لَمْ يَضْمَنْ وَلَهُ مَنْعُهُ، ثُمَّ أَفَادَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ، وَسَيَجِيءُ آخِرَ الرَّهْنِ.
(مَاتَتْ الشَّاةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قُسِّمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ وَلَبَنِهَا الَّذِي شَرِبَهُ، فَحَظُّ الشَّاةِ يَسْقُطُ وَحَظُّ اللَّبَنِ يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنِ، فَلَوْ فَعَلَ) الِانْتِفَاعَ قَبْلَ إذْنِهِ (صَارَ مُتَعَدِّيًا وَلَمْ يَبْطُلْ) الرَّهْنُ (بِهِ) .
(وَإِذَا طَلَبَ) الْمُرْتَهِنُ (دَيْنَهُ أَمَرَ بِإِحْضَارِ رَهْنِهِ) لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا مَرَّتَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ أَوْ عِنْدَ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ شَرْحُ مَجْمَعٍ (فَإِنْ أَحْضَرَ سَلَّمَ) لَهُ (كُلَّ دَيْنِهِ أَوَّلًا ثُمَّ) سَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ (رَهْنَهُ) تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ (وَإِنْ طَلَبَ) دَيْنَهُ (فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ) لِلرَّهْنِ (فَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّهْنِ مُؤْنَةٌ، وَإِنْ كَانَ) لِحِمْلِهِ مُؤْنَةٌ (سَلَّمَ دَيْنَهُ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ بِمَعْنَى التَّخْلِيَةِ لَا النَّقْلِ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان.
وَنَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إحْضَارِهِ أَصْلًا مَعَ قِيَامِهِ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ اهـ فَلْيُحْفَظْ (وَ) لَكِنْ (لِلرَّاهِنِ
ــ
رد المحتار
قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ قُنْيَةٌ يَعْنِي إذَا لَمْ يَهْلِكْ الْأَصْلُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ هَذَا الْبَحْثُ بِزِيَادَةِ بَيَانٍ (قَوْلُهُ مَاتَتْ الشَّاةُ إلَخْ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَتْنًا وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِهَا وَلَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ الَّذِي شَرِبَهُ) أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَحَظُّ اللَّبَنِ يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ يَأْخُذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ، لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ وَلِمَا أَتْلَفَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ صَارَ كَأَنَّ الرَّاهِنَ أَتْلَفَهُ فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الدَّيْنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا آنِفًا يَعْنِي إذَا لَمْ يَهْلِكْ الْأَصْلُ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ آخِرَ الرَّهْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا) فَيَضْمَنُهُ كَالْغَصْبِ، وَلَوْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ عَادَ رَهْنًا وَيَأْتِي تَمَامُهُ
(قَوْلُهُ لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا مَرَّتَيْنِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الرَّهْنِ.
قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ: فَإِنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْإِحْضَارِ فَرُبَّمَا يَهْلِكُ الرَّهْنُ أَوْ كَانَ هَالِكًا فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ مَرَّتَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ حِمْلٌ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ شَرْحُ مَجْمَعٍ: أَيْ عَاجِزٌ حُكْمًا بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ.
وَنَقَلَ الشَّلَبِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي بَلَدِ الرَّهْنِ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَكَذَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ حِمْلٌ لَا يُؤْمَرُ، وَحَمَلَ ط مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهِ.
أَقُولُ: هَذَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ لَا النَّقْلُ كَمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: إنْ لَمْ يَلْحَقْهُ مُؤْنَةٌ فِي الْإِحْضَارِ يُؤْمَرُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْحَقُهُ مُؤْنَةٌ بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ: الْأَصْلُ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى إحْضَارِهِ بِلَا مُؤْنَةٍ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَصْلًا مَعَ قِيَامِ الرَّهْنِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا بِمُؤْنَةٍ فَلَا.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَإِنْ لَقِيَهُ فِي بَلَدِ الرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ جَارِيَةٌ أُمِرَ بِإِحْضَارِهَا لِقُدْرَتِهِ بِلَا مُؤْنَةٍ، وَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِيمَا يَلْحَقُهُ مُؤْنَةٌ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ اهـ مُلَخَّصًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ الْعَدْلِ) سَيَأْتِي مَتْنًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ رَهْنَهُ) فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ اسْتَرَدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا عِنْدَ الْهَلَاكِ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ، فَكَانَ الثَّانِي اسْتِيفَاءً بَعْدَ اسْتِيفَاءٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ هِدَايَةٌ، وَسَيَأْتِي آخِرَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ) أَيْ فِي تَعْيِينِ حَقِّ كُلٍّ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ عَيَّنَ حَقَّ الرَّاهِنِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ تَعْيِينُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنَّ تَعْيِينَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا يَقَعُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ لِيَحْصُلَ التَّعْيِينُ اهـ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِوُجُوبِ تَسْلِيمِ الدَّيْنِ أَوَّلًا.
وَأَمَّا عِلَّةُ الْإِحْضَارِ فَقَدْ مَرَّتْ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَوْفِيًا مَرَّتَيْنِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ لِلرَّهْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ مَعَ قِيَامِهِ) أَيْ قِيَامِ الرَّهْنِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ لِهَلَاكِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ) أَيْ كَمَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِمُؤْنَةٍ تَلْحَقُهُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لِلرَّاهِنِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَعِبَارَةُ الْمَتْنِ تُفِيدُهُ وَإِنَّمَا أَتَى بِلَكِنْ مُتَابَعَةً لِعِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ وَالْكِفَايَةِ وَغَيْرِهِمَا فَافْهَمْ.