(قَائِلًا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) هُوَ السُّنَّةُ، وَصَرَّحَ الْحَدَّادِيُّ بِكَرَاهَةِ: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ (وَ) أَنَّهُ (لَا يَقُولُ) هُنَا (وَبَرَكَاتُهُ) وَجَعَلَهُ النَّوَوِيُّ بِدْعَةً، وَرَدَّهُ الْحَلَبِيُّ. وَفِي الْحَاوِي أَنَّهُ حَسَنٌ. (وَسُنَّ جَعْلُ الثَّانِي أَخْفَضَ مِنْ الْأَوَّلِ) خَصَّهُ فِي الْمُنْيَةِ بِالْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ
(وَيَنْوِي) الْإِمَامُ بِخِطَابِهِ (السَّلَامَ عَلَى مَنْ فِي يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ) مِمَّنْ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ، وَلَوْ جِنًّا
ــ
رد المحتار
وَقَوْلَهُمَا أَرْفَقُ وَأَحْوَطُ. وَفِي عَوْنِ الْمَرْوَزِيِّ: الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي صِحَّةِ الشُّرُوعِ قَوْلُهُ وَفِي الْأَفْضَلِيَّةِ قَوْلُهُمَا. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى الْمُقَارَنَةُ عَلَى قَوْلِهِ كَمُقَارَنَةِ حَلْقَةِ الْخَاتَمِ وَالْأُصْبُعِ. وَالْبَعْدِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يُوصِلَ الْمُقْتَدِي هَمْزَةَ اللَّهُ بِرَاءِ أَكْبَرُ. مَطْلَبٌ فِي وَقْتِ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ الِافْتِتَاحِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي وَقْتِ إدْرَاكِ فَضِيلَةِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ؛ فَعِنْدَهُ بِالْمُقَارَنَةِ، وَعِنْدَهُمَا إذَا كَبَّرَ فِي وَقْتِ الثَّنَاءِ، وَقِيلَ بِالشُّرُوعِ قَبْلَ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ لَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي حَاضِرًا، وَقِيلَ سَبْعٌ لَوْ غَائِبًا، وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَهَذَا أَوْسَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. وَقِيلَ بِإِدْرَاكِ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ خُلَاصَةٌ، وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ التَّحْرِيمَةِ وَالسَّلَامِ، فَأَفَادَ أَنَّ الْمُقَارَنَةَ فِي الْأَفْعَالِ أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْحَقَائِقِ (قَوْلُهُ هُوَ السُّنَّةُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَكْمَلِ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَجْزَأَهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ، وَصَرَّحَ فِي السِّرَاجِ بِكَرَاهَةِ الْأَخِيرِ. اهـ. قُلْت: تَصْرِيحُهُ بِذَلِكَ لَا يُنَافِي كَرَاهَةَ غَيْرِهِ أَيْضًا مِمَّا خَالَفَ السُّنَّةَ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِكَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ الْحَدَّادِيُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي سَلَامِ التَّحَلُّلِ، بِخِلَافِ الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْحَلَبِيُّ) يَعْنِي الْمُحَقِّقَ ابْنَ أَمِيرِ حَاجٍّ حَيْثُ قَالَ فِي الْحِلْيَةِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ قَوْلَ النَّوَوِيِّ إنَّهَا بِدْعَةٌ وَلَمْ يَصِحَّ فِيهَا حَدِيثٌ بَلْ صَحَّ فِي تَرْكِهَا غَيْرُ مَا حَدِيثٍ مَا نَصُّهُ: لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ فِي هَذَا فَإِنَّهَا جَاءَتْ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِشُذُوذِهَا وَإِنْ صَحَّ مَخْرَجُهَا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْحَاوِي أَنَّهُ حَسَنٌ) أَيْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. وَعِبَارَتُهُ: وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَبَرَكَاتُهُ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ: وَرُوِيَ وَبَرَكَاتُهُ (قَوْلُهُ أَخْفَضُ مِنْ الْأَوَّلِ) أَفَادَ أَنَّهُ يَخْفِضُ صَوْتَهُ بِالْأَوَّلِ أَيْضًا أَيْ عَنْ الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الْإِعْلَامِ فَهُوَ خَفْضٌ نِسْبِيٌّ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَهْرٌ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِمَا إلَّا أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ إنَّهُ يَخْفِضُ الثَّانِي: أَيْ لَا يَجْهَرُ بِهِ أَصْلًا. وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِحَاجَةِ الْمُقْتَدِي إلَى سَمَاعِ الثَّانِي أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ يَأْتِي بِهِ أَوْ يَسْجُدُ قَبْلَهُ لِسَهْوٍ حَصَلَ لَهُ، أَفَادَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَمِنْهَا أَيْ السُّنَنِ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّسْلِيمِ لَوْ إمَامًا لِأَنَّهُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعْلَامِ. اهـ. فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَيَنْوِي إلَخْ) أَيْ لِيَكُونَ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ، فَيَنْوِي ذَلِكَ كَسَائِرِ السُّنَنِ، وَلِذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى أَحَدٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَنْوِي السُّنَّةَ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْإِمَامِ إلَى النِّيَّةِ لِأَنَّهُ يَجْهَرُ وَيُشِيرُ إلَيْهِمْ فَهُوَ فَوْقَ مُنْيَةٌ. اهـ. بَحْرٌ مُلَخَّصًا. وَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَيْهِمْ بِالْخِطَابِ حُصُولُ النِّيَّةِ بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا.
أَقُولُ: وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الصَّلَاةِ لِمَا وَجَبَ بِالسَّلَامِ كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ التَّحَلُّلَ لَا خِطَابَ الْمُصَلِّينَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْخِطَابُ مَقْصُودًا أَصَالَةً لَزِمَتْ النِّيَّةُ لِإِقَامَةِ السُّنَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى التَّحَلُّلِ الْوَاجِبِ، إذْ لَوْلَاهَا لَبَقِيَ السَّلَامُ لِمُجَرَّدِ التَّحَلُّلِ دُونَ التَّحِيَّةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ السَّلَامَ) مَفْعُولُ يَنْوِي وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ مِمَّنْ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ)