وَقِيلَ الرَّأْسُ وَقَدَّمَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
(وَرُكْنُهَا) ذَبْحُ (مَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ) مِنْ النَّعَمِ لَا غَيْرُ، فَيُكْرَهُ ذَبْحُ دَجَاجَةٍ وَدِيكٍ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْمَجُوسِ بَزَّازِيَّةٌ
(وَحُكْمُهَا) (الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ) فِي الدُّنْيَا (وَالْوُصُولُ إلَى الثَّوَابِ) بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فِي الْعُقْبَى) مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ إذْ لَا ثَوَابَ بِدُونِهَا (فَتَجِبُ) التَّضْحِيَةُ: أَيْ إرَاقَةُ الدَّمِ مِنْ النَّعَمِ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا
ــ
رد المحتار
الْوَقْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَوُجِدَتْ الْإِضَافَةُ فَإِنَّهُ يُقَالُ يَوْمُ الْأَضْحَى كَمَا يُقَالُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، لَكِنْ قَدْ يُعْكَسُ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى سَبَبِيَّةِ الْوَقْتِ امْتِنَاعُ التَّقْدِيمِ عَلَيْهِ كَامْتِنَاعِ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْفَقْدِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْغِنَى وَإِنْ وُجِدَ السَّبَبُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْعِنَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الرَّأْسُ) فِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ؛ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُعْرَفُ السَّبَبُ بِنِسْبَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنَارِ قُبَيْلَ بَحْثِ السُّنَّةِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَرُكْنُهَا ذَبْحُ إلَخْ) لِأَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْأُضْحِيَّةَ إنَّمَا تَقُومُ بِهَذَا الْفِعْلِ فَكَانَ رُكْنًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ ذَبْحُ دَجَاجَةٍ وَدِيكٍ إلَخْ) أَيْ بِنِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ ط، وَهَذَا فِيمَنْ لَا أُضْحِيَّةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ
(قَوْلُهُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ (قَوْلُهُ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ) أَيْ بِخُلُوصِهَا بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا ثَوَابَ بِدُونِهَا) أَيْ بِدُونِ النِّيَّةِ لِأَنَّ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَوْ بِدُونِ صِحَّتِهَا، إذْ لَوْ خَالَطَهَا رِيَاءٌ مَثَلًا فَلَا ثَوَابَ أَيْضًا وَإِنْ سَقَطَ الْوَاجِبُ، لِأَنَّ الثَّوَابَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَبُولِ وَبَعْدَ جَوَازِ الْفِعْلِ لَا يَلْزَمُ حُصُولُ الْقَبُولِ فِي الْمُخْتَارِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الظُّهْرَ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَالْقَبُولُ لَا يَدْرِي هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ - {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة: ٢٧- وَشَرَائِطُ التَّقْوَى عَظِيمَةٌ اهـ وَتَمَامُهُ فِي نَسَمَاتِ الْأَسْحَارِ (قَوْلُهُ فَتَجِبُ التَّضْحِيَةُ) إسْنَادُ الْوُجُوبِ إلَى الْفِعْلِ أَوْلَى مِنْ إسْنَادِهِ إلَى الْعَيْنِ كَالْأُضْحِيَّةِ كَمَا فَعَلَهُ الْقُدُورِيُّ ط. وَالْوُجُوبُ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَعَنْهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ هِدَايَةٌ، وَالْأَدِلَّةُ فِي الْمُطَوَّلَاتِ (قَوْلُهُ أَيْ إرَاقَةُ الدَّمِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا الْإِرَاقَةُ لَوْ تَصَدَّقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ لَمْ يَجُزْ، وَالتَّصَدُّقُ بِلَحْمِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ مُسْتَحَبٌّ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ اهـ
(قَوْلُهُ عَمَلًا لَا اعْتِقَادًا) اعْلَمْ أَنَّ الْفَرْضَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ كَالْإِيمَانِ وَالْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ، وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ عِلْمًا: أَيْ حُصُولُ الْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ بِثُبُوتِهِ وَتَصْدِيقًا بِالْقَلْبِ: أَيْ لُزُومُ اعْتِقَادِ حَقِّيَّتِهِ وَعَمَلًا بِالْبَدَنِ حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهُ وَيَفْسُقُ تَارِكُهُ بِلَا عُذْرٍ. وَالْوَاجِبُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ فِيهِ شُبْهَةٌ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَحُكْمُهُ اللُّزُومُ عَمَلًا كَالْفَرْضِ لَا عِلْمًا عَلَى الْيَقِينِ لِلشُّبْهَةِ، حَتَّى لَا يَكْفُرَ جَاحِدُهُ وَيَفْسُقَ تَارِكُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ. ثُمَّ إنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَرَاتِبَ كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ بَعْضُهَا آكَدُّ مِنْ بَعْضٍ. فَوُجُوبُ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ آكَدُّ مِنْ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَوُجُوبُهَا آكَدُّ مِنْ وُجُوبِ الْأُضْحِيَّةَ اهـ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ تَفَاوُتِ الْأَدِلَّةِ فِي الْقُوَّةِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّلْوِيحِ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْفَرْضِ فِيمَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ، وَالْوَاجِبُ فِيمَا ثَبَتَ بِقَطْعِيٍّ شَائِعٌ مُسْتَفِيضٌ كَقَوْلِهِمْ الْوِتْرُ فَرْضٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُسَمَّى فَرْضًا عَمَلِيًّا، وَكَقَوْلِهِمْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ وَنَحْوُهُ، فَلَفْظُ الْوَاجِبِ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ فَرْضٌ عِلْمًا وَعَمَلًا كَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَعَلَى ظَنِّيٍّ هُوَ فِي قُوَّةِ الْفَرْضِ فِي الْعَمَلِ كَالْوِتْرِ حَتَّى يَمْنَعَ تَذَكُّرُهُ صِحَّةَ الْفَجْرِ كَتَذَكُّرِ الْعِشَاءِ، وَعَلَى ظَنِّيٍّ هُوَ دُونَ الْفَرْضِ فِي الْعَمَلِ وَفَوْقَ السُّنَّةِ كَتَعْيِينِ الْفَاتِحَةِ حَتَّى لَا تَفْسُدَ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا بَلْ تَجِبُ سَجْدَةُ السَّهْوِ اهـ وَتَمَامُ تَحْقِيقِ ذَلِكَ بِمَا لَمْ يُوجَدْ مَجْمُوعَةٌ فِي كِتَابٍ مَذْكُورٍ فِي حَاشِيَتِنَا عَلَى الْمَنَارِ بِتَوْفِيقِ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ.