وَصَحَّ) الرَّهْنُ (بِعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ بِنَفْسِهَا) أَيْ بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ (كَالْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ عَمْدٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْأَعْيَانَ ثَلَاثَةٌ: عَيْنٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ أَصْلًا كَالْأَمَانَاتِ.
وَعَيْنٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُ الْمَضْمُونَةَ كَمَبِيعٍ فِي يَدِ الْبَائِعِ.
وَعَيْنٌ مَضْمُونَةٌ بِنَفْسِهَا كَالْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ.
(وَ) صَحَّ (بِالدَّيْنِ وَلَوْ مَوْعُودًا بِأَنْ رَهَنَ لِيُقْرِضَهُ كَذَا) كَأَلْفٍ مَثَلًا، فَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ وَامْتَنَعَ لَأُجْبِرَ أَشْبَاهٌ (فَإِذَا هَلَكَ) هَذَا الرَّهْنُ (فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِمَا وَعَدَ) مِنْ الدَّيْنِ فَيُسَلَّمُ الْأَلْفُ لِلرَّاهِنِ جَبْرًا (إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ، أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ) هَذَا إذَا سَمَّى قَدْرَ الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ بِأَنْ رَهَنَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلْ يَضْمَنُ خِلَافٌ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذْ لَمْ يُبَيَّنْ الْمِقْدَارُ غَيْرُ مَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ.
(وَ) صَحَّ (بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَمِمَّنْ الصَّرْفُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ، فَإِنْ هَلَكَ) الرَّهْنُ (فِي الْمَجْلِسِ) ثُمَّ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ
ــ
رد المحتار
مَالٌ عِنْدَ الذِّمِّيِّ وَالْمُقَابِلُ بِهِ مَضْمُونٌ فَهُوَ رَهْنٌ صَحِيحٌ لَا فَاسِدٌ وَلَا بَاطِلٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَيْ بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ) فَسَّرَ النَّفْسَ بِهِمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمَا قَائِمَانِ مَقَامَهَا، وَلِمُرَادِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْمِثْلِ لَوْ مِثْلِيَّةً، وَبِالْقِيمَةِ لَوْ قِيَمِيَّةً (قَوْلُهُ كَالْمَغْصُوبِ إلَخْ) أَيْ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ الْمَجْعُولَةِ بَدَلَ خُلْعٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ صُلْحٍ لِأَنَّ الضَّمَانَ مُتَقَرِّرٌ، فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا وَإِنْ هَالِكَةً وَجَبَ قِيمَتُهَا فَكَانَ الرَّهْنُ بِهَا رَهْنًا بِمَا هُوَ مَضْمُونٌ فَيَصِحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ كَالْأَمَانَاتِ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهُهُ عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ وَعَيْنٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ) أَيْ حَقِيقَةً لِأَنَّهَا إذَا هَلَكَتْ يَهْلِكُ مِلْكُ الْبَائِعِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ، وَقَوْلُهُ لَكِنَّهَا تُشْبِهُ الْمَضْمُونَةَ بِاعْتِبَارِ سُقُوطِ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُقْبَضْ وَرَدُّهُ إذَا قُبِضَ وَلِذَا سُمِّيَتْ فِيمَا مَرَّ مَضْمُونَةً بِغَيْرِهَا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الرَّهْنَ بِهَا بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ أَوْ جَائِزٌ
(قَوْلُهُ فَلَوْ دَفَعَ لَهُ الْبَعْضَ) أَيْ بَعْضَ مَا وَعَدَهُ بِهِ وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ الْبَاقِي لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنْ كَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَإِذَا هَلَكَ) أَيْ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ لِلْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ بِأَنْ رَهَنَهُ إلَخْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا: فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا فِي الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ فِي الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ بِأَنْ رَهَنَهُ إلَخْ.
وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ كَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ قَوْلِهِ هَلْ يَضْمَنُ إلَخْ لِيَنْتَفِيَ التَّكْرَارُ. (قَوْلُهُ خِلَافٌ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ) أَيْ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَقَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ الرَّهْنِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَأَنَّ الْإِمَامَ وَصَاحِبَيْهِ قَالُوا يُعْطِيهِ الْمُرْتَهِنُ مَا شَاءَ، وَعَلَيْهِ مَشَى الزَّيْلَعِيُّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ بِالْهَلَاكِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا شَيْئًا فَيَكُونُ بَيَانُهُ إلَيْهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ) أَيْ الْأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ مَتْنًا أَوَّلَ الرَّهْنِ وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلُهُ، لَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا: أَيْ أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ هُوَ مَعْنَى الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي التَّعْبِيرِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مَقْبُوضٌ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ فَافْهَمْ.
تَنْبِيهٌ الرَّهْنُ الْمَوْعُودُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَاعَ عَبْدًا إلَخْ
(قَوْلُهُ وَصَحَّ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إلَخْ) صُورَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يُسْلِمَ مِائَةً بِطَعَامٍ مَثَلًا أَوْ يَبِيعَ دِينَارًا بِدِرْهَمٍ ثُمَّ قَبْلَ الْقَبْضِ يَدْفَعُ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَهْنًا بِالْمِائَةِ أَوْ يَأْخُذُ رَهْنًا بِالدِّرْهَمِ أَوْ بِالطَّعَامِ.
وَصَوَّرَ الْأُولَى بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُسَلِّمُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ رَهْنًا بِرَأْسِ الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ.
وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الصَّوَابَ مَا صَوَّرْتُهُ لِأَنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي الْمَجْلِسِ يَصِيرُ الْمُسْلِمُ مُسْتَرِدًّا لِرَأْسِ الْمَالِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ الْعَقْدَ يَتِمُّ بِذَلِكَ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْهَلَاكِ بَطَلَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَ إلَخْ) بَيَانٌ لِفَائِدَةِ الرَّهْنِ بِالْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ عَيْنِيٌّ.
وَأَفَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ هَلَكَ الرَّهْنُ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِثَمَنِ الصَّرْفِ دُونَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِنْ افْتَرَقَا إلَخْ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَصِحُّ مُطْلَقًا.