وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ لَا الْعَيْنِ، وَقَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(وَلَا يُخْرِجُ) الْمُوصَى لَهُ (الْعَبْدَ) الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ (مِنْ الْكُوفَةِ) مَثَلًا (إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مَكَانُهُ) وَأَهْلُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ) وَإِلَّا فَلَا يُخْرِجُهُ (إلَّا بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ) لِبَقَاءِ حَقِّهِمْ فِيهِ (وَبِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (فِي حَيَاةِ الْمُوصِي بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (وَبَعْدَ مَوْتِهِ يَعُودُ) الْعَبْدُ وَالدَّارُ (إلَى الْوَرَثَةِ) أَيْ وَرَثَةِ الْمُوصِي
ــ
رد المحتار
بِالِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ بَعْدَ اسْتِغْلَالِهَا وَلَا يُمْكِنُهُمْ مِنْ الْمَنَافِعِ بَعْدَ اسْتِيفَائِهَا بِعَيْنِهَا اهـ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ بِغَلَّةِ دَارِهِ لِرَجُلٍ تُؤْجَرُ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ غَلَّاتُهَا، فَإِنْ أَرَادَ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ قَالَ الْإِسْكَافُ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْوَقْفِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْفَتْوَى فِي الْوَقْفِ عَلَى هَذَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ: وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ مُسَلَّمٌ، أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ فَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ وَهْبَانَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا هِيَ بِالْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى مُعْدَمَةٌ لَهَا فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْمُوصِي، بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الِانْتِفَاعِ بِالسُّكْنَى أَوْ بِالْغَلَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي الْوَقْفِ مِنْ بَابِ أَوْلَى اهـ. وَحَاصِلُهُ النِّزَاعُ مَعَ صَاحِبِ الظَّهِيرِيَّةِ فِي دَعْوَاهُ الْأَوْلَوِيَّةِ.
قُلْت: فَلَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِأَنَّهَا لِلِاسْتِغْلَالِ فَالْأَوْلَوِيَّةُ ظَاهِرَةٌ، هَذَا. وَلَكِنَّ لِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَةٌ حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِغْلَالَ مُسْتَحِقُّ السُّكْنَى. وَاخْتُلِفَ فِي عَكْسِهِ وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ فَتَأَمَّلْ، وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ هُنَا وَفِي كِتَابِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ لَا الْعَيْنِ) أَيْ حَقَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الْغَلَّةُ فَإِنَّهَا عَيْنُ مَالٍ كَمَا مَرَّ، لَكِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُثْبِتُ خِلَافَ الْمَطْلُوبِ وَيَصْلُحُ تَعْلِيلًا لِعَكْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَخْ. فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فِي بَدَلِ الْمَنْفَعَةِ لَا فِيهَا لِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ أَعْنِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا الْفَرْقُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْمَنْفَعَةِ الِاسْتِغْلَالُ لَا الْخِدْمَةُ وَالسُّكْنَى، وَبِالْعَيْنِ ذَاتُ الْعَبْدِ وَالدَّارِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ وَقَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْغَلَّةِ لَيْسَ لَهُ قِسْمَةُ الدَّارِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي عَيْنِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَلَا يُخْرِجُ إلَخْ) .
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْعَبْدَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُوفَةِ فَيُخْرِجُهُ إلَى أَهْلِهِ لِيَخْدُمَهُ هُنَاكَ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَنْفُذُ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ مَقْصُودِ الْمُوصِي، فَإِذَا كَانُوا فِي مِصْرِهِ فَمَقْصُودُهُ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ خِدْمَتِهِ فِيهِ بِدُونِ أَنْ يَلْزَمَهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ، وَإِذَا كَانُوا فِي غَيْرِهِ فَمَقْصُودُهُ أَنْ يُحْمَلَ الْعَبْدُ إلَى أَهْلِهِ لِيَخْدُمَهُمْ اهـ.
وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ: فَلَوْ خَرَجَ بِأَهْلِهِ مِنْ بَلَدِ الْمُوصِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مَكَانَهُ إلَخْ) الْإِشَارَةُ عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمَتْنِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي يُرِيدُ إخْرَاجَهُ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمِنَحِ. وَأَمَّا عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ فَالْإِشَارَةُ إلَى الْمَخْرَجِ الَّذِي هُوَ الْمُوصَى لَهُ لَا إلَى الْكُوفَةِ كَمَا قَالَ ح لِعَدَمِ مُلَاءَمَتِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَأَهْلُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَعَلَى مَا قُلْنَا فَاسْمُ الْإِشَارَةِ اسْمُ كَانَ وَمَكَانُهُ مُبْتَدَأٌ وَأَهْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ وَفِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ وَيَقَعُ لَهُ ذَلِكَ كَثِيرًا. وَيَجُوزُ إرْجَاعُ الْإِشَارَةِ إلَى الْكُوفَةِ وَالضَّمِيرُ فِي مَكَانِهِ لِلْعَبْدِ وَفِي أَهْلِهِ لِلْمُوصِي.
وَعِبَارَةُ الْمَوَاهِبِ: وَلَا يُسَافِرُ بِهِ إلَّا لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي أَيْ وَبِمَوْتِ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي يَعُودُ إلَخْ (قَوْلُهُ يَعُودُ الْعَبْدُ وَالدَّارُ) أَيْ خِدْمَةُ الْعَبْدِ وَسُكْنَى الدَّارِ