لِحُضُورِ الرُّفْقَةِ (بِخِلَافِ مُصَلٍّ) وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ (وَفِي بَيْتِهِ بِمِصْرٍ) أَوْ قَرْيَةٍ لَهَا مَسْجِدٌ؛ فَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا إذْ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِيهِ (أَوْ) مُصَلٍّ (فِي مَسْجِدٍ بَعْدَ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ) بَلْ يُكْرَهُ فِعْلُهُمَا وَتَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ إلَّا فِي مَسْجِدٍ عَلَى طَرِيقٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ جَوْهَرَةٌ.
(أَقَامَ غَيْرُ مَنْ أَذَّنَ بِغَيْبَتِهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ (لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا) وَإِنْ بِحُضُورِهِ كُرِهَ إنْ لَحِقَهُ وَحْشَةٌ،
ــ
رد المحتار
مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِعْلَامَ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: لِحُضُورِ الرُّفْقَةِ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ جَمَاعَةٌ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَوْ اكْتَفَوْا بِأَذَانِ النَّاسِ أَجْزَأَهُمْ وَقَدْ أَسَاءُوا فَفُرِّقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: فِي بَيْتِهِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَلَدِ مِنْ الدَّارِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِهِمَا قُهُسْتَانِيٌّ. وَفِي التَّفَارِيقِ: وَإِنْ كَانَ فِي كَرْمٍ أَوْ ضَيْعَةٍ يَكْتَفِي بِأَذَانِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْبَلْدَةِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا فَلَا. وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَبْلُغَ الْأَذَانُ إلَيْهِ مِنْهَا اهـ إسْمَاعِيلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُ بِالْفِعْلِ، تَأَمَّلْ. .
(قَوْلُهُ: لَهَا مَسْجِدٌ) أَيْ فِيهِ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَالْمُسَافِرِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.
(قَوْلُهُ: إذْ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِيهِ) لِأَنَّ أَذَانَ الْمَحَلَّةِ وَإِقَامَتَهَا كَأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ نَائِبُ أَهْلِ الْمِصْرِ كُلِّهِمْ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ حِينَ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، حَيْثُ قَالَ: أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا، وَمِمَّنْ رَوَاهُ سِبْطُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَتْحٌ: أَيْ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى بِهِمَا حُكْمًا، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ صَلَّى بِدُونِهِمَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ لَمْ يُؤَذَّنْ فِيهِ أَصْلًا لِتِلْكَ الصَّلَاةِ كَافِي. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَذَانُ الْحَيِّ وَإِقَامَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ آخِرَ الْوَقْتِ تَأَمَّلْ، وَقَدْ عَلِمْت تَصْرِيحَ الْكَنْزِ بِنَدْبِهِ لِلْمُسَافِرِ وَلِلْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ كِفَايَةِ أَذَانِ الْحَيِّ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ الْمُؤْثَمَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَذِّنُوا فِي الْحَيِّ يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِلْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى، وَأَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ بَعْضُ الْمُسَافِرِينَ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَتَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ) لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ بِجَمَاعَةٍ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنْزِلِ بَعْضِ أَهْلِهِ فَجَمَعَ أَهْلَهُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً» وَلَوْ لَمْ يُكْرَهْ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَصَلَّى فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ فُرَادَى " وَلِأَنَّ التَّكْرَارَ يُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ تَفُوتُهُمْ الْجَمَاعَةُ يَتَعَجَّلُونَ فَتَكْثُرُ وَإِلَّا تَأَخَّرُوا. اهـ. بَدَائِعُ. وَحِينَئِذٍ فَلَوْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ الْمَسْجِدَ بَعْدَ مَا صَلَّى أَهْلُهُ فِيهِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ظَهِيرِيَّةٌ. وَفِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ يُكْرَهُ التَّكْرَارُ وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْأُولَى لَا تُكْرَهُ وَإِلَّا تُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِالْعُدُولِ عَنْ الْمِحْرَابِ تَخْتَلِفُ الْهَيْئَةُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِمَامَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةُ كَلَامٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْجِدٍ عَلَى طَرِيقٍ) هُوَ مَا لَيْسَ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ فَلَا يُكْرَهُ التَّكْرَارُ فِيهِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ خَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ الْأَفْضَلُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: جَوْهَرَةٌ) لَمْ أَرَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَحِقَهُ وَحْشَةٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: كُرِهَ إنْ لَحِقَهُ وَحْشَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ خُوَاهَرْ زَادَهْ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الدُّرَرِ وَالْخَانِيَّةِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ: إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ يُكْرَهُ، وَجَوَابُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا. اهـ. قُلْت: وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ فِي مَجْمَعِ الْآثَارِ مَعْزِيًّا إلَى أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمَجْمَعِ: وَلَا نَكْرَهُهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَمَا فِي شَرْحِهِ لِابْنِ مَلَكٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَرْضَ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَكَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْكَافِي مُعَلِّلًا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ذَكَرٌ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ وَاحِدٍ رَجُلٌ آخَرُ، وَلَكِنَّ