وَصَرَّحَ فِي الضِّيَاءِ بِوُجُوبِ الرَّدِّ فِي بَعْضِهَا وَبِعَدَمِهِ فِي قَوْلِهِ سَلَّامٍ عَلَيْكُمْ بِجَزْمِ الْمِيمِ
(وَالتَّنَحْنُحُ) بِحَرْفَيْنِ (بِلَا عُذْرٍ)
ــ
رد المحتار
(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الضِّيَاءِ إلَخْ) أَيْ نَقْلًا عَنْ رَوْضَةِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ، وَذَكَرَ ح عِبَارَتَهُ. وَحَاصِلُهَا: أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَشْغُولِينَ بِالْخُطْبَةِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ الْآذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ كَالصَّلَاةِ، وَيَرُدُّونَ فِي الْبَاقِي لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ فَضِيلَتَيْ الرَّدِّ، وَمَا هُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى قَطْعِ شَيْءٍ تَجِبُ إعَادَتُهُ. قَالَ ح: وَيُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْحُكْمُ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّظْمِ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ فِي الْبَحْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ، وَالْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ أَوْ الْبَحْثِ فِي الْفِقْهِ أَوْ التَّخَلِّي وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. اهـ. وَمُفَادُهُ أَنَّ كُلَّ مَحَلِّ لَا يُشْرَعُ فِيهِ السَّلَامُ لَا يَجِبُ رَدُّهُ. مَطْلَبٌ الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ
وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ: صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: الْقَاضِي إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الْخَصْمَانِ، وَالْأُسْتَاذُ الْفَقِيهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ أَوْ غَيْرُهُ أَوَانَ الدَّرْسِ، وَسَلَامُ السَّائِلِ، وَالْمُشْتَغِلِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالدُّعَاءِ حَالَ شُغْلِهِ، وَالْجَالِسِينَ فِي الْمَسْجِدِ لِتَسْبِيحٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ حَالَ التَّذْكِيرِ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْخَطِيبِ عِنْدَ الثَّانِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَى الْفَاسِقِ لِأَنَّ كَرَاهَةَ السَّلَامِ عَلَيْهِ لِلزَّجْرِ فَلَا تُنَافِي الْوُجُوبَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. هَذَا، وَقَدْ نَظَمَ الْجَلَالُ الْأَسْيُوطِيُّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ الشَّارِحُ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ فَقَالَ:
رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى ... مَنْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بِأَكْلٍ شُغِلَا
أَوْ شُرْبٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ أَدْعِيَهْ ... أَوْ ذِكْرٍ أَوْ فِي خُطْبَةٍ أَوْ تَلْبِيَهْ
أَوْ فِي قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ ... أَوْ فِي إقَامَةٍ أَوْ الْآذَانِ
أَوْ سَلَّمَ الطِّفْلُ أَوْ السَّكْرَانُ ... أَوْ شَابَّةٌ يُخْشَى بِهَا افْتِتَانٌ
أَوْ فَاسِقٌ أَوْ نَاعِسٌ أَوْ نَائِمٌ ... أَوْ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَوْ تَحَاكُمٍ
أَوْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ أَوْ مَجْنُونًا ... فَوَاحِدٌ مِنْ بَعْدِهَا عِشْرُونَا.
(قَوْله بِجَزْمِ الْمِيمِ) كَأَنَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَفَعَ الْمِيمَ بِلَا تَنْوِينٍ وَلَا تَعْرِيفٍ كَانَ كَجَزْمِ الْمِيمِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ أَيْضًا. اهـ. ح. قُلْت: وَقَدْ سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ سَلَامُ عَلَيْكُمْ بِلَا تَنْوِينٍ، وَخَرَّجَهُ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ عَلَى حَذْفِ أَلْ أَوْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ سَلَامُ اللَّهِ لَكِنْ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَفْظُ السَّلَامِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِالتَّنْوِينِ، وَبِدُونِ هَذَيْنِ كَمَا يَقُولُ الْجُهَّالُ لَا يَكُونُ سَلَامًا اهـ وَذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ دُعَاءٌ لَا تَحِيَّةَ وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّةَ أَبْحَاثِ السَّلَامِ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ
(قَوْلُهُ وَالتَّنَحْنُحُ) هُوَ أَنْ يَقُولَ أَحْ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِحَرْفَيْنِ) يُعْلَمُ حُكْمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا بِالْأَوْلَى، لَكِنْ يُوهِمُ أَنَّ الزَّائِدَ لَوْ كَانَ بِعُذْرٍ يُفْسِدُ، وَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ مَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُحِيطِ، مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ بَلْ لِإِصْلَاحِ الْحَلْقِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْقِرَاءَةِ إنْ ظَهَرَ لَهُ حُرُوفٌ