كَمَعْتُوهٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ (وَقَاعِدٍ إلَّا إذَا أَذَّنَ لِنَفْسِهِ) وَرَاكِبٍ إلَّا لِمُسَافِرٍ.
(وَيُعَادُ أَذَانُ جُنُبٍ) نَدْبًا، وَقِيلَ وُجُوبًا (لَا إقَامَتُهُ) لِمَشْرُوعِيَّةِ تَكْرَارِهِ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ تَكْرَارِهَا (وَكَذَا) يُعَادُ (أَذَانُ امْرَأَةٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَسَكْرَانِ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ) لَا إقَامَتُهُمْ لِمَا مَرَّ، وَيَجِبُ اسْتِقْبَالُهُمَا لِمَوْتِ مُؤَذِّنٍ وَغُشْيِهِ وَخَرَسِهِ وَحَصَرِهِ، وَلَا مُلَقِّنَ وَذَهَابِهِ لِلْوُضُوءِ لِسَبْقِ حَدَثٍ خُلَاصَةٌ، لَكِنْ عَبَّرَ فِي السِّرَاجِ بِيُنْدَبُ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ صِحَّةِ أَذَانِ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ. قُلْت: وَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الدِّيَانَاتِ.
ــ
رد المحتار
كَشُرْبِهِ الْخَمْرَ لِإِسَاغَةِ لُقْمَةٍ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ السُّكْرِ الْفِسْقُ فَلَا تَكْرَارَ.
(قَوْلُهُ: كَمَعْتُوهٍ) وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ ح
(قَوْلُهُ: وَيُعَادُ أَذَانُ جُنُبٍ إلَخْ) زَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالْفَاجِرِ وَالرَّاكِبِ وَالْقَاعِدِ وَالْمَاشِي، وَالْمُنْحَرِفِ عَنْ الْقِبْلَةِ. وَعَلَّلَ الْوُجُوبَ فِي الْكُلِّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ وَالنَّدْبُ بِأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ، قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِمَشْرُوعِيَّةِ تَكْرَارِهِ.
(قَوْلُهُ: لِمَوْتِ مُؤَذِّنٍ) لَمْ يَقُلْ وَمُقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ هُوَ الْمُقِيمُ شَرْعًا كَمَا يَأْتِي فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَغُشْيِهِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ: تَعَطُّلُ الْقُوَى الْمُحَرِّكَةِ وَالْحَاسَّةِ لِضَعْفِ الْقَلْبِ مِنْ الْجُوعِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوُضُوءِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ ح.
(قَوْلُهُ: وَحَصْرِهِ) مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ فَرِحَ: الْعِيُّ فِي الْمَنْطِقِ ح عَنْ الْقَامُوسِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مُلَقِّنَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ ح.
(قَوْلُهُ: وَذَهَابِهِ لِلْوُضُوءِ) لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُتَمِّمَهُمَا ثُمَّ يَتَوَضَّأَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُمَا مَعَ الْحَدَثِ جَائِزٌ، فَالْبِنَاءُ أَوْلَى، بَدَائِعُ.
(قَوْلُهُ: خُلَاصَةٌ) وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنْ حُمِلَ الْوُجُوبُ عَلَى ظَاهِرِهِ اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ نَفْسِ الْأَذَانِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ وَبَيْنَ اسْتِقْبَالِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ.
وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ: إذَا شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ قَطَعَ تَبَادَرَ إلَى ظَنِّ السَّامِعِينَ أَنَّ قَطْعَهُ لِلْخَطَأِ فَيَنْتَظِرُونَ الْأَذَانَ الْحَقَّ، وَقَدْ تَفُوتُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ إلَّا أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ مَرَّ أَنَّهُ يُعَادُ أَذَانُهُمْ إلَّا الْجُنُبَ أَيْ لِعَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فِيهِمْ إنْ عَلِمَ النَّاسُ حَالَهُمْ وَجَبَتْ وَلَا اُسْتُحِبَّتْ لِيَقَعَ فِعْلُ الْأَذَانِ مُعْتَبَرًا وَعَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ لَمْ يَبْعُدْ، وَعَكْسُهُ فِي الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخُلَاصَةِ. اهـ.
أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ اللُّزُومُ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا عَرَضَ لِلْمُؤَذِّنِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْإِتْمَامِ وَأَرَادَ آخَرُ أَنْ يُؤَذِّنَ يَلْزَمُهُ اسْتِقْبَالُ الْأَذَانِ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ أَرَادَ إقَامَةَ سُنَّةِ الْأَذَانِ، فَلَوْ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ أَذَانِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ فَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ اسْتَقْبَلَ غَيْرَهُ. اهـ. أَيْ لِئَلَّا يَكُونَ آتِيًا بِبَعْضِ الْأَذَانِ.
(قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ مَرَّ قَيْدُنَا بِالْمُرَاهِقِ؛ لِأَنَّ أَذَانَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ اهـ فَافْهَمْ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَتَرَجَّحَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَجَزَمَ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إعَادَةُ أَذَانِ السَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْعَاقِلِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لِعَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قُلْت وَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ) ذِكْرُ الْفَاسِقِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ جَعَلَ الْعَقْلَ وَالْإِسْلَامَ شَرْطَ صِحَّةٍ، وَالْعَدَالَةَ وَالذُّكُورَةَ وَالطَّهَارَةَ شَرْطَ كَمَالٍ. وَقَالَ: فَأَذَانُ الْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ وَالْجُنُبِ صَحِيحٌ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ أَذَانُ الْفَاسِقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَبُولِ خَبَرِهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَلَمْ يُوجَدْ الْإِعْلَامُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَذَانُ الْفَاسِقِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْإِعْلَامُ: أَيْ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْعَاقِلِ فَلَا يَصِحُّ أَصْلًا، فَتَسْوِيَةُ الشَّارِحِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ سُنَنِ الْمُؤَذِّنِ: كَوْنُهُ رَجُلًا عَاقِلًا، صَالِحًا، عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَالْأَوْقَاتِ، مُوَاظِبًا عَلَيْهِ، مُحْتَسِبًا، ثِقَةً مُتَطَهِّرًا مُسْتَقْبِلًا، وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْإِمْدَادِ؛ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعَقْلَ غَيْرُ شَرْطٍ لِصِحَّةِ الْأَذَانِ