(وَحِفْظُهَا فَرْضُ عَيْنٍ) مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ
(وَحِفْظُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَسُنَّةُ عَيْنٍ أَفْضَلُ مِنْ التَّنَفُّلِ وَتَعَلُّمُ الْفِقْهِ أَفْضَلُ مِنْهُمَا (وَحِفْظُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) وَيُكْرَهُ نَقْصُ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبِ
(وَيُسَنُّ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا) أَيْ حَالَةَ قَرَارٍ أَوْ فِرَارٍ، كَذَا أَطْلَقَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ:
ــ
رد المحتار
الْعُرْفِ لَا إلَى عَدَدِ حُرُوفِ أَقْصَرِ آيَةٍ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ قِرَاءَةَ قَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ الَّتِي هِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا بُدَّ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ الْآيَةِ الطَّوِيلَةِ مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَمْثَالِ مِمَّا يُسَمَّى بِقِرَاءَتِهِ قَارِئًا عُرْفًا، وَلِذَا فَرَضُوا الْمَسْأَلَةَ بِآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَآيَةِ الْمُدَايَنَةِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِمَا: لَوْ قَرَأَ آيَةً طَوِيلَةً كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ. أَوْ الْمُدَايَنَةِ الْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ وَالْبَعْضَ فِي رَكْعَةٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، قِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَا قَرَأَ آيَةً تَامَّةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْآيَاتِ يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ قِصَارٍ أَوْ يَعْدِلُهَا فَلَا تَكُونُ قِرَاءَتُهُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ. اهـ. لَكِنَّ التَّعْلِيلَ الْأَخِيرَ رُبَّمَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْعَدَدِ فِي الْكَلِمَاتِ أَوْ الْحُرُوفِ، وَيُفِيدُ قَوْلَهُمْ: لَوْ قَرَأَ آيَةً تَعْدِلُ أَقْصَرَ سُورَةٍ جَازَ، وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ تَعْدِلُ ثَلَاثًا قِصَارًا أَيْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {ثُمَّ نَظَرَ} المدثر: ٢١ {ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} المدثر: ٢٢ {ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ} المدثر: ٢٣- وَقَدْرُهَا مِنْ حَيْثُ الْكَلِمَاتُ عَشْرٌ، وَمِنْ حَيْثُ الْحُرُوفُ ثَلَاثُونَ، فَلَوْ قَرَأَ - {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} البقرة: ٢٥٥- يَبْلُغُ مِقْدَارَ هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ، فَعَلَى مَا قُلْنَاهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَفَى عَنْ الْوَاجِبِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ
(قَوْلُهُ وَحِفْظُهَا) أَيْ الْآيَةِ فَرْضُ عَيْنٍ: أَيْ فَرْضٌ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ بِعَيْنِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، بِأَنَّ الثَّانِيَ مُتَحَتِّمٌ مَقْصُودُ حُصُولِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مَنْظُورٌ بِالذَّاتِ إلَى فَاعِلِهِ حَيْثُ قَصَدَ حُصُولَهُ مِنْ عَيْنٍ مَخْصُوصَةٍ، كَالْمَفْرُوضِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ أُمَّتِهِ، أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ عَيْنٍ: أَيْ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ الِاسْمِ إلَى صِفَتِهِ: كَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَحَبَّةِ الْحَمْقَاءِ: أَيْ فَرْضٌ مُتَعَيِّنٌ: أَيْ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ: مَعْنَاهُ فَرْضٌ ذُو كِفَايَةٍ: أَيْ يُكْتَفَى بِحُصُولِهِ مِنْ أَيِّ فَاعِلٍ كَانَ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَحِفْظُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ إلَخْ) أَقُولُ: لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُقَالَ جَمِيعُ الْقُرْآنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ يُسَمَّى فَرْضَ كِفَايَةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فَرْضَ عَيْنٍ وَبَعْضُهُ وَاجِبًا؛ كَمَا أَنَّ حِفْظَ الْفَاتِحَةِ يُسَمَّى وَاجِبًا وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ مِنْهَا فَرْضًا أَيْ يَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ فَافْهَمْ. مَطْلَبٌ السُّنَّةُ تَكُونُ سُنَّةَ عَيْنٍ وَسُنَّةَ كِفَايَةٍ
(قَوْلُهُ وَسُنَّةَ عَيْنٍ) أَيْ يُسَنُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ بِعَيْنِهِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَكُونُ سُنَّةَ عَيْنٍ وَسُنَّةَ كِفَايَةٍ؛ وَمِثَالُهُ مَا قَالُوا فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ إنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ وَصَلَاتُهَا بِجَمَاعَةٍ فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ سُنَّةُ كِفَايَةٍ (قَوْلُهُ وَتَعَلُّمُ الْفِقْهِ أَفْضَلُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ حِفْظِ بَاقِي الْقُرْآنِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَعْضِ بِهِ وَمِنْ التَّنَفُّلِ؛ وَمُرَادُهُ بِالْفِقْهِ مَا زَادَ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي دِينِهِ وَإِلَّا فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ ح (قَوْلُهُ وَسُورَةٍ) أَيْ أَقْصَرِ سُورَةٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ إلَخْ) أَيْ تَحْرِيمًا، كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ نَقْصُ شَيْءٍ مِنْ السُّنَّةِ تَنْزِيهًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ط
(قَوْلُهُ أَيْ حَالَةَ قَرَارٍ أَوْ فِرَارٍ) أَيْ حَالَةَ أَمَنَةٍ أَوْ عَجَلَةٍ، وَعَبَّرَ عَنْ الْعَجَلَةِ بِالْفِرَارِ بِالْفَاءِ لِأَنَّهَا فِي السَّفَرِ تَكُونُ غَالِبًا مِنْ الْخَوْفِ كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ (قَوْلُهُ كَذَا أَطْلَقَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ عِبَارَةَ الْجَامِعِ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا السَّفَرَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ فَيُفْهَمُ مِنْهَا الْإِطْلَاقُ كَسَائِرِ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ ادِّعَاءُ تَقْيِيدِهَا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِالْإِطْلَاقِ اخْتِيَارًا لِمَا رَجَّحَهُ شَيْخُهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ