وَمَا فِي الْمُجْتَبَى الِاقْتِدَاءُ بِالْمُمَاثِلِ صَحِيحٌ إلَّا ثَلَاثَةً: الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ وَالضَّالَّةُ وَالْمُسْتَحَاضَةُ: أَيْ لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ؛ فَلَوْ انْتَفَى صَحَّ (وَ) لَا (حَافِظِ آيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ حَافِظٍ لَهَا) وَهُوَ الْأُمِّيُّ، وَلَا أُمِّيِّ بِأَخْرَسَ لِقُدْرَةِ الْأُمِّيِّ عَلَى التَّحْرِيمَةِ فَصَحَّ عَكْسُهُ (وَ) لَا (مَسْتُورِ عَوْرَةٍ بِعَارٍ) .
فَلَوْ أَمَّ الْعَارِيَ عُرْيَانَا وَلَابِسَيْنِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ وَمُمَاثِلُهُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَا ذُو جُرْحٍ بِمِثْلِهِ وَبِصَحِيحٍ (وَ) لَا (قَادِرٍ عَلَى رُكُوعٍ وَسُجُودٍ بِعَاجِزٍ عَنْهُمَا) لِبِنَاءِ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ (وَ) لَا (مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَبِمُفْتَرِضٍ فَرْضًا آخَرَ) لِأَنَّ اتِّحَادَ الصَّلَاتَيْنِ شَرْطٌ عِنْدَنَا. وَصَحَّ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ
ــ
رد المحتار
وَنَجَاسَةً اهـ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمُجْتَبَى) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَيْ لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ أَيْ مَا فِي الْمُجْتَبَى مُفَسَّرٌ بِكَذَا (قَوْلُهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظَةُ الِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ) أَيْ وَاحْتِمَالِ ذُكُورَةِ الْمُقْتَدِيَةِ وَأُنُوثَةِ الْإِمَامِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي الضَّالَّةِ ظَاهِرٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْقُنْيَةِ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ جَوَّزَ اقْتِدَاءَ الضَّالَّةِ بِالضَّالَّةِ فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا لِاحْتِمَالِ اقْتِدَائِهَا بِالْحَائِضِ. اهـ. وَأَمَّا فِي الْمُسْتَحَاضَةِ فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ حَقِيقَةً لَا تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حَائِضًا كَمَنْ تَجَاوَزَ دَمُهَا عَلَى عَشَرَةٍ فِي الْحَيْضِ أَوْ أَرْبَعِينَ فِي النِّفَاسِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا نَحْوُ الْمُبْتَدَأَةِ قَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ، فَإِنْ تَمَّ ثَلَاثَةٌ فِيهَا وَإِلَّا قَضَتْ، فَهِيَ الثَّلَاثُ يَحْتَمِلُ حَالُهَا الْحَيْضَ وَالِاسْتِحَاضَةَ، وَكَذَا الْمُعْتَادَةُ إذَا تَجَاوَزَ الدَّمُ عَلَى عَادَتِهَا فَإِنَّهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَنْقَطِعَ لِعَشَرَةٍ فَتَكُونَ حَائِضًا أَوْ لِأَكْثَرَ فَتَكُونَ مُسْتَحَاضَةً، فَلَا يَجُوزُ لِمِثْلِهَا الِاقْتِدَاءُ بِهَا. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى: وَاقْتِدَاءُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ يَجُوزُ وَالضَّالَّةِ بِالضَّالَّةِ لَا يَجُوزُ كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْمُشْكِلِ اهـ وَهَذِهِ لَا إشْكَالَ فِيهَا، وَلَعَلَّ نُسْخَةَ صَاحِبِ الْبَحْرِ مُحَرَّفَةٌ وَتَبِعُوهُ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ اهـ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا. هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ رِوَايَتَيْنِ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (قَوْلُهُ فَلَوْ انْتَفَى) أَيْ الِاحْتِمَالُ ح.
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَافِظٍ لَهَا) شَمَلَ مَنْ يَحْفَظُهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، لَكِنْ بِلَحْنٍ مُفْسِدٍ لِلْمَعْنَى لِمَا فِي الْبَحْرِ: الْأُمِّيُّ عِنْدَنَا مَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ (قَوْلُهُ وَلَا أُمِّيٌّ بِأَخْرَسَ) أَمَّا اقْتِدَاءُ أَخْرَسَ بِأَخْرَسَ أَوْ أُمِّيٍّ بِأُمِّيٍّ فَصَحِيحٌ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ فَصَحَّ عَكْسُهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّعْلِيلِ لِأَنَّ قُدْرَةَ الْأُمِّيِّ عَلَى التَّحْرِيمَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَقْوَى حَالًا مِنْ الْأَخْرَسِ فَصَحَّ اقْتِدَاءُ الْأَخْرَسِ بِهِ دُونَ عَكْسِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ صَحَّ اقْتِدَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) بِخِلَافِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمَّ أُمِّيًّا وَقَارِئًا فَإِنَّ صَلَاةَ الْكُلِّ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ صَلَاتَهُ بِقِرَاءَةٍ إذَا اقْتَدَى بِقَارِئٍ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ وَلَيْسَتْ طَهَارَةُ الْإِمَامِ وَسِتْرُهُ طَهَارَةً وَسِتْرًا لِلْمَأْمُومِ حُكْمًا فَافْتَرَقَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا ذُو جُرْحٍ بِمِثْلِهِ وَبِصَحِيحٍ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ صَاحِبَ الْبَحْرِ، وَالْأَوْلَى: مِثْلُهُ وَصَحِيحًا، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ. وَكَذَا لَوْ أَمَّ ذُو جُرْحٍ مِثْلَهُ وَصَحِيحًا، وَأَمَّ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ ح (قَوْلُهُ بِعَاجِزٍ عَنْهُمَا) أَيْ بِمَنْ يُومِئُ بِهِمَا قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمْكَنَاهُ قَاعِدًا فَصَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ ط: وَالْعِبْرَةُ لِلْعَجْزِ عَنْ السُّجُودِ، حَتَّى لَوْ عَجَزَ عَنْهُ وَقَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ أَوْمَأَ (قَوْلُهُ وَبِمُفْتَرِضٍ فَرْضًا آخَرَ) سَوَاءٌ تَغَايَرَ الْفَرْضَانِ اسْمًا أَوْ صِفَةً كَمُصَلِّي ظُهْرَ أَمْسِ بِمُصَلِّي ظُهْرِ الْيَوْمِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا فَاتَتْهُمْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ وَكَذَا لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَاقْتَدَى بِهِ آخَرُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ هَذَا قَضَاءٌ لِلْمُقْتَدِي جَوْهَرَةٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ اتِّحَادَ الصَّلَاتَيْنِ إلَخْ) قَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبَابِ مَعْنَى اتِّحَادِهِمَا (قَوْلُهُ وَصَحَّ أَنَّ مُعَاذًا إلَخْ) أَيْ صَحَّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا وَتَرَجَّحَ، وَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ الْفَرْضِ بِالنَّفْلِ وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِشَاءَ الْآخِرَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ»