِ وَالسَّقْيِ جَائِزٌ، وَمَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَهَا كَإِلْقَاءِ السِّرْقِينِ وَنَصْبِ الْعَرَائِشِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُفْسِدٌ (قَوْلُهُ كَمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ) أَيْ كَالْعَمَلِ الَّذِي بَعْدَ قِسْمَةِ الْخَارِجِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: كَالْحَمْلِ إلَى الْبَيْتِ وَالطَّحْنِ وَأَشْبَاهِهِمَا وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَعْمَالِهَا فَيَكُونَانِ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ فِيمَا هُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ، وَفِيمَا هُوَ بَعْدَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً لِتَمَيُّزِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَصْلًا حَسَنًا فَقَالَ: الْأَصْلُ مَا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ احْتَمَلَ إنْشَاءَ الْعَقْدِ احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَظُّ جَائِزٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِذَا دَفَعَ نَخْلًا بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً فَخَرَجَ الثَّمَرُ، فَإِنْ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُمَا أَيَّهُمَا كَانَ، وَلَوْ تَنَاهَى عِظَمُ الْبُسْرِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ شَيْئًا اهـ، فَإِنْ حُمِلَ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى مَا إذَا تَنَاهَى الْعِظَمُ حَصَلَ التَّوْفِيقُ، أَمَّا قَبْلَ التَّنَاهِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ الْعَقْدِ، وَإِنْشَاؤُهُ حِينَئِذٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَائِزٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ أَصْلُ الْهِنْدِيَّةِ فَتَدَبَّرْ اهـ ط.
قُلْت: وَذُكِرَ نَحْوُ هَذَا الْأَصْلِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَذَكَرَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ سَوَاءٌ
(قَوْلُهُ دَفَعَ الشَّجَرَ لِشَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ) أَيْ إذَا شَرَطَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ نَصِيبِهِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِذَا فَسَدَتْ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا فِي النَّخِيلِ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ جَازَ اهـ وَفَسَادُ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ مَذْكُورٌ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَامِدِيَّةِ، فَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا فَاسِدٌ فَتَنَبَّهْ، وَقَيَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي أَرْضٍ وَبَذْرٍ مِنْهُمَا تَصِحُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ رَاجِحٌ عَلَى مَعْنَى الشَّرِكَةِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِالْعَكْسِ.
فَرْعٌ
لَوْ سَاقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ هَلْ يَصِحُّ؟ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إجَارَةٌ وَهِيَ تَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ عِنْدَهُمَا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مَذْهَبُهُمَا، فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْمَشَاعِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْمُؤَلِّفَ أَجَابَ بِأَنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَفَقَّهْت وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ، لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، لَكِنَّ الْإِجَارَةَ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ لَا الشَّجَرِ، لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ كَمَا مَرَّ، فَالْعَامِلُ فِي الْحَقِيقَةِ أَجِيرٌ لِرَبِّ الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ، وَلَا شُيُوعَ فِي الْعَامِلِ بَلْ الشُّيُوعُ فِي الْأُجْرَةِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَا إجَارَةُ الْمُشَاعِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَتَدَبَّرْ.
عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مَا نَصُّهُ: إذَا دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ اهـ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ كُلَّهُ الدَّافِعُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْأَوْلَى، بَلْ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ مُشْتَرَكٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيِّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ وَثَبَتَ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخِرِ، هَذَا مَا ظَهَرَ