قُلْت: وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلُّحْمَةِ لَا لِلظَّاهِرِ عَلَى الظَّاهِرِ فَافْهَمْ
(وَكُرِهَ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ لِلرِّجَالِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ (وَلَا بَأْسَ بِسَائِرِ الْأَلْوَانِ) وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ: لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ اهـ.
وَمُفَادُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ لَكِنْ صَرَّحَ فِي التُّحْفَةِ بِالْحُرْمَةِ فَأَفَادَ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ وَهِيَ الْمَحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: وُلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ فِيهِ رِسَالَةٌ نَقَلَ فِيهَا ثَمَانِيَةَ أَقْوَالٍ مِنْهَا: أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ
(وَلَا يَتَحَلَّى) الرَّجُلُ (بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ)
ــ
رد المحتار
بِالْخَطِّ مَا يَكُونُ فِي السَّدَى طُولًا، لِأَنَّ السَّدَى لَا يُعْتَبَرُ وَلَوْ كَانَ كُلُّهُ قَزًّا بَلْ الْمُرَادُ بِالْخَطِّ مَا يَكُونُ فِي اللُّحْمَةِ عَرْضًا، فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ ظَهَرَ مِنْهُ جَوَابٌ آخَرُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِأَنْ يُقَالَ إذَا خُلِطَتْ اللُّحْمَةُ بِإِبْرَيْسَمٍ وَغَيْرِهِ بِحَيْثُ يُرَى كُلُّهُ إبْرَيْسَمًا كُرِهَ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَبِينًا كَالطِّرَازِ لَمْ يُكْرَهُ، لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَمْعِ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ أَحْسَنُ مِنْ الْجَوَابِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْ فِيهِ (قَوْلُهُ قُلْت وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فِي الْحَاوِي وَعَلَى شَيْخِهِ حَيْثُ أَقَرَّهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ يُكْرَهُ مَا كَانَ ظَاهِرُهُ قَزٌّ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَكَرَاهَةُ نَحْوِ الْعَتَّابِيِّ وَالْمُرَجَّحُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى مَا اسْتَظْهَرْنَاهُ آنِفًا فِي الْجَوَابِ، لِأَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ الظَّاهِرِ إنَّمَا هُوَ فِي السَّدَى وَكَلَامُنَا السَّابِقُ فِي اللُّحْمَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ الرَّاجِحِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُهُ فِي إطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ) وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ اهـ ط (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ) لِأَنَّ كَلِمَةَ لَا بَأْسَ تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِيمَا تَرْكُهُ أَوْلَى مِنَحٌ (قَوْلُهُ فِي التُّحْفَةِ) أَيْ تُحْفَةِ الْمُلُوكِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ فَأَفَادَ أَنَّهَا تَحْرِيمٌ إلَخْ) هَذَا مُسَلَّمٌ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ تَصْرِيحُ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ فَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: يَجُوزُ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: مَكْرُوهٌ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَفِي مُنْتَخَبِ الْفَتَاوَى قَالَ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لُبْسُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَالْأَخْضَرِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ وَالْمُوَرَّسِ وَالْمُحَمَّرِ أَيْ الْأَحْمَرِ حَرِيرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ فِي صَبْغِهِ دَمٌ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَهُ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى لُبْسُ الْأَحْمَرِ مَكْرُوهٌ وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا يُكْرَهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ إذَا صُبِغَ بِالْأَحْمَرِ الْقَانِي لِأَنَّهُ خُلِطَ بِالنَّجَسِ وَفِي الْوَاقِعَاتِ مِثْلُهُ وَلَوْ صُبِغَ بِالشَّجَرِ الْبَقَّمِ لَا يُكْرَهُ وَلَوْ صُبِغَ بِقِشْرِ الْجَوْزِ عَسَلِيًّا لَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ إجْمَاعًا اهـ فَهَذِهِ النُّقُولُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَشَرْحِ أَبِي الْمَكَارِمِ تُعَارِضُ الْقَوْلَ بِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ إنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْفِيقَ بِحَمْلِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْمَصْبُوغِ أَوْ بِالنَّجَسِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وُلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ فِيهِ رِسَالَةٌ) سَمَّاهَا تُحْفَةَ الْأَكْمَلِ وَالْهُمَامِ الْمُصَدَّرِ لِبَيَانِ جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا كَثِيرًا مِنْ النُّقُولِ مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ وَقَالَ لَمْ نَجِدْ نَصَّا قَطْعِيًّا لِإِثْبَاتِ الْحُرْمَةِ وَوَجَدْنَا النَّهْيَ عَنْ لُبْسِهِ لِعِلَّةٍ قَامَتْ بِالْفَاعِلِ مِنْ تَشَبُّهٍ بِالنِّسَاءِ أَوْ بِالْأَعَاجِمِ أَوْ التَّكَبُّرِ وَبِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ لِإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُرُوضُ الْكَرَاهَةِ لِلصَّبْغِ بِالنَّجَسِ تَزُولُ بِغَسْلِهِ، وَوَجَدْنَا نَصَّ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْجَوَازِ وَدَلِيلًا قَطْعِيًّا عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَهُوَ إطْلَاقُ الْأَمْرِ بِأَخْذِ الزِّينَةِ وَوَجَدْنَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مُوجَبَهُ، وَبِهِ تَنْتَفِي الْحُرْمَةُ وَالْكَرَاهَةُ بَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِحْبَابُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ وَمَنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِهَا. أَقُولُ: وَلَكِنْ جُلُّ الْكُتُبِ عَلَى الْكَرَاهَةِ كَالسِّرَاجِ وَالْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمُنْتَقَى وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَلَا يُكْرَهُ فِي الرَّأْسِ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ) نَقَلَهَا عَنْ الْقَسْطَلَّانِيِّ (قَوْلُهُ مِنْهَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ) هَذَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحْثًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَيْسَ مِنْ الثَّمَانِيَةِ
(قَوْله وَلَا يَتَحَلَّى) أَيْ لَا يَتَزَيَّنُ دُرَرٌ