كَمَا مَرَّ أَيْ إذَا كَانَ سَبَبًا لَا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ إتْلَافًا كَمَا هُنَا أَمَّا فِي سَبَبٍ يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ فَيَشْتَرِكَانِ كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ نَفْسِ الدَّابَّةِ بِإِذْنِ رَاكِبِهَا فَلْيُحْفَظْ
(وَضَمِنَ عَاقِلَةُ كُلِّ فَارِسٍ) أَوْ رَاجِلٍ (دِيَةَ الْآخَرِ إنْ اصْطَدَمَا وَمَاتَا مِنْهُ) فَوَقَعَا عَلَى الْقَفَا (لَوْ) كَانَا (حُرَّيْنِ) لَيْسَا مِنْ الْعَجَمِ وَلَا عَامِدَيْنِ وَلَا وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا (وَلَوْ) كَانَا (عَبْدَيْنِ) أَوْ وَقَعَا عَلَى الْوَجْهِ ابْنُ كَمَالٍ (يَهْدِرُ دَمُهُمَا) فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَغَيْرُهَا، وَلَوْ كَانَ مِنْ الْعَجَمِ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ كَمَا مَرَّ مِرَارًا وَلَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ، فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ هَدَرَ دَمُهُ فَقَطْ، وَلَوْ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ
ــ
رد المحتار
وَالْجَوَابُ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ مَعَ الْمُبَاشِرِ إذَا كَانَ السَّبَبُ شَيْئًا لَا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ فِي الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْحَفْرِ مَعَ الْإِلْقَاءِ، فَإِنَّ الْحَفْرَ لَا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ شَيْئًا بِدُونِ الْإِلْقَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ فَيَشْتَرِكَانِ وَهَذَا مِنْهُ، فَإِنَّ السَّوْقَ مُتْلِفٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبٌ، بِخِلَافِ الْحَفْرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُتْلِفٍ بِلَا إلْقَاءٍ، وَعِنْدَ الْإِلْقَاءِ وُجِدَ التَّلَفُ بِهِمَا فَأُضِيفَ إلَى آخِرِهِمَا اهـ وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ فِي الْهَامِشِ هَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ إلَى مَزِيدِ تَحْرِيرٍ اهـ.
وَذَكَرَ فِي السَّعْدِيَّةِ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَعْرِضِ الْجَوَابِ بِمَعْزِلٍ عَنْ هَذَا التَّقْرِيرِ، وَلَا يَصْلُحُ جَوَابًا عَمَّا فِي الْأَصْلِ، بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ وَتَفْصِيلٌ لَهُ، وَاللَّازِمُ مِنْهُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى السَّائِقِ، وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَهَذَا مِنْ مِثْلِهِ غَرِيبٌ اهـ.
وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْحَلَبِيِّ عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا صُورَتُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ اهـ فَيَكُونُ التَّصْحِيحُ لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النِّهَايَةِ أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُ الْوَلْوَالِجيَّةِ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّدِيفُ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَالِاجْتِمَاعِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ الرَّاكِبُ مُبَاشِرًا، لِأَنَّ السَّبَبَ هُنَا يَعْمَلُ فِي الْإِتْلَافِ، فَلَا يُلْغَى فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْحَفْرِ اهـ مُلَخَّصًا.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا جَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ، وَقَدْ أَخَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ فَأَشْعَرَ بِتَرْجِيحِهِ كَعَادَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمَوَاهِبِ وَالْمُلْتَقَى وَعَبَّرَا عَنْ مُقَابِلِهِ بِقِيلَ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ كَمَا هُنَا) أَيْ فِي السَّائِقِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ كَالنَّاخِسِ يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ إتْلَافًا وَأَنَّ الَّذِي لَا يَعْمَلُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ بِإِذْنِ رَاكِبِهَا) فَلَوْ بِدُونِهِ ضَمِنَ النَّاخِسُ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ أَوْ رَاجِلٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَارِسِ اتِّفَاقِيٌّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الرَّاجِلَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْبَهِيمَةِ أَفَادَهُ سَعْدِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ اصْطَدَمَا) أَيْ تَضَارَبَا بِالْجَسَدِ اهـ دُرٌّ مُنْتَقَى وَهَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَقَابَلَا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ سَارَ رَجُلٌ عَلَى دَابَّةٍ فَجَاءَ رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَدَمَهُ فَعَطِبَ الْمُؤَخَّرُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقَدَّمِ، وَإِنْ عَطِبَ الْمُقَدَّمُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ وَكَذَا فِي سَفِينَتَيْنِ اهـ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ يَهْدِرُ دَمُهُمَا) لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلٍّ مِنْ الْعَبْدَيْنِ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ دَفْعًا وَفِدَاءً وَقَدْ فَاتَتْ لَا إلَى الْخَلْفِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ يَصِيرُ بِهِ الْمَوْلَى مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ مِنَحٌ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْحُرَّانِ عَلَى وَجَوِّهِمَا فَلِأَنَّ مَوْتَ كُلٍّ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا عَامِدَيْنِ) أَيْ الْحُرَّانِ أَوَالْعَبْدَانِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ) الَّذِي فِي الزَّيْلَعِيِّ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ الشَّلَبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: لِأَنَّ الْعَمْدَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْخَطَأِ لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ، إذْ هُوَ تَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ، وَلَمْ يَقْصِدْ الْعَقْلَ وَلِذَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ ط وَإِنَّمَا نُصِّفَتْ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ فِي الْخَطَأِ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُبَاحٌ وَهُوَ الْمَشْيُ فِي الطَّرِيقِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ كَالْوَاقِعِ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا مَشْيُهُ مَا وَقَعَ وَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ لِتَقَيُّدِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، أَمَّا فِي