فِي الْحُرِّ (مِنْ الدِّيَةِ) وَفِي الْعَبْدِ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ نَقَصَ الْحُرُّ عُشْرَ قِيمَتِهِ أَخَذَ عُشْرَ دِيَتِهِ، وَكَذَا فِي النِّصْفِ وَالثُّلُثِ (هُوَ) أَيْ هَذَا التَّفَاوُتُ (هِيَ) أَيْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ (بِهِ يُفْتَى) كَمَا فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالدُّرَرِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمَعِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ لَوْ الْجِنَايَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ فَحِينَئِذٍ يُفْتَى بِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي يُفْتِي بِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَيْسَرُ انْتَهَى، وَنَحْوُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ بِزِيَادَةٍ وَقِيلَ تَفْسِيرُ الْحُكُومَةِ: هُوَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ، وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَالْأَدْوِيَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ
(وَلَا قِصَاصَ) فِي جَمِيعِ الشِّجَاجِ (إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا) وَمَا لَا قَوَدَ فِيهِ يَسْتَوِي الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِيهِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ أَيْضًا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ دُرَرٌ وَمُجْتَبًى وَابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهَا لِإِمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ، بِأَنْ يَسْبُرَ غَوْرَهَا بِمِسْبَارٍ ثُمَّ يَتَّخِذُ حَدِيدَةً بِقُدْرَةٍ فَيَقْطَعُ وَاسْتَثْنَى فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ السِّمْحَاقَ فَلَا يُقَادُ إجْمَاعًا كَمَا لَا قَوَدَ فِيمَا بَعْدَهَا كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَزَاهُ لِلْجَوْهَرَةِ فَلْيُحْفَظْ.
قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَلَا قَوَدَ فِي جِلْدِ رَأْسٍ وَبَدَنٍ وَلَحْمِ خَدٍّ وَبَطْنٍ وَظَهْرٍ
ــ
رد المحتار
لِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ حُكُومَةَ الْعَدْلِ فِي الَّذِي قَطَعَ طَرَفَ لِسَانِهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ بِالْعَبْدِ وَلِأَنَّ مُوضِحَةَ الْحُرِّ الصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ سَوَاءٌ، وَفِي الْعَبْدِ يَجِبُ فِي الصَّغِيرَةِ أَقَلُّ مِمَّا يَجِبُ فِي الْكَبِيرَةِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فِي الْحُرِّ) أَيْ هُوَ فِي شَجَّةِ الْحُرِّ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَيْ يُؤْخَذُ مِنْهَا، وَهُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفِي الْعَبْدِ مِنْ الْقِيمَةِ) أَيْ وَقَدْرُ التَّفَاوُتِ فِي شَجَّةِ الْعَبْدِ يُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَصَ إلَخْ) مِثَالُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ غَيْرِ جِرَاحَةٍ تَبْلُغُ أَلْفًا وَمَعَ الْجِرَاحَةِ تَبْلُغُ تِسْعَمِائَةٍ عُلِمَ أَنَّ الْجِرَاحَةَ أَوْجَبَتْ نُقْصَانَ عُشْرِ قِيمَتِهِ فَأَوْجَبَتْ عُشْرَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحُرِّ دِيَتُهُ عِنَايَةٌ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ قَوْلُ كُلِّ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمَ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ لَوْ الْجِنَايَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعُ الْمُوضِحَةِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي) أَيْ مَا اعْتَبَرَهُ الْكَرْخِيُّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَعَسَّرَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِإِضَافَةِ زِيَادَةٍ إلَيْهِ.
قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَهُ: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا بَقِيَ لِلْجِرَاحَةِ أَثَرٌ، وَإِلَّا فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا أَنْفَقَ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ فِي الْأَلَمِ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ آخِرَ الْفَصْلِ
(قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِي جَمِيعِ الشِّجَاجِ) أَيْ مَا فَوْقَ الْمُوضِحَةِ إجْمَاعًا وَمَا دُونَهَا عَلَى الْخِلَافِ ط (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُوضِحَةِ عَمْدًا) أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلَّ بِهِ عُضْوٌ آخَرُ فَلَوْ شَجَّ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَتْ عَيْنَاهُ فَلَا قِصَاصَ عِنْدَهُ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِمَا، وَقَالَا فِي الْمُوضِحَةِ قِصَاصٌ وَفِي الْبَصَرِ دِيَةٌ شَرْحُ الْمَجْمَعِ عَنْ الْكَافِي (قَوْلُهُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) أَيْ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) وَفِي الْكَافِي هُوَ الصَّحِيحُ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى - {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} المائدة: ٤٥- وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُسَاوَاةِ مِعْرَاجٌ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَسْبُرَ غَوْرُهَا) السَّبْرُ امْتِحَانُ غَوْرِ الْجُرْحِ وَغَيْرِهِ كَالِاسْتِبَارِ وَالْغَوْرُ الْقَعْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالسِّبَارُ كَكِتَابٍ وَالْمِسْبَارُ مَا يُسْبَرُ بِهِ الْجُرْحُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ السِّمْحَاقَ) حَيْثُ قَالَ: إلَّا السِّمْحَاقَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْدَرُ أَنْ يُشَقَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى جِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَوْقَ الْعَظْمِ اهـ.
أَقُولُ: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ عَامَّةُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيمَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ وَهُوَ سِتَّةٌ مِنْ الْحَارِصَةِ إلَى السِّمْحَاقِ اهـ (قَوْلُهُ كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا كَسْرَ عَظْمٍ فَلَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ، وَكَذَا الْآمَّةُ لِغَلَبَةِ الْهَلَاكِ فِيهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ السِّرَايَةِ (قَوْلُهُ وَعَزَاهُ لِلْجَوْهَرَةِ) وَعَزَاهُ ط لِلْبَحْرِ الزَّاخِرِ (قَوْلُهُ وَلَا قَوَدَ فِي جِلْدِ رَأْسٍ) لَعَلَّهُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي لَحْمِ الْخَدِّ أَوْ يُحْمَلُ فِي الرَّأْسِ