حِفْظِ نَفْسِهِ لَا لِأَنَّهُ بِتَقْصِيرِهِ. فَحُكْمُ صَغِيرٍ كَكَبِيرٍ مُقَيَّدٌ عِنَايَةٌ
(وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَغَابَ عَنْ يَدِهِ حُبِسَ) الْغَاصِبُ (حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ مَوْتُهُ) خَانِيَّةٌ كَمَا لَوْ خَدَعَ امْرَأَةَ رَجُلٍ حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَرُدَّهَا أَوْ تَمُوتَ خُلَاصَةٌ.
(أَمَرَ خِتَانًا لِيَخْتِنَ صَبِيًّا فَفَعَلَ) الْخِتَانُ ذَلِكَ (فَقَطَعَ حَشَفَتَهُ وَمَاتَ الصَّبِيُّ) مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ كُلُّهَا) وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ وَفِي مُعَايَاةِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَظْمًا:
وَمَنْ ذَا الَّذِي إنْ مَاتَ مَجْنِيُّهُ فَمَا
عَلَيْهِ إذَا مَاتَ بِالْمَوْتِ يُشْطَرُ
(كَمَنْ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ وَقَالَ: امْسِكْهَا لِي فَسَقَطَ الصَّبِيُّ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسْيِيرٌ فَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ حَمَلَهُ دِيَتُهُ) أَيْ دِيَةُ الصَّبِيِّ (كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَرْكَبُ مِثْلُهُ أَوْ لَا) يَرْكَبُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ
(كَصَبِيٍّ أُودِعَ عَبْدًا فَقَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ الصَّبِيُّ الْعَبْدَ الْمُودَعُ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ قِيمَتَهُ
ــ
رد المحتار
عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ بِمَا صُنِعَ فِيهِ عِنَايَةٌ وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ صَنَعَ بِالْمُكَاتَبِ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ فَحُكْمُ صَغِيرٍ كَكَبِيرٍ مُقَيَّدٍ) الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ؛ فَحُكْمُ كَبِيرٍ مُقَيَّدٍ كَصَغِيرٍ، لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّغِيرِ مَنْصُوصَةٌ فِي الْمُتُونِ، وَمَسْأَلَةَ الْكَبِيرِ ذَكَرَهَا الشُّرَّاحُ عَنْ الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ
وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: اسْتَشْكَلَ هَذَا الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِقَوْلِهِمْ لَوْ كَتَّفَ شَخْصًا، وَقَيَّدَهُ وَأَلْقَاهُ فَأَكَلَهُ السَّبُعُ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ، وَعَنْ الْإِمَامِ إنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ، وَلَوْ قَمَطَ صَبِيًّا وَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ أَوْ الْبَرْدِ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الْحَافِظِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلَعَلَّ الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ فِي الْحُرِّ الْكَبِيرِ الْمُقَيَّدِ مَحْمُولٌ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ وَأَصْلُ الِاسْتِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْمِعْرَاجِ حَيْثُ قَالَ: وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ حَبَسَ إنْسَانًا فَمَاتَ مِنْهُ مِنْ الْجُوعِ، لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ بِمَا صَنَعَ حَابِسُهُ اهـ
أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّبِيِّ عَلَى اسْتِحْسَانٍ، وَأَلْحَقُوا بِهِ الْكَبِيرَ فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ أَيْضًا وَمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقِيَاسِ، وَالِاسْتِحْسَانُ رَاجِحٌ عَلَيْهِ، وَتِلْكَ الرِّوَايَةُ مُوَافِقَةٌ لِلِاسْتِحْسَانِ، فَقَدْ يَدَّعِي تَرْجِيحَهَا بِذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ حَبَسَهُ فَمَاتَ جُوعًا فَعَدَمُ ضَمَانِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْجِنَايَاتِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَأَنَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِنْسَانِ، فَلَا يُضَافُ لِلْجَانِي بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ، فَلَا تُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَتِنَا، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ
(قَوْلُهُ حَتَّى وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِالْأَبْدَانِ رَحْمَتِيٌّ أَيْ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ الزَّوْجُ مَكَانَهَا، وَمِثْلُهُ أَقَارِبُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ط (قَوْلُهُ أَوْ تَمُوتُ) أَيْ أَوْ يَعْلَمُ مَوْتَهَا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ يَمُوتُ أَيْ إلَى أَنْ يَمُوتَ ط
(قَوْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ دِيَتِهِ إلَخْ) أَيْ لَوْ حُرًّا وَلَوْ عَبْدًا يَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَوْ تَمَامُهَا، لِأَنَّ الْمَوْتَ حَصَلَ بِفِعْلَتَيْنِ أَحَدُهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْقَلَفَةِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْحَشَفَةِ فَيَجِبُ نِصْفُ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا بَرِئَ جُعِلَ قَطْعُ الْجِلْدَةِ وَهُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَقَطْعُ الْحَشَفَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، فَوَجَبَ ضَمَانُ الْحَشَفَةِ كَامِلًا وَهُوَ الدِّيَةُ مِنَحٌ وَعَزَا الْمَسْأَلَةَ إلَى الْخَانِيَّةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ، وَذَكَرَ نَظْمَهَا لِلْعَلَّامَةِ الطَّرْطُوسِيِّ سُؤْلًا وَجَوَابًا (قَوْلُهُ فَمَا عَلَيْهِ إلَخْ) مَا الْأُولَى مَوْصُولَةٌ، وَالثَّانِيَةُ نَافِيَةٌ خِلَافُ مَا هُوَ الشَّائِعُ مِنْ زِيَادَتِهَا بَعْدَ إذَا وَالْمَعْنَى: إنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ وَقْتَ عَدَمِ الْمَوْتِ يُشْطَرُ أَيْ يُنَصَّفُ بِالْمَوْتِ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَسْيِيرٌ) أَمَّا لَوْ سَيَّرَهَا وَهُوَ بِحَيْثُ يَصْرِفُهَا انْقَطَعَ التَّسَبُّبُ بِهَذِهِ الْمُبَاشَرَةِ الْحَادِثَةِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ) ذَكَرَ عِبَارَتَهَا فِي الْمِنَحِ
(قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ أُودِعَ عَبْدًا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ) أَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَانَ أَرْشُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ بِالْإِجْمَاعِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ قِيمَتَهُ) تَصْرِيحٌ بِمَا أَفَادَتْهُ كَافُ التَّشْبِيهِ، لَكِنْ